الخليج يواجه كورونا بـ "العمل من المنزل"

  • 2020-03-17
  • 15:05

الخليج يواجه كورونا بـ "العمل من المنزل"

  • إياد ديراني

تشهد بلدان الخليج ظاهرة نقل بعض الشركات لجزء من نشاطاتها إلى أماكن إقامة موظفيها ضمن ما يُعرف بـ "العمل عن بُعد" Remote Working مع تزايد انتشار فيروس كورونا.

وبادرت بلدان خليجية عدة إلى اتخاذ إجراءات وقائية للحدّ من انتشار الوباء على صعيد القطاع العام، ربما أبرزها إعلان الحكومة الإماراتية عن تفعيل نظام "العمل عن بُعد" لبعض الفئات من الموظفين في القطاع العام لمدة أسبوعين بدأت في 15 آذار/مارس الحالي، وهي فترة قابلة للتجديد. وتزامن القرار الإماراتي مع كشف دراسة إستقصائية أن نحو 35 في المئة من الشركات الناشطة في بلدان الخليج قد تطلب من موظفيها العمل من منازلهم، وتتشكل نسبة الـ 35 في المئة ممن أطلقوا بالفعل خططاً لتنظيم العمل من المنزل بسبب الوباء ( 6في المئة) أو وافقوا على خطط للعمل من المنزل لكي يتم تنفيذها قريباً ( 5في المئة)، أو يقومون بدراسة الفكرة ( 12في المئة)، وممن سبق أن نفّذوا خطة لمزاولة الموظفين لأعمالهم من المنزل قبل انتشار الوباء ( 12في المئة). وشملت الدراسة التي أجرتها "غالف تالنت" GulfTalent 1600 مُستطلع في بلدان الخليج الستة، وضمّت رؤساء تنفيذيين ومدراء ومختصين بالموارد البشرية.   

مفهوم عمل جديد

مع أن مفهوم العمل عن بُعد ظهر منذ سنوات عديدة، إلا أنه لا يزال بالنسبة إلى جزء كبير من الشركات والمؤسسات الخليجية المحلّية ظاهرة جديدة غير مألوفة، ولهذا السبب، فقد تسبّب تسارع الأحداث المتعلقة بانتشار وباء كورونا واتخاذ قرارات مفاجأة لنقل جزء من الأعمال أو كلها إلى أماكن خارج المكتب، في حالة اضطراب في أوساط بعض الإدارات خصوصاً على المستوى التقني والتنظيمي والإداري. في المقابل، تبيّن أن الشركات الأجنبية المشمولة بالدراسة، تمكّنت من تنظيم وتنفيذ خطة "العمل عن بُعد" بيُسر وسهولة نظراً إلى جهوزيتها العالية وانخراطها في عملية "التحوّل الرقمي" Digital Transformation وكون هذا الإجراء مألوفاً لدى فرق عملها التي تعمل أصلاً عن بُعد، وتستخدم الأدوات التكنولوجية التي تتيح هذا النوع من الأعمال. أما عالمياً فتبلغ نسبة الشركات التي تسمح لموظفيها بالعمل من مكان إقامتهم وفق سلّة خيارات مختلفة نحو 56 في المئة (إحصاءات OWL labs لعام2019 ).

الجدير بالذكر، أن قرار الحكومة الإماراتية القاضي بالعمل عن بُعد، شمل الموظفات الحوامل، والأمهات اللاتي يعلن أطفالاً من الصف التاسع فما دون ولا تتطلب مهامهن الوظيفية ضرورة تواجدهن في مقر العمل، وأصحاب الهمم (ذوو الاحتياجات الخاصة)، والمصابين بأمراض مزمنة وحالات ضعف المناعة وأعراض تنفسية بالإضافة إلى الموظفين من الفئة العمرية التي تتجاوز 60 عاماً، كما لحظ القرار ضرورة اعتماد الوزارات والجهات الاتحادية على الوسائط التقنية والتكنولوجيا لعقد اجتماعاتها الداخلية والخارجية. 

البحرين أولى 

سجّلت البحرين أعلى معدل لتنفيذ خطط "العمل عن بعد" في الاستطلاع، وبلغت نسبة الشركات التي مضت في تنفيذ هذه المشاريع 38 في المئة من إجمالي المُستطلعين، فيما حلّت قطر والإمارات بعد البحرين، إذ بلغت نسبة الشركات التي نفّذت مشاريع للعمل عن بُعد 37 في المئة. أما في السعودية، فبلغت النسبة 30 في المئة، بينما سجلت الشركات في سلطنة عُمان أدنى معدل وبلغت النسبة 18 في المئة فقط. 

 

 

 

أما الشركات التي تملك نشاطات خارجية وتُخطّط لتوسيع مفهوم العمل عن بُعد في عملياتها الخارجية، فبلغت نسبتها 45 في المئة من الشركات المُستطلعة، بينما ستقوم النسبة المتبقية بتنفيذ خطط العمل عن بُعد انتقائياً في قطاعات ومهن مُحدّدة كإدارة الموارد البشرية، مع استبعاد قطاعات كالهندسة والعمليات نظراً إلى ضرورة العمل الميداني. في المقابل قال 54 في المئة من المُستطلعين إنه ليس لديهم خطط لتنفيذ برنامج "عمل عن بعد"، بينما قال 11 في المئة إن شركاتهم ليس لديها خطط على هذا الصعيد ولن تقوم بهذا النوع من الخطوات مستقبلاً.

تأثيرات على الأعمال

لم يؤد انتشار الوباء إلى تنفيذ خطط للعمل عن بُعد فحسب، إذ كشفت الشركات المُستطلعة أيضاً عن إلغاء السفر المتعلق بمهمات العمل، سواء كان السفر داخلياً أم خارجياً. وذكرت الشركات أن الطلب على منتجاتها وخدماتها انخفض خصوصاً في قطاعات مثل المناسبات وتجارة التجزئة والتعليم والضيافة. ومن المعروف أن معظم الحكومات الخليجية اتخذت قرارات لاحتواء الوباء من خلال إيقاف الأعمال في القطاعين العام والخاص وإلغاء المناسبات العامة وإغلاق الحضانات والمدارس والجامعات ومنع السفر من بعض البلدان التي تسجّل نسب انتشار مرتفعة للفيروس.

وأوضحت الشركات أنها تواجه تحديات بسبب فيروس كورونا تتمثّل بعدم قدرتها على استيراد المعدات والأجهزة والمنتجات ذات المنشأ الصيني. وقال 20 في المئة من الشركات المُستطلعة إنه يبحث عن موردين جُدد لاستبدال الموردين الصينيين، كذلك بات توظيف الأجانب غاية في الصعوبة نظراً الى قرار منع الرحلات الجوية من بعض البلدان أو بسبب إلغاء الرحلات الجوية لبعض شركات الطيران. 

في المقابل، تبيّن أن بعض الشركات لم يتأثر سلباً بتفشّي الوباء، إذ أبلغ بعض المُستطلعين عن زيادة في الطلب على خدماتهم ومنتجاتهم، ولا سيما تلك المتعلقة بقطاع الرعاية الصحية، كما أشارت شركات متخصصة في مجال محلات التجزئة والمطاعم إلى ارتفاع في الطلب عبر الإنترنت مع انخفاض في المبيعات المباشرة، لأن الزبائن يفضّلون الشراء من المنزل. وكشف عدد من خبراء الموارد البشرية المُستطلعة عن آرائهم أن الدفع بالموظفين للعمل من المنزل قد يُحدث تغيرات في كيفية إدارة الشركات لأعمالها مستقبلاً، حتى بعد انقضاء أزمة الوباء.