باسل الدباغ: نخطط لتعزيز استثماراتنا في السعودية

  • 2020-03-01
  • 07:21

باسل الدباغ: نخطط لتعزيز استثماراتنا في السعودية

حديث خاص مع المدير الإقليمي لقطاع الكيماويات في أجيليتي الشرق الأوسط

  • دبي - سليمان عوده

يواجه القطاع اللوجستي تحديات فعلية، أبرزها ضعف الطلب العالمي والتحول العميق الذي يصيب خطوط التجارة ومراكزها. أضيفت إلى القائمة حديثاً تهديدات جديدة مثل "كورونا". موقع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" التقى الرئيس التنفيذي السابق في أجيليتي أبوظبي والمدير الإقليمي الحالي لقطاع الكيماويات في أجيليتي الشرق الأوسط باسل الدباغ، وأجرى معه هذا الحوار:

كيف تنظر إلى أداء القطاع اللوجستي خلال العام الماضي؟  

كان العام 2019 مليئاً بالتحديات بالنسبة إلى القطاع اللوجستي عموماً، بالنظر إلى شيوع حالة من عدم اليقين العالمي. يرجع ذلك إلى أسباب متعددة، كان من أهمها اشتداد ضراوة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وغياب الوضوح بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تحديات اقتصادية أخرى متفرقة شهدها العام المنصرم، انعكست بشكل عام تراجعاً في معدلات التجارة العالمية بالمقارنة مع الفترات السابقة. وقد أثر هذا الأمر بالتأكيد سلباً على القطاع اللوجستي، وكذلك على الشركات الكبرى العاملة في القطاع. 

وكيف يُفسر مضي أجيليتي في تنفيذ مشاريعها في المنطقة بالرغم من تباطؤ القطاع اللوجستي؟ 

لم تلغ أجيليتي أو تجمد أياً من مشاريعها الإقليمية، وذلك انطلاقاً من نظرتها طويلة الأمد إلى المنطقة. تركز الشركة استثماراتها حالياً في الأسواق الناشئة، لا سيما في دول الخليج العربي وأفريقيا. وفي الإمارات، واصلنا خلال العام الماضي العمل بمحفظة مشاريع قيمتها 125 مليون درهم، حيث نبني منشأة تخزين ضخمة بمساحة 21 ألف متر مربع، كما وجهت أجيليتي بعضاً من استثماراتها إلى مدينة خليفة الصناعية “كيزاد”، حيث طورنا أرضاً تفوق مساحتها 200 ألف متر مربع. كذلك، حرصنا على تطوير أسطول الشحن البري، ورفدناه بشاحنات حديثة ذات محركات أكثر استدامة، تستهلك القليل من الديزل، وتخلف كميات ضئيلة من الانبعاثات الضارة. 

وماذا عن المشاريع الأخرى في الخليج خارج الإمارات؟ 

استكملنا تطوير مخزن جديد في البحرين بمساحة 10 آلاف متر مربع، وطورنا أكثر من مخزن في منطقتي الدمام والرياض، تضاف إلى المخازن التي تمتلكها الشركة في السعودية. إن استثماراتنا هي في الواقع استثمارات استراتيجية، تقدم دليلاً على التزامنا الطويل الأمد بالمنطقة. 

تتطلع "رؤية 2030" إلى جعل السعودية مركزاً لوجستياً عالمياً. هل تندرج توسعات الشركة في السعودية ضمن هذا الاتجاه؟ 

بالتأكيد. فالسعودية سوق ناشئ يشهد تطوراً متسارعاً ونمواً مستمراً، وكل المؤشرات تدل على أن المملكة تشهد تحولات جذرية على المستوى الاقتصادي، وتستعد بكامل قطاعاتها لتسجيل معدلات نمو مرتفعة للغاية. فالسياسات النوعية المطبقة حديثاً تمضي في الطريق الصحيح، لكن من المهم أن تكون مستدامة، وأن تشمل مختلف الصعد حتى تؤتي ثمارها. وتتواجد أجيليتي حالياً في الدمام والرياض وجدة والجبيل وغيرها، ونتطلع لتنفيذ خطط توسعية مستقبلية في جميع المدن اللوجستية والصناعية الموضوعة قيد الإنشاء بالمملكة. 

نتائج جيدة

احتلت الإمارات المرتبة الأولى إقليمياً على مؤشر "أجيليتي اللوجستي للأسواق الناشئة 2020" الذي أطلقتموه حديثاً. ماذا يعني ذلك؟ 

أستطيع القول إن الإمارات احتلت، عن جدارة، المرتبة الأولى على مستوى المنطقة، والثالثة عالمياً، بعد الصين والهند، في المؤشر لهذه السنة. وكان لافتاً في نتائج العام 2020 أن الإمارات، ولأول مرة منذ انطلاق المؤشر، تدخل في قائمة أفضل عشر دول في كل المؤشرات الفرعية الثلاثة الخاصة بالمؤشر. ولا شك في أن هذه القفزة في التصنيف تعكس استمرار انفتاح القطاع المالي والبنية التنظيمية الشفافة وأطر الحماية من الفساد في الإمارات، علاوة على الاستراتيجية الوطنية الشاملة لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة. والجدير بالذكر أن المؤشر يصنف 50 دولة وفقاً للعوامل التي تعزز جاذبيتها بالنسبة إلى مزودي الخدمات اللوجستية ووكلاء وخطوط الشحن وشركات الطيران والموزعين. وقد احتلت المراكز الأولى تباعاً الصين ثم الهند فالإمارات وإندونيسيا وماليزيا. 

وماذا تقرأ في نتائج باقي دول الخليج العربي؟ 

تفوقت دول الخليج العربي على معظم الأسواق الناشئة الأخرى في النسخة الأحدث من المؤشر. وقد ساهمت الظروف المواتية لمزاولة الأعمال ونقاط القوة الرئيسية في منح دول الخليج مراكز متقدمة في صدارة تصنيف المؤشر بعد السوقين العملاقين، أي الصين صاحبة المركز الأول، والهند صاحبة المركز الثاني. وكان من اللافت للنظر أن بلدان الخليج العربي بدأت تنافس بجدية بلدان جنوب شرق آسيا، وهذه إشارة بدأ يلتقطها مجتمع الأعمال، حيث تدل على أن بلدان الخليج تسير في الطريق الاقتصادي الصحيح. 

حققت مصر نتائج جيدة نسبياً في المؤشر لهذه السنة، وتخطت معظم منافسيها الإقليميين بثبات. كيف تحقق ذلك؟ 

تعد مصر الدولة الثانية لجهة حجم التقدم الذي تحقق على “مؤشر أجيليتي للأسواق الناشئة 2020”، ويمكن رد ذلك إلى انفتاحها التجاري ونموها الاقتصادي، إضافة إلى تحديث البنى التحتية وتحسن مستويات الطلب المحلي فيها. ولم يأت تقدم مصر مراتب عدة في المؤشر من الفراغ، بل يعزى إلى الأداء القوي الذي شهدته قطاعات الطاقة والتجزئة والبناء، إلى جانب الإصلاحات الأساسية التي تلت حصول القاهرة على قرض من البنك الدولي بقيمة تتجاوز 12 مليار دولار قبل ثلاث سنوات. وقاد ذلك في المحصلة إلى ارتفاع تصنيف مصر على كافة المؤشرات الفرعية الثلاث، أي “الفرص اللوجستية المحلية” و”فرص الخدمات اللوجستية الدولية” بالإضافة إلى “أساسيات مزاولة الأعمال”. 

كيف انعكس هذا الأمر على القطاع اللوجستي؟ 

إذا دققنا في نتائج مصر، سنرى أنها حققت تقدماً سريعاً في وقت قصير، وهذا أمر إيجابي. تمكن الاقتصاد المصري من تحقيق مكاسب فعلية في كل القطاعات الرئيسية، ما جعل تصنيف مصر يتقدم ست مراتب لتحصد المركز 20 على التصنيف العام للمؤشر، فيما قفزت 10 مراكز على مؤشر أساسيات مزاولة الأعمال لتصل إلى المركز 17، كما تقدمت 6 مراكز على مؤشر الفرص المحلية لتحل في المركز 13، وتقدمت خمس مراكز على مؤشر الفرص الدولية لتحتل المركز 23. وفي الحقيقة، ساعد القرض الذي نالته مصر من البنك الدولي على تحسن التدفقات النقدية إلى القطاع الخاص، وساهم في استقرار أسعار الوقود، ما حضر الأرضية لنمو متوقع في جميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية. ويعتبر النمو المتوقع في خدمات التخزين وخدمات الشحن السريع منخفضاً نسبياً حتى الساعة، لكن من المرجح أن يسجل المزيد من المكاسب في السنوات المقبلة. 

تحديات لوجستية

كيف أثر تفشي فيروس كورونا عالمياً على أعمال الشركة منذ مطلع السنة؟ 

أحدث فيروس كورونا خللاً عميقاً في سلسلة التوريد لدى الكثير من شركائنا التجاريين، وأصاب انتشاره على نطاق عالمي كبار عملائنا. يصح ذلك بالنسبة إلى شركات عملاقة مثل “أبل” و”فورد” و”تسلا” مثلما ينطبق على الشركات الصغيرة والمتوسطة. ومن منظور لوجستي، تسعى الشركة إلى تأمين خيارات بديلة للعملاء، فمقابل تراجع الشحن الجوي، ازدادت عمليات الشحن البحري. كذلك، يتجه عدد متزايد من العملاء إلى أسواق أخرى بديلة عن البر الصيني، معظمها في جنوب شرق آسيا. وبطبيعة الحال، تؤثر هذه التحولات علينا بعمق، إذ تولد تعقيدات لوجستية لا تعد ولا تحصى. لكن ليس هناك حتى الساعة من تأثير عميق على نتائجنا المالية. 

ما أبرز التحديات التي تواجه القطاع اللوجستي جراء تفشي فيروس كورونا؟ 

الملاحظ أن تكاليف الشحن من الصين إلى مختلف الوجهات التجارية الأخرى قد ارتفعت إلى حد كبير مؤخراً، وباتت تصل في الكثير من الحالات إلى الضعف، خصوصاً بالنسبة إلى الشحن الجوي الذي ارتفعت تكاليفه أكثر من الشحن البحري. أما بالنسبة إلى الإجراءات المتبعة في عمليات شحن البضائع من وإلى الصين، فلم تشهد أي تغيير حتى الآن. على النحو نفسه، فإن سرعة تفشي كورونا فرضت على العديد من شركات الطيران تعليق رحلاتها إلى الصين وبلدان أخرى عديدة، الأمر الذي أثر سلباً على سعة الشحن الجوي. في المقابل، فإن قطاع الشحن البحري كان أقل تأثراً. 

وهل ينطبق الأمر نفسه على بريكست؟ خصوصاً أن أمر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد حسم أخيراً؟ 

في الحقيقة لم يحسم الأمر في نظرنا حتى الآن. وإذا كنا تأكدنا من شيء، فهو أن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي، لكن شروط التبادل التجاري التي ستربطها بالعالم لم تتضح معالمها حتى الساعة. أمام لندن وبروكسل سنة كاملة، إذا لم أكن مخطئاً، لصياغة اتفاق يحكم العلاقة بين الطرفين، وهنا يكمن بالضبط صلب الموضوع. وفي رأيي، ما زال الأمر ضبابياً، ولن تنجلي الصورة قبل عام من الآن. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الحركة التجارية ستظل ناشطة بين أوروبا وبريطانيا، أم أن الأسواق الناشئة ستجتذب قسطاً مهماً من التبادل التجاري.  

يعني هذا أن الأسواق الناشئة، ومنها أسواقنا في المنطقة، ستتأثر إيجاباً؟ 

صحيح، قد تتأثر هذه الأسواق إيجاباً، ومنها أسواقنا في المنطقة، لكن هذا لم يحسم بعد، وستنجلي الصورة بوضوح قبيل نهاية هذه السنة. 

ختاماً، مبروك المنصب الجديد كمدير إقليمي لقطاع الكيماويات في أجيليتي الشرق الأوسط وتمنياتي لك بالتوفيق…

شكراً جزيلاً.