الأندية الرياضية العالمية: قرارات عقلانية بمواجهة كورونا

  • 2020-03-04
  • 06:36

الأندية الرياضية العالمية: قرارات عقلانية بمواجهة كورونا

  • رانيا غانم

يثير انتشار فيروس كورونا في مختلف أرجاء العالم قلق الشركات المنظمة للمؤتمرات والمعارض التي عمد معظمها إلى إلغاء المعارض المقررة أو تأجيلها حتى إشعار آخر، لا سيما مع اقتراب عدد الإصابات من عتبة المئة ألف وتخطي عدد الضحايا الثلاثة آلاف. ولم تقتصر عمليات الإلغاء عند هذا الحد، إذ  قررت المملكة العربية السعودية تعليق الدخول إلى أراضيها لغرض أداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتا، فضلاً عن تعليق دخول حاملي التأشيرات السياحية القادمين من دول يشكل فيروس كورونا خطرًا فيها.

وفي ظل هذه الهجمة "الفيروسية"، احتلت حماية وسلامة العارضين والزائرين، الأولوية بالنسبة إلى منظمي المعارض والمؤتمرات من دون أن يقيموا وزناً للخسائر الاقتصادية والمالية التي قد يتكبدونها.

الوقاية خير من قنطار أرباح

مع تزايد انتشار فيروس كورونا، وارتفاع حدة مخاطره، عمدت شركات ومنظمات متخصصة في المؤتمرات والمعارض، إلى إلغاء فعالياتها المحددة سلفاً غير آبهة بالخسائر التي قد تتكبدها. وعلى الرغم من إصرار منظمة الصحة العالمية على أن كورونا ليس وباءً بعد، فإن المخاوف من تحوله إلى ذلك قد دفعت المنظمين إلى إلغاء المؤتمرات والمعارض والمهرجانات العالمية الكبرى في كل صناعة، من الأزياء إلى التكنولوجيا والتصميم والضيافة، على غرار مؤتمر الشعب الوطني في الصين ومهرجان أزاليا في اليابان وأسبوع سيرا للطاقة في هيوستن الذي يعتبر التجمع الأكبر لكبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الطاقة، فضلاً عن أسبوع الأزياء العالمي في شنغهاي وطوكيو وبكين. وأعلنت الإمارات عن إلغاء أو تأجيل جميع الحفلات والمناسبات الرياضية والفنية تحسباً من فيروس كورونا.

كما اتخذت إدارة GSMA التي تنظّم معرض "موبايل وورلد كونغرس" MWC قرارها الصعب المُتوقع، وألغت دورة عام 2020 من أكبر معرض اتصالات في العالم، والذي يشارك فيه نحو 2800 عارض وما يزيد عن 100 ألف شخص. وألغت فيسبوك مؤتمرها العالمي للتسويق حذراً من تفشي فيروس كورونا، المقرر عقده في آذار/مارس في مركز موسكون في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، وكان من المتوقع حضور أربعة آلاف شخص. وقال أحد المتحدثين باسم فيسبوك في بيان "أولويتنا هي صحة وسلامة فرقنا، لذا، بدافع من الحذر الشديد، ألغينا قمة التسويق العالمية الخاصة بنا بسبب مخاطر الصحة العامة الناشئة المتعلقة بفيروس كورونا". وقبل خمسة أيام من انطلاق معرض "بورصة برلين للسياحة الدولية" المعروف اختصاراً باسم (ITB Berlin)، قرر منظموه إلغائه بسبب فيروس كورونا. ويعتبر معرض برلين للسياحة الدولية أكبر معرض للسياحة في العالم، يشارك فيه أكثر من 10 آلاف عارض، يأتون من أكثر من 180 دولة، وفرصة ينتظرها منظمو السياحة والسفر في العالم لعقد الصفقات وإجراء التعاقدات للموسم السياحي الجديد. وكان من المفترض أن يفتح المعرض أبوابه في 4 آذار/مارس وحتى 8 منه. وقال رئيس المعرض كريستيان غوكه إن الشروط الرسمية لإقامة المعرض تم تشديدها لدرجة لا يمكن تطبيقها. 

إن عمليات الإلغاء هذه دفعت الرابطة العالمية لصناعة المعارض UFI للتعبير عن قلقها في شأن تأثير الفيروس على المعارض والمؤتمرات التجارية المستقبلية وتوقعت أن يتم إلغاء العروض خلال شهر آذار/مارس، لا سيما تلك التي تحظى بمشاركة صينية عالية. فالأمر لم يعد مجرد كابوس مكلف بل تحوّل إلى خسارة كبيرة للصناعات التي يمثلونها والمنظمون والمشاركون، ويضيف عبئاً إضافياً إلى العبء الذي يسببه فيروس كورونا في الاقتصاد العالمي.

حظر للأحداث الكبرى

ولم تقتصر الاجراءات "الإلغائية" على الشركات والهيئات المنظمة، إذ كان للسلطات الرسمية في عدد من الدول إجراءاتها، إذ حظرت السلطات الفدرالية والمحلية في الاتحاد السويسري حظر جميع الأحداث الكبرى الخاصة والعامة، وذلك بسبب الهواجس المرتبطة بفيروس كورونا. وأعلنت إدارة معرض عالم بازل Baselwolrd عن تأجيل المعرض إلى 28 كانون الثاني/يناير ولغاية 2 شباط/فبراير 2021. وألغي معرض جنيف للسيارات الملتقى السنوي الرئيسي في القطاع الذي يستقطب أكثر من 600 ألف زائر على مدى عشرة أيام كل عام في آذار، علماً أن المنظمين كان قد أشاروا إلى أنهم لن يلغوا الحدث إلا في حال طلبت السلطات ذلك. كان من المقرر أن تشارك 150 جهة عرض في معرض جنيف الدولي للسيارات بين 5 آذار/مارس و15 منه. ستتم إعادة ثمن البطاقات المباعة لهذا الحدث لكن لن تسترد أي أموال للعارضين، وهذا يشكل قوة قاهرة وضربة قاسية للعارضين الذين استثمروا مبالغ طائلة للحضور في جنيف. ولم تقتصر خيبة الأمل على محبي السيارات، إذ أن الرابطة السويسرية لكرة القدم قررت بدورها إرجاء اللقاءات الرياضية إلى أجل غير مسمى. أما مباريات الهوكي فستقام من دون جمهور. وألغت سويسرا كل الأحداث العامة أو الخاصة الكبرى، بما يشمل اللقاءات الرياضية والكرنفالات بسبب كورونا، حيث سجل نحو 15 إصابة بفيروس كورونا المستجد الذي أثر بوضوح على عجلة الحياة في البلاد.

منظمون تحدوا كورونا

في مقابل هذه التوجهات لإلغاء المعارض، ثمة شريحة من المنظمين لم تهب فيروس كورونا، وقررت المضي قدماً في عقد المعارض المقررة ومتخذة تدابير السلامة العامة مثل سياسة عدم الاتصال للحاضرين. وقد انعقد معرض سنغافورة للطيران الأسبوع الماضي على الرغم من أن البنتاغون الأمريكي خفض وفده وانسحبت شركة الدفاع الأمريكية لوكهيد مارتن بالكامل. وقد انطلق مؤخراً معرض الشرق الأوسط للطاقة والمؤتمرات التفصيلية في مركز دبي التجاري العالمي الذي تستضيفه وزارة الطاقة ويستقبل أكثر من 1100 جهة عارضة تمثل أكثر من 130 دولة.

 

بروح رياضية يقاومون كورونا

وعلى الرغم من الهلع الذي يلف العالم حول المرض التاجي، إلا أن الأندية الرياضية العالمية تتخذ قرارات أكثر عقلانية وتمضي قدماً في إقامة مبارياتها خوفاً من انعكاسات لا تحمد عقباها على قطاع يدر مليارات الدولارات سنوياً. لم تتخذ الحكومة البريطانية أي قرار لإلغاء المسابقات الرياضية في المملكة المتحدة، بالرغم من أن الفيروس حصد 40 إصابة حتى الآن، ويقام حالياً الدوري الإنجليزي Premier League)). ويجري في هذا الوقت أيضاً الدوري الإيطالي، على الرغم من وجود أكثر من 1700 حالة إصابة بالفيروس في إيطاليا فضلاً عن وفاة 34 شخصاً. ويقام حالياً أيضاً الدوري الإسباني (El Clasico)، علماً أن عدد الإصابات بفيروس كورونا قد بلغ 125 حالة في إسبانيا. وتجري La Liga محادثات مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم UEFA حول هذه القضية بعد تعليق العديد من المباريات في إيطاليا نهاية الأسبوع الماضي. وأشار الاتحاد إلى إمكانية إجراء المباريات خلف أبواب مغلقة، لافتة إلى أنه إذا لم يكن ذلك ممكنًا فستؤجل إلى تواريخ أخرى. ولم تلغ حتى الآن الألعاب الأولمبية للعام 2020 التي ستقام في طوكيو بالرغم من أن المعنيين في هذا القطاع وصفوا الفيروس بأنه الحرب الجديدة التي تهدد طوكيو.

تماشياً مع تلك القرارات وتفادياً لأي مشاكل قد تنجم عنها وتعرض الفرق والمدربين والحاضرين للخطر، اتخذ بعض الأندية إجراءات وقائية لضمان سلامة لاعبيها.  وعمد الفريق البلغاري إلى ارتداء الكمامات والقفازات البلاستكية. ومنع فريق نيوكاسل لاعبيه من مصافحة بعضهم والمدربين تخوفاً من الفيروس. في حين أن الدوري الإنجليزي أعلن أن ليس لديه أي خطة لمنع اللاعبين من مصافحة بعضهم قبل وبعد المباريات. وأصدرت الحكومة الإيطالية مرسوماً يقضي بأن تجري مباريات دوري الدرجة الأولى الإيطالية خلف أبواب مغلقة. وأجمع مشجعو كرة القدم على أنهم سيستمرون في الذهاب إلى المباريات في حال قيل لهم إنها آمنة، لكن سيرتدي الكثير منهم الكمامات. وعمد الدوري الإيطالي إلى تعليق أكثر من 11 مباريات، علماً أنه يجب الانتهاء من جميع المباريات قبل 24 أيار/مايو وقبل البدء بمباريات بطولة أوروبا. ولكن تساؤلات عدة تطرح حول إمكانية تحمل الأندية الرياضية تبعات قراراتها باللعب خلف أبواب مغلقة، لا سيما أن مليارات الدولارات تستثمر في الأندية من قبل دور وصناديق سيادية، وينتظر هؤلاء القيمة المضافة التي سيجنونها من تلك الاستثمارات.