"السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر": مبادرتان سعوديتان للتحول نحو الاقتصاد الأخضر

  • 2021-09-05
  • 08:05

"السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر": مبادرتان سعوديتان للتحول نحو الاقتصاد الأخضر

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

تستضيف المملكة العربية السعودية ما بين 23 و25 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل النسخة الأولى من "منتدى مبادرة السعودية الخضراء" و"قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" اللتان أعلن عنهما ولي عهد المملكة نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في آذار/ مارس الماضي.

يأتي تنظيم الحدثين في إطار تصميم المملكة على إحداث تأثير عالمي دائم في مواجهة ظاهرة التغيّر المناخي وحماية الأرض والطبيعة، وانطلاقاً من توجه المملكة في لعب دور فاعل في تحقيق الأهداف العالمية لمكافحة الأزمات المُرتبطة بالمناخ والعمل على قيادة الحقبة الخضراء المقبلة.

مبادرتان رائدتان

تهدف "مبادرة السعودية الخضراء إلى زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود المقبلة، أي ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة المساحة الحالية المغطاة بالأشجار إلى 12 ضعفاً، تمثل مساهمة المملكة بأكثر من 4 في المئة في تحقيق أهداف المبادرة العالمية للحدّ من تدهور الأراضي والموائل الفطرية و1 في المئة من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة.

وتشمل المبادرة كذلك تقليل انبعاثات الكربون بأكثر من 4 في المئة من المساهمات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50 في المئة من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول العام 2030، بالإضافة إلى مشاريع في مجال الهيدروكربون النظيف والتي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من انبعاثات الكربون، وإلى زيادة نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94 في المئة.

أما "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" فتتضمن مشروع زراعة 50 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط، وهو يعد المشروع أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وتشمل المبادرة خفض انبعاثات الكربون بأكثر من 10 في المئة من المساهمات العالمية، ويعني هذا المشروع استعادة نحو 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة أي ما نسبته 5 في المئة من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة ويحقق تخفيضاً بنسبة 2.5 في المئة من معدلات الكربون العالمية.

تطور طبيعي لمسار بدأ منذ سنوات

ليست المبادرتان ردة فعل لملاقاة المستجدات الحاصلة في العالم لناحية الاستدامة وحماية البيئة والتحول إلى الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر الذي من المتوقع أن يساهم بنحو 12 تريليون دولار في حلول العام 2030، بل تأتيان كتطور طبيعي لمسار بدأته المملكة منذ سنوات. ففي العام 2018، وفي إطار تقرير حول أهداف التنمية المستدامة الذي تضمن الاستعراض الطوعي الوطني الأول للمملكة العربية السعودية خلال المنتدى السياسي الرفيع المستوى للعام 2018 حول التحول نحو مجتمعات مستدامة ومرنة في تموز/ يوليو في نيويورك، استهل التقرير بكلمة للملك سلمان بن عبد العزيز جاء فيها: "نحن جزء من هذا العالم، نعيش مشاكله والتحديات التي تواجهه ونشترك جميعاً في هذه المسؤولية وسنسهم بفعالية في وضع الحلول للكثير من قضايا العالم الملحة، ومن ذلك قضايا البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، وسنستثمر في العمل على ذلك مع المنظمات والمؤسسات الدولية والشركاء الدوليين".  

وفي كلمته بالتقرير نفسه، قال ولي العهد الامير محمد بن سلمان: "حفاظاً على الطابع البيئي الخاص والفريد للمنطقة، سيتم وضع قوانين وآليات تخص الاستدامة البيئية، حيث سيتم العمل على المحافظة على الموارد الطبيعية وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير المعمول بها عالمياً".

وكانت المملكة من الدول السبّاقة في إعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة فيها وأسست القوات الخاصة للأمن البيئي العام 2019، ورفعت نسبة تغطيات المحميات الطبيعية فيها إلى أكثر من 14 في المئة من 4 في المئة، وزادت الغطاء النباتي بنسبة 40 في المئة خلال الأعوام الأربعة الماضية. والأهم، توصلت المملكة إلى بلوغ أفضل مستوى لانبعاثات الكربون بين الدول المنتجة للنفط، بالإضافة إلى قيامها بسلسلة مبادرات على أرض الواقع بدأت نتائجها تظهر في القطاع البيئي العام.

أما النقاش الجدي في المملكة بشأن الاقتصاد الأخضر، فبدوره يمثل حيزاً مهماً من خطة النهوض الوطني "رؤية 2030" التي تحمل في طياتها كل عناصر الاقتصاد المستدام القائم على استثمار عائدات موارد الطبيعة ومنتجاتها من دون استنزاف رأس المال.

الاقتصاد الأخضر عنوان المرحلة

وشكّلت مسارات النمو الأخضر للسعودية محور ورشة عمل استضافها مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية في الرياض أخيراً، في حين بحث منتدى الاستثمار المستدام السعودي- البريطاني الذي استضافته لندن في تموز/ يوليو في حضور وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي سبل العمل المشترك نحو مستقبل أخضر وناقش فرص الاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة والابتكارات والبُنية التحتية  في كل من السعودية والمملكة المتحدة، إلى جانب فرص الدعم للشركات والمستثمرين وتبادل المعرفة بين الجانبين في مجال التمويل الأخضر.

وخلال ورشة عمل الرياض، تمّ التذكير ببنود "رؤية 2030" التي تركز على الاقتصاد الأخضر، وقدمت المملكة خلالها لائحة طموحة بالتزاماتها الوطنية المحددة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، كما الالتزام باتفاقية باريس المناخية لخفض انبعاثات الكربون. وبالفعل، اتخذت السعودية تدابير جدية لترشيد استهلاك الطاقة وإلغاء الدعم التدريجي لأسعار الكهرباء والوقود والماء، وقد انخفض بمعدل 16 في المئة منذ بدء تنفيذ البرنامج الوطني للكفاءة، كذلك وضعت المملكة معايير صارمة لضبط الانبعاثات من محرّكات السيّارات، وحدّدت مواصفات قياسية لاستهلاك الأجهزة الكهربائية المنزلية، ويتوقع أن يساهم افتتاح المترو في الرياض بشكل ملحوظ في خفض الانبعاثات من السيّارات الخاصة.
إلى ذلك، اعتمدت المملكة تدابير للحدّ من الزراعات الشديدة الاستهلاك للمياه حفاظاً على موارد المياه.

صندوق الاستثمارات العامة السعودي السيادي

في سياق متصل، لا بدّ من الإشارة إلى اتجاه صندوق الاستثمارات العامة السعودي السيادي لإصدار أول سندات خضراء في الربع الرابع من العام الحالي، وذلك للحصول على أموال مخصصة لتمويل مشروعات متصلة بالمناخ أو البيئة، وتأتي الخطوة في إطار خطة الصندوق لضخ السيولة في الاستثمارات الصديقة للبيئة.