ماكرون وماسك في مواجهة الإعانات الأميركية والحوافز الضريبية

  • 2023-05-16
  • 11:32

ماكرون وماسك في مواجهة الإعانات الأميركية والحوافز الضريبية

أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محادثات مع رئيس شركات "تيسلا" و"تويتر" و"سبايس إكس" إيلون ماسك في باريس، وذلك في إطار مساعيه لمواجهة الإعانات الأميركية والحوافز الضريبية التي يعتبرها المسؤولون الأوروبيون أنها تخاطر بإغراء الاستثمار في البطاريات وغيرها من التقنيات المحورية في تحول الطاقة.

وبعد اللقاء، قال ماسك إنه معجب جداً بالرئيس الفرنسي، مبدياً ثقته من أن "تسلا" ستقوم باستثمارات كبيرة في فرنسا في المستقبل.

القطب الثالث

تأتي هذه الخطوة في وقت يسعى فيه ماكرون لجعل الاتحاد الأوروبي "القطب الثالث" القادر على مواجهة القوى الاقتصادية والعسكرية العظمى للولايات المتحدة والصين، حيث يرى ماكرون إنه فقط من خلال تطوير سياسته الصناعية الخاصة وقوته العسكرية، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يصبح مستقلاً بما يكفي عن الولايات المتحدة لتحديد مصيره.

 

طموحات يعارضها الواقع الأوروبي

 

وعلى الرغم من ذلك، تتعارض طموحات الفرنسي لأوروبا مع الحقائق الجيوسياسية الصعبة، حيث ترك الغزو الروسي لأوكرانيا القارة العجوز تعتمد على شحنات الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة لتعويض جزئياً إدمانها لعقود طويلة على الوقود المنخفض السعر من روسيا. وتقوم واشنطن بإرسال أسلحة بمليارات الدولارات لدعم المجهود الحربي لأوكرانيا.

وخلال الشهر الماضي، وصل ماكرون في حالة غليان مع حلفائه عندما سافر إلى الصين لإجراء محادثات مع نظيره شي جين بينغ ودعا أوروبا إلى تطوير استقلال ذاتي استراتيجي عن واشنطن. وقال ماكرون للصحفيين على متن طائرته، مستمداً من تلميحات من الولايات المتحدة في شأن التوترات بين تايوان والصين، إنه سيكون أسوأ شيء بالنسبة لأوروبا.

كما كان ماكرون صريحاً في تحذيره من تأثير قانون خفض التضخم لإدارة بايدن على الصناعة الأوروبية. وعززت شركات تصنيع السيارات والبطاريات خططها لبناء مصانع في الولايات المتحدة لتكون قادرة على جني الأموال من الإعانات التي ينص عليها القانون. ويتضمن القانون الحد الأدنى من قواعد المحتوى المحلي للتأهل للحصول على الحوافز، وإعادة تشكيل صناعة السيارات الكهربائية من خلال دفع الشركات التي تتسابق لتأمين مصادر للبطاريات ومكوناتها من الولايات المتحدة.

 

لومير حذر

 

وفي السياق ذاته، كان وزير المالية الفرنسي برونو لو مير حذر عندما سُئل عما إذا كان الهدف من المحادثات مع ماسك هو أن تقوم "تسلا" ببناء مصنع سيارات مثل مصنعها القائم بالقرب من برلين، حيث قال إنه "إذا أردنا أن تنجح هذه المناقشات، فمن الأفضل أن تظل سرية".

وقالت متحدثة باسم الوزارة، إنه في اجتماعه الخاص مع ماسك، سلط لو مير الضوء على الحوافز التي يتم وضعها لجذب "الصناعة الخضراء" للتنافس مع الولايات المتحدة، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية الجديدة للسيارات الكهربائية.

وأضاف لومير أنه "لجذب المستثمرين، يضع الجميع المال العام على الطاولة. والولايات المتحدة تفعل ذلك. الصين تفعل ذلك" وأكد أنه " حان الوقت لأن يفعل الاتحاد الأوروبي ذلك أيضاً".

 

تكلفة الإعانات الأميركية على أوروبا

 

وقد تكلف الإعانات الأميركية الجديدة القارة الأوروبية ما يصل إلى ثلثي السعة المخططة من عشرات المصانع الضخمة للبطاريات التي كان من المقرر بناؤها في أوروبا بحلول العام 2030، وفقاً لتقرير صادر عن مجموعة الضغط الأوروبية للنقل والبيئة، ويشير التقرير إلى أن ألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة من بين الدول التي لديها أكثر المشاريع المعرضة للخطر.

 

شركات سيارات عالمية نحو أميركا

 

في الشهر الماضي، قالت كل من "جنرال موتورز" و"هيونداي" إنهما تعملان مع مصنّعي البطاريات الكوريين لبناء مصانع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مصنع مقره في جورجيا، بإجمالي استثمارات تبلغ 8 مليارات دولار. وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق أن "ستيلانتيس" و"بي إم دبليو" تجريان أيضاً محادثات مع "باناسونيك" للاستثمار في مصانع بطاريات مقرها الولايات المتحدة.

وتشترك "تسلا" في مصنع مع شركة "باناسونيك" في نيفادا، حيث تصنّع الشركة اليابانية الخلايا التي تصنعها "تسلا" في حزم بطاريات لسياراتها. وكانت الشركة قد وضعت خططاً لتصنيع خلايا بطاريات في مصنعها الكبير في برلين، لكنها أوقفت هذه الخطط مؤقتاً للتركيز على البحث عن حوافز أميركية.

وفي فرنسا، بذلت الحكومة جهوداً لجذب المصنعين لما يسميه المسؤولون "باتري فالي" في شمال البلاد. قالت شركة "ProLogium "، وهي صانع لبطاريات السيارات الكهربائية ومقرها تايوان، إنها ستستثمر 5.2 مليارات يورو (5.6 مليارات دولار) لبناء مصنع كبير للبطاريات ومركز أبحاث في ميناء دونكيرك. وقالت الشركة إنها ستبدأ بناء المصنع في النصف الثاني من العام 2024 وتوظف 3000 شخص في المنطقة بحلول العام 2030.

تجدر الإشارة إلى أن ماكرون تعرض لضغوط في الداخل لطي صفحة أشهر من الاحتجاجات ضد قراره رفع سن التقاعد. في مقابلة تلفزيونية يوم أمس الاثنين، تعهد بتخفيضات ضريبية بقيمة 2 مليار يورو لأسر الطبقة المتوسطة.