الشيخ ناصر.. القائد الذي خسرته الكويت

  • 2022-01-25
  • 09:40

الشيخ ناصر.. القائد الذي خسرته الكويت

جمع شمائل رجل الدولة والحوار والثقافة واحترام المعارضين.. وحملته على الفساد عززت الثقة به داخلياً ودولياً

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

 

غاب الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح في 21 كانون الأول/ديسمبر من العام 2020 وخسرت الكويت بغيابه رجلاً تجمعت فيه خصال القائد السياسي، ورجل الدولة وداعية الإصلاح والانفتاح وراعي الفنون والتراث ورب الأسرة المثالي، وجعل اجتماع هذه الخصال من الشيخ ناصر، فضلاً عن دماثته وحسن معشره، محطّ آمال الكويتيين في تحقيق نهضة اقتصادية وسياسية تضع الكويت في صدارة حركة التطور الجارية في المنطقة والعالم.

لقد أنجبت أسرة الصباح عبر الأجيال قيادات تاريخية توالت على حكم البلاد وإعمارها وتحقيق الازدهار لمجتمعها وشعبها. وكان الشيخ ناصر متمتعاً بمعدن هؤلاء القادة، لكنه كشف منذ وقت مبكر في حياته عن خصائص كان أبرزها، احترامه للجميع بغض النظر عن وظائفهم أو مالهم أو مكانتهم، وتقبله للرأي الآخر لمن قد يعارضونه مفضلاً دوماً الحوار على الصدام، وقد جعلته هذه الميزة قادراً على أن يجلس براحة مع مختلف القوى السياسية، كما جعلت هذه القوى بدورها ترتاح للتعامل معه برغم قناعاتها أو مبادئها السياسية التي قد تكون مغايرة لقناعاته.

حملة على الفاسدين

ومنذ أن تولى وزارة الديوان الأميري في العام 2006 أظهر الشيخ ناصر أهلية وكفاءة في إدارة الشأن العام، وتعززت خبراته كرجل دولة بعدما تولى في نهاية العام 2017 منصب وزير الدفاع والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ثم بعد تعيينه في نهاية العام 2019 نائباً لرئيس المجلس الأعلى للتخطيط ليكون في موقع يسمح له بمتابعة العمل على رؤية الكويت 2035 التي كان له دور أساسي في إعدادها.

لكن تولي الشيخ ناصر لمناصب حكومية رفيعة جعله يطلع على أوجه الخلل التي تعاني منها الإدارة العامة وتفاقم أعراض الفساد والتعدي على المال العام فسارع إلى انتقادها علناً مطالباً القضاء، من موقعه الرفيع، بالتحرك لملاحقة المسؤولين عنها حتى ولو كانوا ممن يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة. وكانت حملات الشيخ ناصر على الفساد بما في ذلك حملته على "الرؤوس الكبيرة" حدثاً غير مسبوق في حجمه ومضاعفاته على الحياة السياسية الكويتية. وقد رفعت تلك الحملة مكانته بين القيادات السياسية المختلفة وعززت الثقة به داخل وخارج الكويت كمشروع قيادة وطنية إصلاحية قادرة على التعاون مع الجميع بمن فيهم من يعتبرون أنفسهم في صف المعارضة.

التفكير خارج القوالب

ومثل أي رجل قيادي أظهر الشيخ ناصر منذ شبابه شخصية مستقلة وقادرة على التفكير خارج القوالب، فهو لم يجد كبير فائدة في الدراسة النظرية وفضّل عليها التفرغ لشؤون الخدمة العامة والحكم مع التعمق في الثقافة وإنفاق الوقت للتعرف على الحضارات القديمة. وتمكن مع زوجته الشيخة حِصّة صباح السالم الصباح عبر السنين من تكوين إحدى أكبر المجموعات الآثارية الخاصة وهي "مجموعة الصباح الآثارية" والتي عرض العديد من مكوناتها البارزة في 13 بلداً وما زالت تجول على مدار العام بين العواصم والمتاحف الثقافية في العالم، ومن هذه المتاحف الشهيرة متحف متروبوليتان في نيويورك الذي يضم بعضاً من قطع مجموعة الشيخ ناصر والشيخة حصة الصباح بصورة ثابتة منذ ثمانينات القرن الماضي.

إرثه العائلي

تزوج الشيخ ناصر صباح الأحمد من الشيخة حصة كريمة أمير الكويت الراحل صباح السالم الصباح ورزق وإياها بثلاثة أبناء هم الشيخ عبد الله والشيخ صباح والشيخ فهد وثلاثة بنات هن: الشيخة أدانا والشيخة بيبي والشيخة فتوح. وتولت الشيخة أدانا في 1 كانون الثاني/يناير من العام 2022 منصب الرئيس التنفيذي لشركة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو) والتي يترأس مجلس إدارتها الشيخ حمد صباح الأحمد شقيق المرحوم الشيخ ناصر. ويشغل الشيخ عبد الله ناصر صباح الأحمد إلى جانب منصب عضو مجلس إدارة شركة كيبكو رئاسة مجلس إدارة شركة "كامكو" الاستثمارية، إحدى الشركات التابعة لمجموعة كيبكو، بينما تشغل الشيخة بيبي منصب رئيسة مجلس إدارة شركة العقارات الكويتية المتحدة التابعة أيضاً لمجموعة كيبكو والتي تضم مصالح وشركات الشيخين حمد والمرحوم ناصر ولدي أمير الكويت الراحل صباح الأحمد الصباح وأسرتيهما.