كيف سيدار دولار منصة مصرف لبنان؟

  • 2021-05-03
  • 08:41

كيف سيدار دولار منصة مصرف لبنان؟

  • علي زين الدين

تترقب الاسواق المالية في بيروت الانطلاقة الموعودة لمنصة مصرف لبنان بعيد عطلة عيد الفصح، على أن يسبق التشغيل الفعلي صدور تعميم مفصل يحدد البنك المركزي بموجبه للمصارف ولشركات الصرافة الآليات العملانية للعرض والطلب ومرجعية التسعير والفئات المشمولة بالاستفادة من المنصة الجديدة.

وفي حصيلة استقصاء أجراه موقع "أولاًـ الاقتصاد والأعمال" مع مصادر معنية، فإن الصورة العامة لتشغيل المنصة لا تزال ضبابية، انما يرجح أن تنقشع خلال الأيام القليلة المقبلة مع صدور تعاميم موعودة. ذلك ان التدريب الذي تم لثلاثة أيام في ضيافة المعهد العالي لأعمال ( ESA ) اقتصر على الشأن التقني الذي تتولاه الشركة المشغلة، فيما يعتصم مسؤولو البنك المركزي بكتمان أو عدم دراية كافية لما سيقرره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشأن سير العمليات اليومية ومصدر ضخ الدولار وكمياته لتلبية الطلب، وماهية الدور الذي سيناط بالمصارف وشبكات فروعها بعدما تم منحها جميعها رخصة القيام بالأعمال التي كانت تتولاها شركات الصرافة المرخصة حصرياً.

واذ سبق لوزير المال غازي وزني ان شارك في التوقعات المتقاطعة بتحديد سعر التداول الأولي عبر المنصة بحدود 10 آلاف ليرة للدولار الواحد، يتريث سلامة في الافصاح عن الخطوات التنفيذية لجهة تحديد فئات المستفيدين وشروط الاستحصال على العملة الصعبة ومصدر تدفقها لتلبية الطلب وفق الآلية الجديدة، بينما تشير المعلومات المصرفية الى التداولات ستكون شبه حصرية في المرحلة الأولى وهادفة لتغطية الحاجات النقدية بالعملات الصعبة المتصلة بالمستوردات من الخارج.

ولوحظ ان ادارات بعض المصارف، وبينها مصارف كبيرة، تؤثر التمهل بالانخراط في عمليات المنصة قبل اتضاح كامل مكونات المنظومة، ولاسيما أن أكثرها يعاني من الشح في توفر العملات الصعبة، حيث تبين المعطيات المجمعة لدى جمعية المصارف ان ميزان الحسابات الخارجية للمصارف لا يزال سلبياً لدى البنوك المراسلة، برغم انكبابها في الأسابيع الأخيرة على ضخ نسبة 3 في المئة من اجمالي ودائعها، اي ما يوازي نحو 3.5 مليارات دولار في هذه الحسابات. ولذا، تنتظر ادارات المصارف صدور التعليمات التطبيقية للانضمام الى المنصة، بما يشمل وصف الاحتياجات البشرية واللوجيستية المطلوبة وتحديد المراكز والفروع المؤهلة لإدارة العمليات والبدء بتدريب الكوادر التقنية.

ويخشى في ضوء انسداد آفاق الحلول الداخلية وخصوصاً ما يتصل بتأليف الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، أن تفقد المنصة المظلة السياسية الداعمة وتحميل أوزارها كاملة الى مديرها (البنك المركزي) وشريكيه (المصارف وشركات الصرافة)، وبذلك يلحق التدبير الجديد ودولاره الموعود بسواه من الاجراءات التقنية المتعددة التي اعتمدها البنك المركزي عقب انفجار الأزمة النقدية، والتي افرغتها التجاذبات الداخلية الحادة من مضامينها وفعاليتها، بحيث لم تمنع جميعها من استنزاف خطر للاحتياط الحر من العملات الصعبة وبلغ "المقص" جدياً احتياطات الودائع البالغة نحو 16 مليار دولار.

 ويزيد من مشروعية هذه الهواجس، ان خضوع السلطة النقدية للقرار السياسي بمواصلة الصرف من الاحتياط تعدى 15 مليار دولار على مدار اشهر الازمة الـ 18 حتى الساعة، وهو ما يماثل اضعاف مبالغ التمويل التي سينشدها لبنان، او ستكون متاحة له من خلال برنامج التمويل الموعود مع صندوق النقد الدولي، والتي لا يتوقع ان تتخطى 5 مليارات دولار على مدى 3 سنوات كقروض ميسرة، اضافة الى نحو 900 مليون دولار تمثل حقوق السحب الخاصة، وهي غير خاضعة للشروط الخاصة باتفاق برنامج التمويل الائتماني.

وبمعزل عن توزيع التمويل بالليرة الذي لا يعتد به في توصيف المكامن المستعصية للازمة النقدية والمالية، باعتبار ان البنك المركزي يمثل الدولة بإصدار النقد الوطني، يقتضي التنويه بأن المصارف توظف نحو 80 مليار دولار لدى البنك المركزي ونحو 10 مليارات دولار لدى الدولة (سندات يوروبوندز)، والمصرف المركزي هو المقرض الرئيسي للدولة التي يبلغ دينها العام نحو 96 مليار دولار. وقد قررت الحكومة قبل عام تعليق دفع اقساط الديون والفوائد المستحقة. وبذلك تشكلت الدوامة الملتهبة وتكاثرت الشكوك بشأن مصير الودائع، طالما يتواصل تقاذف كرات المسؤولية وتتكاثر التعقيدات على المسار السياسي وتستمر المفاوضات "معلقة" مع صندوق النقد الدولي الى حين انطلاق حكومة جديدة وصوغ ورقة عمل موحدة يتبناها فريق موحد في شروحاته واقتراحاته، بخلاف مهمة "نشر تناقضات الرؤى والتقديرات" التي مارسها أعضاء مختلفون بحدة ضمن الفريق الرسمي السابق.

عموماً، ستضيف المنصة حتماً مفردة جديدة الى "معجم" الدولار اللبناني، والذي يمكن تسميته مسبقاً "مولار" نسبة الى منصته، وهو ينضم الى مجموعة "لولار"، اي حسابات المودعين بالدولار في البنوك التي يتم السحب منها بحصص شهرية محددة بسقوف اقصاها 5 آلاف دولار ربطاً بحجم الوديعة وبسعر 3900 ليرة، و"شولار" وهو المرادف المعتمد لصرف الشيكات بالدولار بما يماثل نحو 30 في المئة من القيمة المحررة.

يضاف الى هذه المجموعة منتج "طولار"، اي الدولار الطالبي الذي اقرّه مجلس النواب بمعدل 10 آلاف دولار بالسعر الرسمي لتلبية الحاجات المالية للطلاب اللبنانيين في الخارج، انما يتعذر تطبيقه بكامل مندرجاته بسبب شح الدولار لدى البنوك و"تعقيم" احتياطات البنوك الموظفة في البنك المركزي وسندات الدين الدولية للحكومة
( يوروبوندز )، وهو ما يسري اساساً ومنذ اشهر على أصحاب الحسابات المحررة بالدولار والذين يجرون سحوبات بالليرة حصراً وبسقوف محددة وبسعر 3900 ليرة لكل دولار.