ماذا بعد دوي "القنبلة الصوتية" ضد حاكم مصرف لبنان؟

  • 2021-03-05
  • 17:56

ماذا بعد دوي "القنبلة الصوتية" ضد حاكم مصرف لبنان؟

  • خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"

ليس عادياً صوت الدوي الذي أحدثه تقرير اعلامي بثّته "بلومبرغ" في شأن ترقب عقوبات مالية أميركية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكاد يكون صاعقاً في تأثيره وتداعياته لو لم يتم التحوط باستخدام "ذكي" لعبارة "تدرس" الادارة الأميركية. فالكلمة حمالة أوجه بهامش واسع بين حدي التثبت والنفي.

ما حملته الساعات القليلة الماضية وما ستحمله الساعات المقبلة، يرجح أن يظهر تموضع الكباش المحلي حول شخص الحاكم في قلب الضجة، لا على هوامشها. فالمعلومات المستجدة تجزم بأن وزارة الخزانة الأميركية أبلغت، عبر قنواتها في بيروت، بأنها غير معنيّة بمضمون التقرير "الاعلامي"، وربما ستصدر توضيحات وافية تنفي فيها المعطيات الواردة، وبالأخص أنها تتناقض مع المنهجية المتبعة في التقصي وإقرار العقوبات المالية من قبل الوزارات والإدارات الأميركية المعنية.

وبحسب معلومات توفرت لـ "أولاً-الاقتصاد والأعمال"، تلقى مكتب الحاكم اليوم سيلاً من الاتصالات حول القضية وخلفياتها وأهدافها. لكن الاتصال "الأهم" ورد من مسؤول ديبلوماسي أميركي حمل الجواب "الشافي": الإدارة الأميركية غير معنية بتاتاً بما صدر والمعلومات الواردة غير صحيحة، ليتبعها بعد قليل تأكيد المتحدث الاعلامي في السفارة الاميركية في لبنان كايسي بونفيلد لقناة "الجديد": "تابعنا تقارير صحافية تتحدث عن عقوبات محتملة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وهذه التقارير غير صحيحة"، ثم توالى تكرار النفي ليصل إلى وزارة الخارجية الأميركية.

عند هذا الحدّ، بدا ان سحر "الفبركة" ارتد سريعاً الى مرمى صانعيه. وليس من المستبعد أن ينتقل بالسرعة عينها إلى ردهات القضاء الدولي. فالموقع الذي يشغله سلامة على رأس السلطة النقدية ومسؤولياتها الحساسة في ظل الانهيار المالي والنقدي الذي تعانيه البلاد، يولد من أي شكوك أو اتهامات توجّه اليه انعكاسات مباشرة على كامل الميدان المالي والنقدي المنهك، كما إن استخدام عنوان يلقي التبعة على الادارة الاميركية ويشي بعقوبات وشيكة رغم عدم وجود إشارات جديّة أو مصادر واضحة في النص المرفق، يصيب الحاكم والبنك المركزي والادارة الاميركية بالضرر المعنوي المباشر، ومن الممكن ان يتسبب بتأجيج المضاربات في أسواق النقد المحلية، فضلاً عن الإساءة البالغة لسمعة لبنان في الأسواق المالية الدولية، والتي تلقت قبل سنة بالتمام والكمال ضربة قاصمة مع اعلان الحكومة اللبنانية تعليق دفع سندات اليوروبوندز.

وكانت وكالة "بلومبرغ" نقلت عن "مصادر" وصفتها بالمطلعة بأنّ "الولايات المتحدة تتداول فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على خلفية التحقيقات في تحويل أموال إلى الخارج، وأنّ "مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ناقشوا إمكانية اتخاذ إجراءات منسقة مع الشركاء الأوروبيين تجاه سلامة "، وعطفت هذه المعلومات على الملف السويسري.

وأضافت أنّ "المناقشات تمحورت حول تجميد أصول سلامة في الخارج وتفعيل الإجراءات التي ستحد من إمكاناته لممارسة الأعمال في الخارج، وأن القرار النهائي في هذا الصدد لم يتخذ بعد وليس وشيكاً. وقد درست واشنطن اتخاذ إجراءات ضد سلامة في وقت سابق، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب لم يبد إهتماماً بذلك في العام الماضي، وأن إدارته كانت تركز الجهود على مواجهة ايران و حزب الله".

في سياق أولى محطات هذه القضية، كتبنا "شأن رياض سلامة أن يرد على الاستفسارات الواردة من المدعي العام السويسري عبر السفارة في لبنان، ليحدد ماهية تحويلات مالية تخصه أو ترتبط بشخصه وماهيتها ومبالغها ومواقيتها، طبقاً لسجلات موثقة بين المصدر والمقصد، وهو اختار الإدلاء بما لديه لدى "الأصيل" في موطنه، بعد ان قدم افادته وأجاب على أسئلة "الوكيل" في بيروت".

في المقابل، هي مسؤولية الدولة اللبنانية بكامل سلطاتها وأجهزتها أن تدرأ أي ضرر نجم فعلاً عن هذا التطور المهم أو سيصيب لاحقاً مصرف لبنان المركزي، بوصفه مؤسسة سيادية أولاً، ونظير ما تتولاه تالياً من مهام ومسؤوليات مفصلية بموجب قانون النقد والتسليف، وخصوصاً مرجعيتها الحصرية في إصدار النقد وادارة السيولة في البلد، وربطاً بصلاحيات سلطاتها الناظمة والرقابية في تنظيم شؤون الجهاز المصرفي والمالي للعمليات المالية، أي ما يخص مجمل الثروات والمدخرات السائلة".

فهل تبادر الدولة الى حماية سيادتها النقدية؟