"أسبوع أبوظبي للاستدامة": بوابة الإمارات إلى مؤتمر "COP28"

  • 2023-01-15
  • 10:30

"أسبوع أبوظبي للاستدامة": بوابة الإمارات إلى مؤتمر "COP28"

  • أبوظبي - كريستي قهوجي

انطلقت يوم أمس السبت فعاليات "أسبوع أبوظبي للاستدامة" في العاصمة الإماراتية تحت عنوان "معاً لتعزيز العمل المناخي وصولاً إلى مؤتمر COP28" والتي تستمر من 14 كانون الثاني/يناير حتى 19 منه والتي تستضيفه شركة "مصدر"، ويعتبر "أسبوع أبوظبي للاستدامة" مبادرة عالمية تهدف إلى تسريع التنمية المستدامة ودفع التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ويعدّ أحد أكبر أحداث الاستدامة في العالم، ويؤكد التزام دولة الإمارات الطويل الأمد بالعمل المناخي.

وسيعزز هذا الحدث الحوار العالمي في شأن المناخ من خلال البناء على نتائج مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP27" الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية خلال العام الماضي والذي سيكون بمثابة بوابة لمؤتمر "COP28" الذي تستعد دولة الإمارات لاستضافته خلال الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 12 كانون الأول/ديسمبر 2023 برئاسة وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، رئيس مجلس إدارة شركة "مصدر" سلطان أحمد الجابر. وسيشهد مؤتمر "COP28" إجراء أول مراجعة عالمية لاتفاقية باريس للمناخ، وسيتم تقييم مدى التقدم الذي أحرزته الدول في إطار خططها المناخية الوطنية.

ويتضمن "أسبوع أبوظبي للاستدامة" عدداً من الفعاليات والمؤتمرات الدولية والمعارض المرافقة والتي ستلقي الضوء على أبرز القضايا والحلول والتحديات في مجال الاستدامة، ومن أبرزها الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا"، ومنتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، وقمة أسبوع أبوظبي للاستدامة، والقمة العالمية لطاقة المستقبل، ومؤتمر الهيدروجين الأخضر وغيرها، وسيجمع عدداً كبيراً من رؤساء الدول وصانعي السياسات وقادة ورواد الأعمال  من مختلف دول العالم لمناقشة أبرز القضايا الملحّة والفرص التي تسهم في تحفيز الجهود العالمية لتحقيق الحياد المناخي.

الجابر في "منتدى الطاقة العالمي": الإمارات ستساهم بتحقيق الطموحات العالمية وتسريع العمل المناخي

وفي هذا السياق، أكد وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان أحمد الجابر أهمية تطبيق نهج شامل وعملي يؤدي إلى تسريع مسارات مواجهة تداعيات تغير المناخ وتحقيق تحول جذري في آليات العمل المناخي.

جاء ذلك في كلمة لـ الجابر في الجلسة الافتتاحية لـ"منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي" بعد تكليفه بمهمة الرئيس المعين لمؤتمر "COP28"، في حضور وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل المزروعي والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون المناخ ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ووزير الطاقة القطري العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة "قطر للطاقة" سعد بن شريدة الكعبي ورئيس دائرة الطاقة في أبوظبي عويضة مرشد المرر والرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي فريدريك كيمب وعدد من المسؤولين وقادة قطاع الطاقة والمناخ حول العالم.

وأضاف الجابر أن دولة الإمارات تتعامل بمسؤولية وإدراك كامل لأهمية استضافتها لمؤتمر الأطراف "COP28" وأنها ستركز على المساهمة في تحقيق الطموحات العالمية وتسريع العمل المناخي، مشدداً على الحاجة الملحّة لإحراز تقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس.

وبخصوص أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق باريس والتي سيشهد مؤتمر الأطراف COP28 إنجازها، قال: "لسنا بحاجة إلى انتظار هذا التقييم لكي نعرف نتائجه، فنحن بعيدون للغاية عن المسار الصحيح، والعالم لا يزال متأخراً في تنفيذ الهدف الرئيسي لاتفاق باريس، وهو تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية"، موضحاً أن تحقيق هذا الهدف، يتطلب خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 43 في المئة بحلول العام 2030.

وشدد على أنه برغم التحديات والتهديدات الواضحة الناجمة عن تغير المناخ، فهناك فوائد اقتصادية كبيرة للاستثمار في الطاقة النظيفة والعمل المناخي، مشيراً إلى قصة نجاح دولة الإمارات في النظر إلى العمل المناخي كركيزةً أساسية ضمن خططها التنموية.

ولفت النظر إلى أن دولة الإمارات التي تستضيف مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، هي أول دولة في المنطقة وقعت وصدّقت على اتفاق باريس، وقدمت مساهماتها المحددة وطنياً، ووضعت خريطة طريق لتحقيق الحياد المناخي.

وعقب إشارته إلى أن أكثر من 70 في المئة من اقتصاد الإمارات أصبح يعتمد حالياً على قطاعات غير النفط والغاز، قال الجابر: " بصفتي الرئيس التنفيذي المؤسس لشركة مصدر ورئيس مجلس إدارتها، والرئيس التنفيذي لشركة أدنوك، سأواصل العمل على تحقيق رؤية وتوجيهات القيادة لخفض انبعاثات مصادر الطاقة الحالية، مع مواصلة الاستثمار في تطوير منظومة الطاقة المستقبلية النظيفة، وسنوظف خبرتنا وطموحنا وشراكاتنا الوثيقة لإثراء النهج الذي سنتبعه في مؤتمر الأطراف "COP28".

ولفت الانتباه إلى أن الرؤية البعيدة المدى لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة هي ركيزة أساسية لريادة الإمارات الإقليمية والعالمية في العمل المناخي ودورها كداعم عالمي للطاقة النظيفة، حيث استثمرت الإمارات 50 مليار دولار في التقنيات النظيفة على مستوى العالم على مدار الـ15عاماً الماضية، وتخطط لاستثمار 50 مليار دولار إضافية في السنوات المقبلة.

وأوضح أن دولة الإمارات ستركز خلال مؤتمر الأطراف "COP28" على تحقيق تطور نوعي في منظومة العمل القائمة، وتسريع مسارات العمل لتحقيق مُستهدفات 2030، عبر شراكات وحلول ومُخرجات تساهم في إحداث نقلة نوعية إيجابية، وقال: "سنحرص على أن يكون مؤتمراً للتعاون وتضافر الجهود ومد جسور الحوار بين دول الشمال والجنوب، واحتواء القطاعين الحكومي والخاص، والمجتمع العلمي، والمجتمع المدني، والنساء، والشباب، كما نهدف أيضاً أن يكون مؤتمراً عمليّاً يسهم في اتخاذ خطوات فعلية، ويرتقي بالطموحات، وينتقل بنا من وضع الأهداف إلى تنفيذها بشأن موضوعات التخفيف، والتكيّف، والتمويل، والخسائر والأضرار".

وفي مجال التخفيف من تداعيات تغير المناخ، دعا الجابر إلى توسيع نطاق اعتماد مصادر الطاقة المتجددة والنووية والهيدروجين، وحلول التقاط الكربون وتعزيز كفاءة الطاقة، إلى جانب إنتاج النفط والغاز بأقل انبعاثات كربونية ممكنة، والاستفادة من التقنيات الجديدة.

وذكر أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية سجَّلتا نمواً قياسياً بلغ 550 جيغاواط بين عامي 2020 و2022، وأنهما في طريقهما للنمو خلال السنوات الخمس المقبلة بمعدلات تتجاوز إجمالي نسبة نموهما خلال العشرين عاماً الماضية. وقال: "بالنظر إلى تطورات الأسواق، فإننا نمر حالياً بمرحلة فاصلة من تاريخ قطاع الطاقة، فالمستقبل سيكون للنمو المنخفض الانبعاثات، لذلك، علينا الوصول إليه بشكل أسرع".

وأشار إلى حاجة العالم إلى زيادة إنتاج الطاقة المتجددة بنحو 3 أضعاف، من 8 إلى 23 تيراواط/ساعة بحلول العام 2030، وإلى زيادة إنتاج الهيدروجين المنخفض الكربون بأكثر من الضِعف ليصل إلى ما لا يقل عن 180 مليون طن وذلك لاستخدامه في القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، كما أكد على ضرورة تطوير النُظم الغذائية والزراعية بالنظر إلى أن قطاع الزراعة مسؤولٌ عن ثلث الانبعاثات العالمية.

وأكد ضرورة مواصلة التركيز على خفض الانبعاثات، وليس خفض معدلات النمو والتقدم، لافتاً إلى الحاجة إلى المزيد من الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية، وتبني حلول ذكية في استخدام المياه وإنتاج الغذاء لتحقيق الانتقال في قطاع النظم الزراعية والغذائية الحيوي، بالتوازي مع القطاعات الأخرى، وضرورة القيام بهذا في إطار زمني متسارع يستطيع تلبية الموعد النهائي الوشيك.

وفي ظل توقع بلوغ تعداد سكان العالم 9.7 مليارات إنسان بحلول العام 2050، أشار إلى ضرورة زيادة إنتاج الطاقة بنسبة 30 في المئة مقارنة بالمستويات الحالية، وضرورة توفير مصادر الطاقة الهيدروكربونية بأقل قدر ممكن من الانبعاثات طالما لا يزال العالم معتمداً عليها.

وبخصوص التكيّف، أشار إلى الحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لحماية المجتمعات الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ، والمنظومات البيئية، في مواجهة تقلبات المناخ القاسية وتدهور التنوع البيولوجي، وإلى ضمان قدرة منظومة الغذاء العالمية على الصمود في مواجهة أنماط الطقس المتقلبة التي تهدد المزارعين في أنحاء العالم.

كما أكد أهمية الاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة، مثل أشجار القرم بوصفها حلولاً فعّالة في تخزين الكربون وحماية السواحل والحفاظ على مكوّنات البيئة الطبيعية.

ودعا إلى مضاعفة التمويل المُخصص للتكيّف في دول الجنوب ليصل إلى 40 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2025، للتمكن من إنجاز هذا التقدم، كما دعا إلى تسهيل الحصول على التمويل المناخي وفق شروط مُيسَّرة.

وحول موضوع التمويل أضاف: "علينا أن نضمن أن كل دولار من التمويل المُيّسر يقابله دولاران أو ثلاثة من استثمارات القطاع الخاص. ولتحقيق ذلك، يتعين أن نستجيب لدعوة المجتمع الدولي بضرورة تطوير عمل بنوك التنمية المتعددة الأطراف والمؤسسات المالية الدولية"، لافتاً إلى أن دولة الإمارات، بصفتها رئيس لجنة التنمية التابعة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تعتزم القيام بدور استباقي وداعم لدعم هذا الهدف ولتحفيز العمل على هذا الإصلاح.

وفي موضوع الخسائر والأضرار، حثّ معالي د. سلطان الجابر العالم على مساعدة المجتمعات الأكثر تضرراً من تداعيات تغير المناخ من أجل إعادة البناء بعد الكوارث المرتبطة بالمناخ، والاستفادة من التقدم الذي تحقق في مؤتمر شرم الشيخ، وتفعيل عمل صندوق التعويض عن الخسائر والأضرار.

المزروعي: الإمارات ملتزمة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ

من جهته، أكد وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل المزروعي أن دولة الإمارات تعمل وفق منظور شامل يستهدف تعزيز التعاون الدولي والعمل المشترك مع مختلف دول العالم، بهدف دفع عجلة التنمية المستدامة، وتنفيذ العديد من المشاريع الرائدة عالمياً في مجال الطاقة، وتعزيز دورها كمزود مسؤول للطاقة المستدامة.

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة الرئيسة لمنتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي تحت عنوان "نقطة انعطاف الطاقة: إمدادات موثوقة في وقت الأزمات".

وأضاف المزروعي أن الإمارات حريصة على العمل مع شركائها حول العالم تحت مظلة المنظمات الدولية، بهدف تسريع تحول الطاقة ووصولها إلى الأسواق العالمية بمرونة أكبر بعيداً عن المتغيرات الجيوسياسية وأن المرحلة الحالية والمقبلة تتطلب تكثيف جهود حكومات العالم لتطوير الخطط والاستراتيجيات المستقبلية لتسريع التحول العالمي في قطاع الطاقة، وزيادة التركيز على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة ولاسيما الغاز المسال.

وأوضح أن الإمارات ملتزمة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والعمل على تعزيز الشراكة مع جميع دول العالم لتحقيق نتائج ملموسة في العمل المناخي، تنفيذاً لتوجيهات القيادة بالعمل على مواكبة الطلب المتزايد على الطاقة، من خلال الاعتماد على مصادر متجددة وصديقة للبيئة.

وأشار إلى أن الغاز يعدّ مصدراً رئيساً للطاقة على مستوى العالم كونه عاملاً مساعداً للطاقات الصديقة للبيئة، وله دور بارز في الوصول إلى مستهدفات الحياد المناخي، وأمن الطاقة واستدامته على المدى الطويل، موضحاً أن قطاع الغاز يعاني ضعف الاستثمارات وارتفاع الأسعار في الوقت الحالي مقارنة بالسنوات الماضية، وهو الأمر الذي يشكل مصدر قلق ويستدعي تضافر الجهود والتباحث والتفاكر في وضع الحلول التي من شأنها استقرار هذا القطاع الحيوي، مؤكداً أن زيادة مستويات الاستثمار في مجال الغاز المسال واستتاب أمن الأوضاع الجيوسياسية التي يعانيها العالم سيسهم في استقرار أسعار الغاز.

الكعبي: قطر تسعى لمضاعفة طاقتها الإنتاجية من الغاز

ومن جانبه، قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي إن بلاده تستهدف مضاعفة طاقتها الإنتاجية من الغاز إضافة إلى زيادة الاستثمارات في هذا القطاع المهم وتعزيز دور التكنولوجيا في عملية تحول الطاقة التي لا بدّ أن تعتمد على حلول مبتكرة وواقعية وفعالة من شأنها أن تواجه تحديات التغيرات المناخية.