تحدي كورونا الأخطر: التوزيع غير المتكافئ للقاحات

  • 2021-04-22
  • 08:38

تحدي كورونا الأخطر: التوزيع غير المتكافئ للقاحات

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

قد يعتقد البعض أن قضية التحصين ضد فيروس كورونا هي الأكثر أهمية، وأن التحديات التي تواجه العالم هي مخاوف السلامة والتردد بشأن لقاحات AstraZeneca Plc و Johnson & Johnson. ومما لا شك فيه أن التردد حول اللقاحات مسألة مهمة جداً، ولكن التحدي الأكبر الذي سيواجهه العالم خلال الأشهر المقبلة وهو التوزيع غير المتكافئ للقاحات بين البلدان الغنية والفقيرة.

12 مليار جرعة متوقعة هذا العام

يعد تطوير الطب الوقائي وتكثيفه من فيروس كورونا شهادة على القوة الابتكارية للاقتصاد العالمي الحديث. وبحسب الأدوية الموجودة بالفعل في السوق فقط، يجب أن تكون الطاقة التصنيعية الإجمالية هذا العام كافية لتقديم 12 مليار جرعة، وفقاً لقاعدة بيانات قام بتجميعها مركز Duke Global Health Innovation Centre. من الناحية النظرية، قد يكون هذا كافياً لإنهاء جائحة كوفيد -19. ومع اللقاحات الأحادية الجرعة والبالغة 1.5 مليار، من الممكن تحصين نحو 88 في المئة من سكان العالم.

نسبة التحصين على مستوى العالم 53 في المئة

ولكن من الضروري الأخذ في الاعتبار أن تحمي لقاحات Covid المطلوبة أغنى دول العالم وأفقرها، إلا أن الصورة تبدو أقل تفاؤلاً عندما تنظر إلى عدد الحقن التي تمّ حجزها بالفعل. حتى الآن كانت هناك طلبات للحصول على 6.96 مليارات جرعة فقط، وهو ما يكفي لتغطية نحو 53 في المئة على مستوى العالم، وفقاً لقاعدة بيانات مركز "ديوك غلوبال هيلس".

حتى هذه النسبة تميل بشكل واضح نحو البلدان الغنية، في حين أن هناك أدوية كافية لتحصين سكان الدول ذات الدخل المرتفع بشكل كامل مرتين تقريباً، أما في البلدان ذات الدخل المتوسط ​​الأدنى، حيث تعيش الشريحة الأكبر من سكان العالم، تنخفض التغطية إلى 12 في المئة فقط، وهذه مشكلة تبدو مألوفة حيث يرغب مصنعو الأدوية في العالم - بمن فيهم مصنعو الأدوية الجنيسة الذين يعاملون غالباً على أنهم مناصرو الجنوب -البيع للدول الغنية، حيث هوامش الربح هي الأعلى.

السماح لصانعي الأدوية الجنيسة بالانتاج  

من الناحية النظرية، يجب أن تضمن المنظمات الدولية المسؤولة مساواة الحصول على الأدوية في جميع أنحاء العالم. ويمكن للبلدان التي تفشل في إبرام صفقات ترخيص ميسورة التكلفة مع شركات الأدوية العالمية أن تلغي براءات اختراعها بشكل أساسي، في عملية تُعرف باسم الترخيص الإجباري، بحيث يمكن لصانعي الأدوية الجنيسة المحليين إنتاج نسخهم الخاصة، أما أولئك الذين يفتقرون إلى القدرة التصنيعية يمكنهم شراء الأدوية من دول أخرى، مثل الهند.

التراخيص التي تسمح بإنتاج أدوية رخيصة  

انخفض إصدار التراخيص الإجبارية التي تسمح بإنتاج الأدوية المنخفضة التكلفة بشكل كبير خلال العقد الماضي. وفي الممارسة العملية، يبدو أنه لا يتم العمل بالنظام، حيث انه نادراً ما يتم التذرع بالترخيص الإجباري للأدوية الجديدة. وفي هذه الحال، فإن العديد من الحالات في السنوات الأخيرة قد شملت دولاً غنية نسبياً تستخدم الإطار كأداة للمساومة على أسعار الأدوية، بدلاً من الدول ذات الدخل المنخفض التي تواجه نقصاً مطلقاً في الإمدادات المطلوبة. فالمعايير التي يعمل بموجبها الترخيص الإجباري بطيئة ومرهقة، وتتطلب جولات من المفاوضات بين الحكومات وشركات الأدوية، ومطابقة التراخيص من قبل الحكومات المستوردة والمصدرة. ويُعدّ هذا تحدياً، ولاسيما في ضوء الفترات الزمنية القصيرة والحاجة سريعاً إلى موافقات السلامة.

الموافقة على الأدوية قد تستغرق سنوات

وفي دراسة أجريت في العام 2016 أن الأمر يستغرق عادة ما بين أربع وسبع سنوات حتى تتم الموافقة على الأدوية في جنوب الصحراء الأفريقية من النقطة التي اتخذت فيها الخطوات التنظيمية الأولى في البلدان الغنية. ساهمت كورونا باختصار الخطوات التنظيمية، مثل برنامج Covax لتسريع الوصول إلى اللقاحات في البلدان المنخفضة الدخل، لكن الوتيرة البطيئة للتسليم خارج الدول الأكثر ثراء غير كافية بشكل كبير. هذه هي الحال بشكل خاص حيث ينتقل مركز ثقل العدوى من الدول الغنية والاقتصادات الناشئة الكبيرة إلى مجموعة من البلدان الأصغر الأقل قدرة على توسيع نطاق تصنيع الأدوية المحلي.

التنازل المؤقت عن حقوق الملكية الفكرية

ويأتي الأمل لتحقيق بعض الانفراجات من المدير العام الجديد لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا، الرئيس السابق لشراكة توصيل اللقاح التي تدعمها الأمم المتحدة، والذي جمع شركات الأدوية والسياسيين ومسؤولي الصحة العامة معاً في جنيف الأسبوع الماضي للعثور على الحلول.

كما أوصت ممثلة مكتب التجارة الأميركية كاثرين تاي في المؤتمر بـ "التعلم من مآسي وأخطاء الماضي وعدم تكرارها"، بضرورة وضع هذه الكلمات موضع التنفيذ. ويتمثل أحد الحلول الفورية - التي ما زالت تعترضه حكومات الدول الغنية، بما في ذلك الولايات المتحدة - في التنازل المؤقت عن ما يسمى بقواعد "تريبس" التي تحكم التجارة في مسألة حقوق الملكية الفكرية، ويمكن أن يقتصر هذا التنازل على علاجات Covid ولمدة حالة الطوارئ الصحية العامة الحالية.

 تبدو التحديات أبعد من مجرد تردد وخوف من تلقي اللقاح، فمسار التوزيع العادل للقاح على دول العالم كافة تعترضه عقبات لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها، لذلك يجب الاعتراف بأن التطلع إلى نظام تجاري عالمي من شأنه أن يوازن بين حماية الملكية الفكرية والاحتياجات الصحية للبشرية جمعاء قد فشل، ولا بدّ على النظام العالمي أن يسارع لإيجاد الحلول، إذا أراد فعلاً تحقيق التعافي العالمي.