السعودية: كيف ينعكس التحوّل الاقتصادي على تركيبة البورصة؟

  • 2022-05-13
  • 10:00

السعودية: كيف ينعكس التحوّل الاقتصادي على تركيبة البورصة؟

  • دائرة الأبحاث

تشير البيانات الصادرة حديثاً عن "هيئة الاحصاء السعودية" إلى تَقدّم الإقتصاد السعودي إلى المرتبة السادسة عشر خلال العام 2021 بين اقتصادات بلدان "مجموعة العشرين" متقدماً بذلك مرتبتين من حيث الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. ومن الواضح أن الاقتصاد السعودي استفاد من تحسّن أسعار النفط بعد التعافي من أزمة كورونا بالتوازي مع التقدّم في تنفيذ خطط وبرامج "رؤية 2030" وتسريع تنفيذ الاستثمارات الجديدة على تطوير المشاريع العملاقة وقطاعات حيويّة مثل السياحة، والترفيه، والاقتصاد الرقمي، والرعاية الصحية، والصناعة. وسجلت المملكة نمواً اقتصادياً وصلت نسبته الى 18 في المئة خلال العام 2021 حيث وصلت قيمة الناتج المحلي الاسمي إلى 3.2 تريليونات ريال سعودي (833 مليار دولار أميركي). وتشير التوقعات الحالية لـ"صندوق النقد الدولي" إلى استمرار نمو الاقتصاد السعودي على المدى المتوسط وهو في طريقه لتجاوز عتبة التريليون دولار العام 2026.

والسؤال المطروح حالياً هو كيف يمكن أن تنعكس هذه التحوّلات الاقتصادية والاستثمارات الجديدة على حجم وعمق البورصة السعودية وتركيبتها القطاعية انطلاقاً من ان هذه التركيبة لا تعكس حالياً طبيعة الاقتصاد والتغييرات المتواصلة التي يمرّ بها على الرغم من تسارع وتيرة الادراجات منذ العام 2019 والتي أدّت إلى دخول شركات مؤثرة إلى البورصة وعلى رأسها "أرامكو" و"أكوا باور" وغيرها؟

 

5 شركات تستحوذ على 84 في المئة من القيمة السوقية

وكانت القيمة السوقية للشركات المدرجة في "تداول" قد نمت بنحو 10 في المئة لتبلغ 10 تريليونات ريال سعودي وهو ما يجعلها ضمن أكبر البورصات العالمية من حيث القيمة السوقة والأكبر في العالم العربي بحصة تقارب الثلثين.

وعلى الرغم من أن هذه القيمة تشكّل ثلثي إجمالي القيمة السوقية للبورصات العربية، فإن 5 شركات سعودية من أصل الـ213 شركة مدرجة في بورصة "تداول" استحوذت على 84 في المئة من القيمة السوقية لهذه البورصة في نهاية العام 2021، في حين كانت حصة شركة "أرامكو" وحدها 71 في المئة من إجمالي القيمة السوقية للأسهم السعودية في العام نفسه.

 

وفي مقارنة بين مساهمة القطاعات في القيمة السوقية للبورصة السعودية والناتج المحلي، يتضح أن هناك فجوة كبيرة بين الجهتين. فمثلاً، تساهم شركات النفط والغاز بنحو 72 في المئة من القيمة السوقية لـ"تداول" بينما بلغت مساهمتها في الناتج المحلي للعام الماضي 33 في المئة فقط. كذلك، تساهم المصارف بنحو 11 في المئة من القيمة السوقية للبورصة بينما بلغت مساهمتها في الناتج المحلي 8 في المئة فقط في العام الماضي.

على الجهة المقابلة، تتراجع مساهمات قطاعات رئيسية في الاقتصاد المحلي إلى نسب قليلة جداً في البورصة. مثلاً، يساهم القطاع العقاري بنحو 1 في المئة فقط في "تداول" في حين بلغت مشاركته بنحو 16 في المئة في الناتج المحلي لعام 2021. بدوره، يساهم قطاع الصناعة والمواد الأولية بنحو 10 في المئة من القيمة السوقية لسوق الأسهم بينما تبلغ مساهمته بالناتج المحلي نحو 18 في المئة. كذلك الحال مع قطاعات السياحة والتجارة والمواصلات والزراعة والتي تبلغ مساهمتها الإجمالية نحو 3 في المئة في "تداول" مقارنة مع 22 في المئة في الناتج المحلي.

ومع الاقبال الكثيف المتوقع على الطروحات الاولية خلال الاعوام الثلاثة المقبلة، يتوقّع أن تعكس البورصة بشكل أكثر تمثيلاً لأوزان القطاعات الرئيسية التي تشكل الناتج المحلي. وخلال العام الماضي، تم إدراج 9 شركات في البورصة الرئيسية بينما تم إدراج عدد مماثل منذ بداية العام الحالي. ولا شك أن ادراج أسهم شركة "ارامكو" في اواخر العام 2019 يمثل نقطة تحوّل بالنسبة الى "تداول" ليس فقط من حيث حجم الشركة التي تعتبر حالياً الاعلى قيمةً في العالم بل من حيث تمثيل قطاع الطاقة الذي يشكّل المصدر الاساسي للإيرادات الحكومية وله حصّة وازنة من الناتج المحلي. وتم تعزيز وزن القطاع بإضافة أسهم شركة "اكوا باور" المختصة بإنتاج الكهرباء من المصادر التقليدية ومن الطاقة الشمسية أواخر العام الماضي. وأضيفت إلى البورصة خلال العام الماضي أسهم الشركة العربية لخدمات الانترنت "STC  Solutions" ومن ثم أسهم شركة "علم" مطلع العام الحالي وكلاهما في قطاع تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية. وتنتمي معظم الشركات الاخرى المدرجة حديثاً إلى قطاعات العقار والخدمات الطبية وغيرها وهو ما سيساعد على إضفاء المزيد من التنوع إلى البورصة السعودية لتعكس صورة أفضل للتوجّه القائم على تنويع الاقتصاد المحلي.