لبنان يبدأ عمليات البحث عن النفط والنتيجة خلال شهرين

  • 2020-02-28
  • 12:17

لبنان يبدأ عمليات البحث عن النفط والنتيجة خلال شهرين

  • كريستي قهوجي

بدأ لبنان فعلياً عمليات البحث البحري عن النفط والغاز الطبيعي داخل مياهه الإقليمية حيث كانت قد رست باخرة للحفر في المياه الإقليمية اللبنانية منذ أيام، وذلك بعد انتظار وتأجيل لمدة 13 عاماً لأسباب سياسية واقتصادية مختلفة.

وفي حال وصول عمليات الحفر الى النتائج المرجوّة يكون لبنان قد دخل عملياً نادي الدول النفطية للمرة الأولى في تاريخه. وتأتي هذه العملية من ضمن تحالف يضم شركة "توتال" الفرنسية وشركة "إيني" الإيطالية و"نوفاتك" الروسية.

ومع دخول باخرة الحفر التابعة لشركة "توتال" الفرنسية ورسوّها في البلوك رقم 4 مقابل منطقة الصفرا، فإن عملية التنقيب تكون قد بدأت بشكل دقيق لمدة شهرين لاستكشاف أول بئر في قاع البحر.

 

هايتيان: النفط لن يكون عاملاً مساعداً في إنقاذ لبنان

 

وفي هذا الإطار، قالت لوري هايتيان، مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أنه في حال اكتشاف مواد في هذه البئر ستخضع لتحاليل ودراسات لتحديد نوعها وكمياتها خلال شهرين إضافيين على أن يصار إلى الإعلان عنها في نهاية تلك الفترة، مشددة على ضرورة الإعلان عن الكميات التجارية القابلة للاستخراج في حال العثور عليها. وأضافت هايتيان أن شركة "توتال" ستطلب إعادة تقويم للبئر المكتشفة لمعرفة مكوّناته بشكل دقيق بالإضافة الى تقديم خطة الاستخراج والإنتاج والتطوير والتسويق.

وبالاستناد الى خطة التقويم التي يجب ألا تتعدى مدة سنتين وخطة التطوير حول البنى التحتية المستخدمة في العمليات، تحدد الشركة فترة الاستخراج المرتقبة من قعر البحر. واوضحت هايتيان أن البنى التحتية المستخدمة هي النقطة الأساس في تحديد فترة الاستخراج من خلال استخدام سفن عائمة أو أدوات مثبّتة في قاع البحر بالإضافة الى انابيب النفط وطولها وسعتها، ومضيفة انه يجب البت بموضوع علاقة عملية الإنتاج بالسوق الداخلية أو بالسوق الخارجية قبل البدء بأي عملية، مشيرة إلى أن قطاع النفط والغاز لن يكون عاملاً مساعداً في عملية إنقاذ لبنان بسبب فقدان البنى الأساسية في الاقتصاد، مشددة على ضرورة اصلاح القطاعات الاقتصادية بشكل كبير.

ومن المتوقع ان يستخدم الغاز الطبيعي في السوق الداخلية اللبنانية خصوصاً لناحية انتاج الكهرباء الى جانب تصديره الى الخارج في حال وجوده.

وأكدت هايتيان أنه إذا لم تحصل عمليات اصلاح جدية في قطاع الكهرباء فلن يستفيد القطاع من الغاز أبداً، مضيفة انه يجب تطوير العمل في الشبكات والمعامل. وتلفت النظر الى ان الجميع يتوقع ان تظهر مادة الغاز الطبيعي اكثر من النفط بسبب وجودها في الحقول التي تم الكشف عنها في البلدان المجاورة.

ونتيجة ذلك، تشتد المنافسة ما بين دول الشرق الأوسط الامر الذي سيؤثر سلباً على لبنان، وتوضح هايتيان ان البلاد لا تزال متأخرة كثيراً عن مواكبة الثورة النفطية في المنطقة وبالتالي ستعاني من صعوبات في إيجاد الأسواق الخارجية، معتبرة ان كل عملية تأخير يدفع لبنان ثمنها من خلال تحالفات الدول المجاورة التي تهدد قطاع النفط.

 

سكرية: عملية الحفر في البحار غير مضمونة النتائج

 

تعتبر عملية الحفر في البحر غير مضمونة النتائج وعلى الرغم من ذلك ستقوم شركة "توتال" كونها الشركة المشغلة في الكونسورسيوم الذي يضم الى "توتال" شركتي "إيني" الإيطالية و"نوفاتك" الروسية بعملية الحفر في أعماق كبيرة من الممكن أن تصل إلى 4000 متر. وعلّقت مستشارة في المخاطر السياسية في قطاع الطاقة وأحد مؤسسي "Middle East Strategic Perspectives" منى سكرية بالقول إن عملية الحفر في المياه العميقة معقدة وتأتي لتتوج لمسار طويل من التحضيرات لاختيار الموقع الأنسب للحفر بناء على نتائج تحاليل المسوحات الزلزالية، مضيفة أن نتيجة الحفر غير مضمونة سلفاً نظراً لصعوبة تكوين صورة عما تحتويه هذه الأعماق خصوصاً مع سماكة طبقة الملح التي تزيد العملية صعوبة وتعقيداً، وموضحة أن "توتال" تقدر نسبة النجاح في عملية الحفر في البلوك 4 بحوالي 25 في المئة.

وأشارت سكرية الى أنه حتى لو كانت النتيجة سلبية فالمعلومات والبيانات التي سيحصل عليها لبنان بغاية الأهمية لمسار الاستكشاف والتنقيب وسوف تعمق المعرفة بقاع البحر مما سيساعد في عمليات الحفر المستقبلية.

واعتبرت أن مسار التنقيب عن النفط والغاز في أعماق البحار طويل جداً، لافتة النظر إلى أنه قد يحالف لبنان الحظ ويكتشف كميات تجارية بشكل سريع إلا أنه من أن تستغرق العملية مدة أطول وأن يتطلّب ذلك حفر العديد من الآبار قبل تسجيل أي اكتشاف تجاري.

وفي ظل الضغوط السياسية الإقليمية والدولية التي تمارس على لبنان، قالت سكرية إنه  من المبكر الحديث عن الإنتاج والتسويق قبل تسجيل أي اكتشاف تجاري، مضيفة أن التجربة خلال السنوات الماضية تدل على أن أبرز المخاطر التي يواجهها لبنان هي داخلية عموماً وأبرزها المناكفات السياسية التي تعوق التقدم في الملفات الأساسية.

واعتبرت أن العنصر الجيوسياسي عامل مهم أيضاً، مشددة على ضرورة التعامل مع المخاطر الجيوسياسية بطريقة تحصّن المصالح اللبنانية وتساعده لبنان على تسويق إنتاجه في حال تسجيل كميات تجارية. 

وأضافت سكرية ان عملية التطوير والإنتاج مكلفة جداً وقد تستغرق سنوات طويلة، مقترحةً التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في الشرق الأوسط كمصر وقبرص لان ذلك يخفّض من التكاليف من خلال خلق وفورات الحجم (economies of scale) مما يساعد في تنفيذ  المشاريع الضخمة.

في المحصلة، ستشكل عملية الحفر والبحث عن الآبار النفطية نقطة مهمة في الاقتصاد اللبناني بالرغم من عدم قدرته على انقاذ البلد من أزمته الاقتصادية الحالية بسبب التأخيرات التي حدثت منذ سنوات عدة. وفي هذا الإطار، على الحكومة اللبنانية العمل بشكل كبير لجعل هذا القطاع بعيداً عن الفساد ووضع خطة اقتصادية متكاملة لجعله أملاً جديداً بيد اللبنانيين. فهل يدخل لبنان إلى نادي الدول النفطية في المستقبل؟