قطار بكين السريع: اتصال شي وبن سلمان واتفاق الرياض وطهران

  • 2023-03-30
  • 11:40

قطار بكين السريع: اتصال شي وبن سلمان واتفاق الرياض وطهران

  • أحمد عياش

الاتصال الهاتفي الذي اجراه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الثلاثاء في 28 آذار/مارس الحالي، هو الأول من نوعه بعد رعاية بكين للاتفاق بين الرياض وطهران في العاشر من الشهر نفسه. ونبأ الاتصال، كما صدر في المملكة والصين في وقت واحد، أشار الى العزم على "دعم محادثات المتابعة بين السعودية وإيران"، كما ذكرت قناة "سي.سي.تي.في" الصينية الرسمية، كما "أعربَ ولي العهد السعودي، عن " تقدير بلاده للمبادرة الصينية، لدعم جهود تطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة وإيران،" وفق ما جرى إعلانه رسمياً في الرياض.

 

إقرأ ايضاً:

أوبك والولايات المتحدة وثمار الاتفاق السعودي الإيراني

     

     

     

    إذاً، جاء الاتصال الهاتفي بين الرياض وبكين، ليؤكد أن ما بدأ قبل 18 يوماً من مكالمة ولي العهد السعودي والرئيس الصيني، ينطلق الى الامام على مستويات عدة  في إطار "العلاقات الاستراتيجية" بين السعودية والصين، على حد وصف وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وقال شي "إن البلدين سيدعمان بعضهما البعض بقوة في القضايا التي تتعلق بمصالحهما الجوهرية، وسيقدمان المزيد من الإسهامات لتعزيز السلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط،" حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية.

    من تباشير "العلاقات الاستراتيجية" المشار اليها آنفاً، كما ذكرت وكالة رويترز، هو قيام  شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية قبل أيام بالاعلان عن تملك حصة 10 في المئة من شركة رونغ شنغ للبتروكيماويات مقابل 3.6 مليارات دولار تقريباً مع اتفاق بتزويد نفط خام لشركة زيجيانغ للبتروكيماويات التي تسيطر عليه رونغ شانغ والتي سبق ان تملكت فيها أرامكو حصة 9 في المئة في العام 2018، وتعتبر هاتان الصفقتان الأكبر التي يتم الإعلان عنها منذ زيارة شي للمملكة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث حضر قمة مع زعماء دول الخليج العربية. وجاء القرار بعد إعلان أرامكو وضع اللمسات الأخيرة على مشروع مشترك مخطط له في شمال شرقي الصين لإقامة مصفاة ومصنع بتروكيماويات يتوقع دخوله حيّز التشغيل في العام 2026.

    ومن هذه التباشير أيضاً، غداة الاتصال بين الزعيميّن الصيني والسعودي، موافقة مجلس الوزراء السعودي على قرار الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون. ووافقت السعودية على مذكرة بشأن منح المملكة صفة شريك الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، التي هي اتحاد سياسي وأمني لدول تغطي معظم أوراسيا، بما في ذلك الصين والهند وروسيا. وتشكلت الهيئة في العام 2001 من قبل روسيا والصين ودول الاتحاد السوفياتي السابق في آسيا الوسطى وتمّ توسيعها لتشمل الهند وباكستان. وقد تمت مناقشة الانضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون خلال زيارة قام بها الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية نهاية العام الماضي، حسبما ذكرت مصادر لرويترز التي اشارت ايضاً الى "أن وضع شريك الحوار سيكون خطوة أولى داخل المنظمة قبل منح المملكة العضوية الكاملة في منتصف المدة".

     

     

    قد يهمك:

    الاتفاق السعودي الإيراني: لكي ينتج الشرق الأوسط الطاقة وتصديرها بسلام

       

       

      بالعودة الى قرار أرامكو، قال الرئيس التنفيذي للشركة أمين ناصر في تصريحات أدلى بها أمام منتدى في بكين إن شركة النفط السعودية اكدت دعمها لأمن الطاقة والتنمية في الصين على المدى الطويل. وأضاف الناصر أن الشركة لديها شراكات وتقنيات لخفض الانبعاثات مع الصين لصنع منتجات منخفضة الكربون. وستشهد الصفقتان، اللتان تم الإعلان عنهما بشكل منفصل، تزويد أرامكو الشركتين الصينيتين بكمية إجمالية تبلغ 690 ألف برميل يومياً من النفط الخام، ما يعزز مكانتها كأكبر مزود للصين للسلعة. وقالت أرامكو إنها وافقت على الاستحواذ على حصة 10 في المئة في شركة رونغشينج للبتروكيماويات المحدودة (002493.SZ) التي يسيطر عليها القطاع الخاص مقابل نحو 3.6 مليارات دولار. وأضافت أرامكو أن الصفقة تشمل توريد 480 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة تشجيانغ للبتروكيماويات التي تسيطر عليها رونغشنغ لمدة 20 عاماً.

      وتبيع أرامكو بالفعل الخام إلى مصنع شرق الصين الذي يدير مصفاة بطاقة 800 ألف برميل يومياً، وهي الأكبر في الصين، بموجب اتفاقات بيع تجدد سنوياً.

      في وقت سابق من هذا الشهر، وضعت أرامكو السعودية أيضاً حجر الأساس لمشروع بقيمة 7 مليارات دولار لإنتاج البتروكيماويات من النفط الخام في مجمع التكرير التابع لشركة S-Oil Corp 010950.KS التابعة لها في  كوريا الجنوبية في مدينة أولسان الساحلية.

      في موازاة هذا الانفتاح شرقاً، كان هناك انفتاح مواز للمملكة العربية الشرقية غرباً. فقد قالت شركة بوينغ في 14 آذار/ مارس، إنها حصلت على طلبيات لعشرات طائرات 787 دريملاينر مع شركتي طيران سعوديتين، ما يوفر دفعة للطائرة، التي واجهت تأخيرات طويلة في التسليم منذ أواخر العام 2020.

      واوضحت بوينغ أن الرياض، وهي شركة طيران جديدة مملوكة لصندوق الثروة السيادية السعودي، والخطوط الجوية السعودية، المملوكة أيضاً للحكومة، ستشتري كل منهما 39 طائرة. معاً، تبلغ قيمة الطلبات عشرات المليارات من الدولارات، على الرغم من أن الطلبات الكبيرة عادة ما تكون مخفضة بشكل كبير. وتأتي هذه الصفقات في إطار جهود السعودية لتصبح مركزاً عالمياً للطيران والسياحة وفق رؤية 2030.

       

      يمكنك المتابعة:

      الاتفاق الصيني السعودي الإيراني يخلط الأوراق في المنطقة

       

      في العودة الى صورة التطور الاستراتيجي شرقاً، يقول حمد الماجد عضو الجمعيّة الوطنيّة لحقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة مركز الملك عبدالله العالمي لحوار الأديان والحضارات – فيينا: "التقت مصالح الدول الثلاث، السعودية والصين وإيران، في إعادة العلاقات الدبلوماسية، السعودية تؤمن أن التوترات الأمنية هي الخصم اللدود للنهضة التنموية المنشودة، والصين ترى أن التوترات الأمنية بين الدول المحورية في منطقة الشرق الأوسط هي المهدد الأكبر لاقتصادها، كون السعودية وإيران هما الدولتان الأهم اللتان تضخان الطاقة في شرايين الاقتصاد الصيني، وإيران تعد الاتفاق مع السعودية طوق نجاة لأوضاعها الاقتصادية المتدهورة".

      أما سمير عطالله الكاتب في صحيفة الشرق الأوسط، فيقول: "القطار الآسيوي يسير سريعاً، ويصفّر عالياً، ولا يتوقف. والقاطرة هي الصين. مليار ونصف مليار بشري يخرجون من القمقم دفعة واحدة، ليس كقوة كبرى تبحث عن مكانها في السباق، وإنما كدولة داعية للسلام، ووسيط يضع وزنه الدولي في خدمة الأفرقاء جميعاً. النظام العالمي الجديد ترتسم ركنياته في آسيا الكبرى. صورة لم تكن في المتخيل السياسي: الرياض تضع كل حيويتها ورؤيتها في الميزان العالمي، والشراكة مع الجميع. ولو في الصين".

      ما ذكره عطالله عن "القطار الاسيوي السريع" يعيد الى الأذهان، قطار الشرق السريع الذي أُنشئ العام 1883، لنقل المسافرين لمسافات طويلة. وهذا القطار عَمِلَ للمرة الأخيرة يوم الجمعة 8 حزيران 2007 يونيو 2007. وعلى مدى تاريخه المديد، كان القطار ملهماً للكاتبة الإنكليزية أغاتا كريستي التي وضعت روايتها الأشهر (جريمة في قطار الشرق السريع  Murder on the Orient Express) العام 1934.

      نحن اليوم امام قطار انطلق في بكين في العاشر من آذار/ مارس 2023 وقد بدأ يمضي سريعاً على طريق طويل من أعماق آسيا الى طرفها الغربي ملامساً سائر القارات التي تستمع الى صافراته الآن بكل انتباه.