هل تساعد الأسعار الحالية للنفط الاقتصاد العالمي على النمو؟

  • 2020-03-13
  • 09:15

هل تساعد الأسعار الحالية للنفط الاقتصاد العالمي على النمو؟

أولية الدول المنتجة المحافظة على الحصة السوقية لا استقرار الأسعار

  • دائرة الأبحاث

يبدو أن استراتيجية الدول المنتجة للنفط تتجه حالياً إلى اتخاذ منحى مخالفاً لذلك الذي اتبعته على مدى العقد الماضي، ويتمثل بتقديم خيار المحافظة على الحصة السوقية في مقابل المحافظة على استقرار الأسعار. وهذا الاتجاه هو بعكس النهج الذي اتبعه المنتجون على مر السنوات العشر الماضية، والقاضي باعتماد سياسة مرنة في خصوص الإنتاج من ناحية رفعه أو خفضه بما يتلاءم مع حال السوق النفطية، مع الأخذ في الاعتبار كمية الإنتاج المتأتية من منافسين خارج مجموعة "أوبك +" وعلى رأسهم شركات النفط الصخري الأميركي، إضافة إلى عوامل الطلب المتغيرة.

وعلى الرغم من أن العامين الماضيين كانا قد شهدا ضغوطات كبيرة على الطلب نتيجة عوامل عدة أبرزها تباطؤ النمو الاقتصادي في عدد من الدول المستهلكة للنفط والحروب التجارية بين أكبر اقتصادات العالم وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن التعاون القائم بين "أوبك" وحليفها اللدود روسيا نجح في إبقاء سعر النفط عند مستويات مقبولة جداً بلغت في المتوسط نحو67 دولار للبرميل خلال عامي 2018 و2019. وكانت هذه الأسعار تعدّ مقبولة من قبل المنتجين والمستهلكين كونها تحقق نوعاً من التوازن بين ما يحتاجه الاقتصاد العالمي من جهة وما تحتاجه اقتصادات الدول المنتجة من جهة أخرى لتحقيق النمو المستدام.

وخلال الأسابيع الماضية، زاد تفشي فيروس كورونا ما أثّر كثيراً على الاقتصاد العالمي لا سيما على قطاعات المواصلات والشحن والصناعة التي تستهلك القسم الأكبر من النفط. ولكن، لم يترافق ذلك مع تفاهم بين أوبك وروسيا حول خفض الإنتاج وحصة كل دول من هذا الخفض، كما جرت الحال سابقاً. لا بل انتقل المنتجون إلى وضعيات هجومية تقضي بزيادة الانتاج وتحول التنسيق إلى صراع حول المحافظة على الحصة السوقية، مع إعلان كل من موسكو والرياض وأبو ظبي رفع الإنتاج إلى مستويات قياسية. الأمر الذي أدى إلى انخفاض سعر النفط إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات.

إن الخوف الأساسي من تراجع أسعار النفط حالياً هو استمرارها لمدة طويلة قد تتخطى بضعة أسابيع أو شهور قليلة بخلاف ما حصل بين كانون الأول/ديسمبر 2015 وشباط/فبراير 2016. فالقرار الروسي الأخير بعدم خفض الإنتاج كان غير متوقع وخالف النمط السائد خلال الأعوام الماضية، وهو جاء في وقت تزداد فيه الضبابية حول الطلب على النفط خصوصاً مع ازدياد الإجراءات الوقائية التي لجأت إليها الدول للحد من انتشار فيروس كورونا، وقد طالت تلك الإجراءات القطاعات الحيوية على تنوعها وكان أبرزها منع السفر والإقفال الجزئي أو الكلي لمؤسسات القطاعات العامة والخاصة، وهذا أفضى، بطريقة أو بأخرى، إلى تراجع الطلب على النفط. وقد فرضت هذه التطورات على الدول المصدرة للنفط، في ظل تراجع الإيرادات، إلى إعادة النظر بخصوص بعض المشاريع الاستثمارية المزمع تنفيذها بهدف الحد من العجز في ميزانياتها، وهنا تبرز أهمية الاستراتيجية التي اعتمدها بعض الدول مثل السعودية وسلطنة عمان بالاتجاه أكثر وأكثر إلى تنويع الاقتصاد لإيجاد مصادر دخل مستدامة لا تعتمد على النفط فقط.

لكن في مقابل ما تقدّم، ثمة من يرى من اللاعبين الكبار أن الأسعار المنخفضة للنفط قد تساهم في زيادة الطلب على الاستهلاك العالمي، كما قد تساعد في خفض تكلفة الانتاج لقطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والشحن، وهذا بدوره قد يدفع عجلة الاقتصاد العالمي إلى النمو خصوصاً في حال نجاح العالم في القضاء على فيروس كورونا.