كورونا يدخل مستشفيات لبنان إلى العناية الفائقة

  • 2020-03-18
  • 08:50

كورونا يدخل مستشفيات لبنان إلى العناية الفائقة

  • رانيا غانم

في الوقت الذي كان القطاع الاستشفائي في لبنان يلفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة تراكم مشكلات مالية متجذرة منذ سنوات، جاءت أزمة فيروس كورونا المستجد لتعمق المشكلة وتدق ناقوس الخطر. 

على مدى الأشهر الماضية، رفعت المستشفيات الصوت عالياً مراراً للمطالبة بمستحقاتها المالية نتيجة تخلف الحكومة عن تسديد فواتير تقدر قيمتها بنحو 1.3 مليار دولار، وقد أدى هذا الواقع الذي ترافق مع أزمة الدولار وارتفاع سعره مقابل الليرة اللبنانية، إلى تقلص قدرة المستشفيات على شراء المستلزمات الطبية، ولا سيما في ظل توجه المصارف إلى تقليص خطوطها الائتمانية.

تقدر قيمة المستلزمات الطبية المستوردة إلى لبنان بنحو 250 مليون دولار سنوياً، وفقاً لتجمع مستوردي المستلزمات والأدوات الطبية. لكن بسبب أزمة الدولار لم يتم استيراد سوى ثمانية في المئة منها منذ أيلول/سبتمبر الماضي، علماً أن مصرف لبنان كان قد أصدر قراراً يضمن إمداد الموردين الطبيين بنسبة 50 في المئة من الدولار الذين يحتاجون إليه بالسعر الرسمي، على أن يتحملوا الخمسين في المئة المتبقية بسعر الدولار في السوق. لكن مصرف لبنان لم يف بالتزاماته، بحسب سلمى عاصي، نقيبة تجمع مستوردي المستلزمات والأدوات الطبية في لبنان، ما أدى إلى نقص هائل في الإمدادات الطبية. وتضيف: "كررنا المطالبات أخيراً مع ارتفاع المخاوف من تفشي فيروس كورونا، وقد تلقينا وعداً من مصرف لبنان لتحويل الأموال في اليومين الماضيين، لكن مطلبنا لم يلق آذاناً صاغية للأسف".

ناقوس الخطر يدق

وينبئ هذا الواقع بخطر داهم يحدق بالمستشفيات والمرضى ولا سيما في حال تصاعدت وتيرة تفشي الفيروس وارتفعت الحاجة إلى تلك المستلزمات. وتشير عاصي إلى نفاذ مخزون الشركات الموردة التي يبلغ عددها 75 شركة من معظم المستلزمات التي تشمل أجهزة التنفس الاصطناعي والأنابيب والفلاتر والمستلزمات الوقائية للطاقم الطبي بما فيها الملابس الوقائية والكمامات والقفازات والأحذية فضلاً عن المعقمات والمطهرات الخاصة بالمستشفيات، موضحة أن شركتين أو ثلاث فقط استمرت بتسليمهم المستلزمات الطبية في الفترة الأخيرة.

فكيف يمكن للمستشفيات احتواء أزمة وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها أسوأ أزمة صحية في التاريخ؟ يجيب سليمان هارون، نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان بالقول:"الوضع سيئ جداً، والمستشفيات تحارب باللحم الحي". ففي الوقت الذي تخصص فيه بلدان العالم ميزانيات بمليارات الدولارات لمواجهة كورونا، اتخذت الحكومة اللبنانية مبادرات خجولة لم تتعد تخصيص 39 مليون دولار لتجهيز تسع مستشفيات حكومية بأجنحة خاصة لمرضى الكورونا. بينما اتخذت المستشفيات الخاصة الجامعية المبادرة وبدأت بتجهيز أجنحة خاصة معزولة لاستقبال مرضى كورونا. لكن هذه الجهود بحسب هارون، تأخذ وقتاً طويلاً وتحتاج إلى طاقم من أطباء وممرضين لتشغليها، لافتاً الانتباه إلى أنه ثمة نقص هائل في عدد الممرضين والممرضات الذي لا يتجاوز ثمانية آلاف.

شح في أجهزة التنفس

وفي ما يتعلق بقدرة المستشفيات على احتواء كورونا، تشير إحصاءات نقابة المستشفيات إلى توافر 1300 غرفة للعناية الفائقة في لبنان، وثمة نقص يقدر بنحو 250 غرفة منذ ما قبل الأزمة. ويتوافر في المستشفيات 850 جهازاً للتنفس فقط، يستخدم نحو 550 جهازاً منها للمرضى العاديين، والمتوافر منها إذاً يمكن استخدامه لمرضى كورونا هو مئتا جهاز فقط، بحسب هارون. ويقول: "سنقع في مشكلة كبيرة في حال تخطى عدد الحالات المصابة بالمرض التاجي المئتين، ولا سيما أن جزءاً كبيراً من حالات مرضى كورونا يتطلب استخدام هذه الأجهزة لما يسببه من مشاكل في التنفس". لكنه في المقابل، يشيد بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة والتعبئة العامة التي أعلنتها لاحتواء المرض، لافتاً إلى أن تلك الإجراءات ستحد من انتشار الفيروس.

الحلول المطروحة للخروج من الأزمة، تتمثل بتحويل الأموال بالعملة الأجنبية إلى الشركات المزودة للمستلزمات الطبية، وفقاً لعاصي، لكنها تتخوف من عدم إمكانية الشركات من استيراد المستلزمات الطبية ولا سيما في ظل الإجراءات المتخذة لتعليق النقل البحري والجوي والتي ستعمق المشكلة. وتضيف: "لو استمع مصرف لبنان لمطالبنا لما وقعنا في هذه المشكلة".