هل تكفي اللقاحات المتوفرة حالياً للوصول إلى المناعة المجتمعية؟

  • 2021-08-19
  • 12:36

هل تكفي اللقاحات المتوفرة حالياً للوصول إلى المناعة المجتمعية؟

لقاحات مكمّلة بواسطة الأنف قيد التطوير

في وقت يتواصل السباق مع متحور دلتا من فيروس كوفيد-19، ويتهيأ عدد من البلدان الأوروبية لتبني إستراتيجية التعايش مع الفيروس على اعتباره أحد الأمراض المعدية الممكن أن تؤدي إلى الوفاة على غرار الإنفلونزا، ومع قرب تعميم إدارة الغذاء والدواء الاميركية الجرعة الثالثة المعزّزة من اللقاح بعد الترخيص بذلك لشركتي فايزر وشريكتها الألمانية بيونتك وموديرنا وسط انتقادات منظمة الصحة العالمية بسبب النقص على المستوى العالمي في اللقاح، بدا لافتاً ما أورده اختصاصي علم الأعصاب ميشال سيغال في صحيفة الوول ستريت جورنال عن وجود أكثر من نوع واحد من المناعة ضد الوباء، مفصلاً أن المناعة الداخلية تحمي داخل الجسم، بما في ذلك الرئتان، ويحدث ذلك من خلال إفراز الأجسام المضادة المناعية من نوع جي G أو أي جي جي IgG داخل الدم وإنتاج الخلايا تي T-cells. وعليه، فإن اللقاحات التي تُضخ في العضلات فعالة جداً بتحفيز المناعة الداخلية، وهي تحمي على نطاق واسع الأشخاص من وزر فيروس كورونا، إلا في حال معاناتهم من نقص في المناعة أو تعرّضهم لكمية كبيرة جداً أكثر من العادة من الفيروس، وسيخفض التلقيح دراماتيكياً إمكانية الإصابة الشديدة أو الموت في حال التعرض لفيروس SARS-CoV-2.

مناعة الغشاء المخاطي: خط الدفاع الأول

أضاف اختصاصي الأعصاب أن توفر مناعة الغشاء المخاطي يمثّل خط الدفاع الأول من خلال حماية الأنف والفم، مما يخفض من نشر الفيروس للآخرين. ويقول إن الغشاء المخاطي يفرز شكلاً معيناً من الأجسام المضادة المناعية من نوع ألف A أو أي جي إي IgA. واللقاحات المعطاة في العضلات- بما في ذلك المرخصة ضد كوفيد-19- غير فعالة بنسبة كبيرة في تحفيز إفراز IgA في الأنف والتي تحصل بعد إصابة فعلية بالفيروس. وكنتيجة لذلك، يمكن للأشخاص الملقحين التقاط العدوى بكوفيد-19 من خلال الأغشية المخاطية، وسواء ظهرت عليهم عوارض القحة أو كانوا من دون عوارض، بإمكانهم نقل الفيروس للآخرين. لهذا السبب، يبدو منطقياً ارتداء قناع الوجه تحت بعض الظروف.

اقرأ أيضاً:
في المعارك المفتوحة ضد الجائحة.. من سيربح الحرب

اللقاحات والمناعة المجتمعية

كلام سيغال يعني أن تحقيق المناعة المجتمعية من خلال التلقيح وحده، خصوصاً مع الانتشار السريع لمتحور دلتا حتى بين الملقّحين بالكامل، يبدو مستحيلاً. فقد أظهرت بعض البيانات، وإن كانت غير مؤكَّدة بعد، المتعلّقة بفحوصات الـPCR عن وجود كميات كبيرة من الفيروس لدى الملقحين مماثلة لتلك لدى الأشخاص غير الملقحين، مما قد يعني أن فعالية اللقاح ضد العدوى بواسطة الأنف هبطت إلى صفر مع بروز متحور دلتا. وكانت دراسات أخيرة أشارت إلى أن الوصول إلى المناعة المجتمعية في ظل انتشار متحور دلتا يحتاج إلى تلقيح ما بين 80 في المئة كحد أدنى من السكان، وهي نسبة قد تصل إلى 90 في المئة، بعد أن كانت سابقاً تتراوح ما بين 60 و70 في المئة.

وبحسب بيانات صادرة عن مايو كلينيك، فإن فعالية اللقاحات ضد العدوى بواسطة الأنف، بما في ذلك الحالات من دون عوارض، هبطت من مستواها الأصلي أي نحو 90 في المئة إلى 76 في المئة بالنسبة إلى لقاح موديرنا وإلى 42 بالنسبة إلى لقاح فايزر منذ ظهور دلتا. وإذا كان الوصول إلى المناعة المجتمعية من التلقيح في العضل لا يزال ممكناً، فهو يفرض إما مستوى أعلى من التلقيح، أو الاستمرار في ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي.

وفي هذا السياق يبرز الحديث عن لقاحات ضد كوفيد-19 تعطى بواسطة الرذاذ في الأنف هي قيد التطوير، مكمّلة للجرعات الموجودة الآن، توفر مناعة الغشاء المخاطي أيضاً، مع العلم أن لقاحات مماثلة موجودة ضد أمراض أخرى منها مثلاً شلل الأطفال.

اقرأ أيضاً:
التلقيح يحصن السكان والاقتصادات من تأثيرات دلتا

المناعة الطبيعية هي الأفضل لكن دونها خطر الإصابة بالفيروس

وأشار سيغال إلى أن الوصول إلى المناعة المجتمعية لن يتم فعلاً إلا في حال إصابة أكبر عدد ممكن من الأشخاص بالفيروس وطوروا مناعة طبيعية من النوعين. إلا أنه، ونظراً الى مخاطر الإصابة بالفيروس، فإن المسؤولين الصحيين محقون تماماً بشأن عدم تشجيع العدوى الفعلية بالفيروس، وبترددهم بالإشارة إلى منافعها في تحقيق مناعة الغشاء المخاطي.

ويلفت الانتباه إلى أن الأشخاص الذين سبق أن أصيبوا بعدوى كوفيد-19، طوروا مناعة أغشيتهم المخاطية، وبالتالي هم أقل عرضة لخطر نقل العدوى إلى الآخرين من الملقحين الذي لم يصابوا قط بالفيروس.