رسالة من قطر: إعلاء سلطان القانون شرط حماية النهضة الخليجية

  • 2021-05-11
  • 09:42

رسالة من قطر: إعلاء سلطان القانون شرط حماية النهضة الخليجية

  • رشيد حسن

 

قطعت دول الخليج مسافة كبيرة في التحول من الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي نشأت عليه (غالباً قبل فورة النفط) إلى واقع جديد هو الدولة الحديثة. ونجح حكام الخليج فعلاً في استخدام الثروة النفطية الوفيرة لبناء نظام اقتصادي متطور تنامت قطاعاته بحيث بات لهذه الدول شأن في الاقتصادين الدولي والإقليمي.

التحول الخليجي تمثل بصورة خاصة في اندماج عام بالاقتصاد الدولي وتبنّي ثقافة المؤسسات والقواعد التي تحكم عملها، اذ لا يمكن للمصارف مثلاً أن تعمل في بيئة مصرفية دولية من دون التكامل مع منظومة الشفافية والقوانين والهيئات الناظمة التي تحكم هذا القطاع، والأمر نفسه ينطبق على أسواق المال والصناعة والسياحة والبيئة والحياة المدنية، وبسبب هذا التطور ازدهرت المجتمعات الخليجية واستقطبت الاستثمارات المحلية والدولية وتدفق الملايين للعمل في الخليج أو الاستثمار أو العيش فيه.

مع ذلك بقي هناك في المجتمع الخليجي "منطقة ظلّ" محيطة بالسلطة إذ اعتُبِر ان هذه البيئة "مستثناة" إلى حد ما من القوانين الواضحة التي تنظم عمل المؤسسات العامة والخاصة. لكن مع النمو المستمر لثقافة المؤسسات وانفتاح الاقتصاد الخليجي على العالم تقلصت بصورة كبيرة مساحة الاستنساب لتتسع أكثر وباستمرار تقاليد المحاسبة والشفافية والحوكمة. فالمجتمعات الخليجية كبرت وكبرت حاجاتها وباتت في حاجة إلى تعزيز الشفافية في عمل الحكومات ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص.

وفي بلد كبير مثل السعودية مثلاً اعتبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن مكافحة الفساد اولوية وشرط اساسي لنجاح التحول الاقتصادي ولتوطيد النظام العام وتوجيه الموارد النادرة إلى التنمية وتطوير البلاد والاقتصاد وتحسين حياة الناس، بذلك تحول موضوع مكافحة الفساد إلى عمل جاد تقوم به مؤسسات متخصصة تمتلك الصلاحيات والدعم التام من الدولة. 

الأمر نفسه توصل إليه الحاكم في الكويت حيث تتم ملاحقة قانونية لمسؤولين كبار وحيث أنشأت الدولة هيئة لمكافحة الفساد. أما في قطر فإن استهداف شخصية كبيرة مثل وزير المالية يكسر أيضاً محرمات جديدة ويوسع دائرة المساءلة ويرسل رسالة لا لبس فيها إلى الجميع، ونحن لا نفترض هنا بأن الوزير مذنب فهذا أمر وحده التحقيق يظهره، لكن الكثير في قطر وبقية دول الخليج يتابعون بارتياح توطد مفهوم الدولة والنزاهة في العمل العام بل وفي العمل الخاص أيضاً لأن تطبيق القانون والمحاسبة والشفافية أصبحت كلها شروطاً لازمة لاستكمال النهضة الشاملة التي حققتها مجتمعات الخليج ثم حماية هذه النهضة وصونها للمدى الطويل.