تحسن "وهمي" بعجز ميزان المدفوعات اللبناني

  • 2021-07-12
  • 16:50

تحسن "وهمي" بعجز ميزان المدفوعات اللبناني

  • علي زين الدين

 

سجل صافي الموجودات الخارجيّة لدى القطاع المالي اللبناني عجزاً مجمعاً بلغ نحو 1.57 مليار دولار، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، مقارنةً بعجز بلغ 2.19 مليار دولار في الفترة نفسها من العام 2020، عاكساً بذلك تحسناً "وهمياً" في حصيلة ميزان المدفوعات قبيل جفاف الاحتياط الحر من العملات الصعبة لدى البنك المركزي.

ففي القياس الأولي، وبرغم قوة الانحدار التي اكتسبت اندفاعة استثنائية عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت واستقالة حكومة الرئيس حسّان دياب، كان يمكن تسجيل حصيلة أفضل بكثير لو تشكلت حكومة "المهمة" وانتظمت  السلطات الدستورية، بحيث يمكن الاستفادة من استمرار تقلص حركة الاستيراد الى معدل يقارب 400 مليون دولار شهرياً وتأثيرها المطرد على انكفاء العجز التجاري المقدر أن ينخفض بصورة دراماتيكية عن مستواه المتدني للغاية البالغ نحو 7.8 مليارات دولار في العام الماضي بعدما ارتفع الى أعلى مستوياته مسجلاً نحو 20.3 مليار دولار في نهاية العام 2017، والذي يمكن اعتباره عام تشكيل نواة الانهيارات الكبرى التي شهدتها البلاد بعيد منتصف العام 2019، وأودت الى اشعال ثورة شعبية غاضبة في 17 تشرين الأول/اكتوبر في السنة ذاتها.

وفي الترجمة الرقمية، تبرز بصورة واضحة، حقيقة تمركز التحويلات الخارجية على دعم تمويل المواد الاستراتيجية والاساسية، والذي تسبب بنفاد الاحتياط الحر من العملات الصعبة لدى مصرف لبنان، واضطراره الى خفض نسبة الاحتياطي الالزامي على الودائع في الجهاز المصرفي من 15 الى 14 في المئة، اذ يعزى العجز المسجل إلى تراجع صافي الموجودات الخارجيّة لدى مصرف لبنان بمبلغ قدره 2.91 مليار دولار، وهو ما فاق بشكلٍ كبير الزيادة في صافي الموجودات الخارجيّة لدى المصارف والمؤسَّسات الماليّة بمبلغ 1.34 مليار دولار، علماً ان هذه الزيادة ذات طابع استثنائي يرتبط بالتزام البنوك بضخ ما نسبته 3 في المئة من اجمالي ودائعها في البنوك المراسلة.

بالتفصيل، سجّل صافي الموجودات الخارجيّة لدى القطاع المالي اللبناني تراجعاً بلغ 180.7 مليون دولار خلال الشهر الخامس من العام 2021 ، معززاً الإنكماش الذي بلغ 546.0 مليون دولار في شهر نيسان /ابريل، وبقيمة 95.9 مليون دولار في شهر آذار/مارس، و 340.6 مليون دولار في شهر شباط/فبراير، و 410.6 ملايين دولار في شهر كانون الثاني/يناير.

في المقابل، وخارج مخصصات الدعم، فقد تراجعت قيمة الإعتمادات المستنديّة المفتوحة تراكمياً بنسبة 75.1 في المئة وفق المقارنة من سنة الى سنة، لتبلغ 99.77 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2021، مقابِل 400.6 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

ويعزى هذا التراجع عموماًً، إلى تردّد المصارف بتجديد أو فتح إعتمادات مستندية جديدة للعملاء من الشركات، وفقاً للمنوال السائد والمتنامي منذ الفصل الأخير من العام 2019 نتيجة نقص السيولة بالعملة الأجنبيّة التي تلت أحداث 17 تشرين الأوّل/اكتوبر وتهافت المودعين على المصارف لسحب ودائعهم او تحويلها لسداد ديون قائمة أو شراء عقارات.

وعلى صعيد حركة الإستيراد إلى لبنان، إنكمشت قيمة الإعتمادات المستنديّة المفتوحة للإستيراد بنسبة 90.71 في المئة على أساسٍ سنويّ إلى 24.74 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2021، مقابِل 266.40 مليون دولار في الفترة الموازية من العام الماضي. وفي السياق نفسه، تراجعت قيمة الإعتمادات المستعمَلة للإستيراد بنسبة 92.12 في المئة سنويّاً إلى 27.26 مليون دولار، من 346.07 مليون دولار لغاية شهر أيّار 2021. وقد سَجَّلَت البوالص الواردة تراجعاً سنويّاً بلغت نسبته 15.28 في المئة لتصل إلى 115.82 مليون دولار، من 136.72 مليون دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام السابق.

أمّا لجهة إعتمادات التصدير، فقد تقلّصت قيمة الإعتمادات المفتوحة للتصدير بنسبة 53 في المئة على أساسٍ سنويّ إلى 55.39 مليون دولار لغاية شهر أيّار/مايو من العام 2021، مقابِل 117.88 مليون دولار في الفترة الموازية من العام الماضي، كذلك تراجعت قيمة الإعتمادات المستعمَلة للتصدير بنسبة 88.4 في المئة إلى 31.77 مليون دولار (أي ما يشكّل نسبة 57.37 في المئة من قيمة الإعتمادات المستنديّة المفتوحة للتصدير). وفي السياق، إنكمشت قيمة البوالص الخارجة بنسبة 44.09 في المئة على صعيدٍ سنويّ إلى 75.02 مليون دولار حتى شهر أيّار/مايو 2021، كما تراجع رصيد البوالص قيد التحصيل بنسبة 12.19 في المئة إلى 218.84 مليون دولار.