رسالة أمل من دولة الإمارات وقصة زمنين في منطقة منقسمة

  • 2021-02-12
  • 22:46

رسالة أمل من دولة الإمارات وقصة زمنين في منطقة منقسمة

  • رشيد حسن

 

افترق مسار الزمن في منطقتنا العربية الحزينة: طريق منه انفتح واسعاً نحو المستقبل، وطريق آخر يرتد كل يوم هبوطاً نحو ماض موحش سابق للحضارة والتقدم. هناك دول قررت الالتحاق بالمستقبل واستخدام مواردها لضمان مكان لها في ركب التقدم الإنساني، وهناك دول قررت إنفاق كل ما يتوافر لها من موارد في هدم مجتمعها. وفي هذه المجتمعات لا يحلم الناس بمسبار فضاء أو إنجاز علمي فهو في جوع إلى أبسط مقومات العيش الإنساني كما بقية الشعوب، ولا أمل لتلك الشعوب في المدى المنظور بما تتمتع به بقية المجتمعات السعيدة من منجزات إيجابية في الاقتصاد وجودة الحياة والسلام والأمن الشخصي والاجتماعي. ففي  بعض المجتمعات كل الموارد مسخرة لنشر الفقر والبؤس والتهجير. ومن الطبيعي أن هناك حالة افتراق وتفرق تحبط كل أمل في التعاون على التقدم وقيام منظومة إقليمية مؤسسة على السلام والاحترام المتبادل والتكامل في المصالح والعمل للمستقبل.

لا يدعي حكام دولة الإمارات العربية أنهم دولة عظمى بالمعنى السياسي أو الجغرافي، لكنهم يعلمون أن الحكم الرشيد خيار ورؤية، وهم اختاروا ولم يترددوا في أن يوجهوا مواردهم لرفع شأن شعبهم وتأمين حياة لائقة وكاملة لمواطنيهم وكل من يأتيهم بحثاً عن رزق أو تجارة، هدفهم الأول تأمين مكان لائق لهم في صف الدول الحديثة والتطلع الدائم إلى الأفضل. لذلك، نجدهم الآن في طليعة الدول التي أقامت أنظمة تجارية حديثة ومجتمعات مستقرة تستثمر في الطاقات المتجددة وفي أفضل الجامعات وفي البحث العلمي والتكنولوجيا المتقدمة، نجدهم وقد احتلوا مكاناً بارزاً بين أنشط الدول في الاستثمارات الخارجية وفي قطاعات العلوم والتكنولوجيا المتطورة، حتى باتت الصناديق السيادية في الامارات بين أكبر وانشط الصناديق السيادية في العالم، ويوم الثلاثاء دخل مسبار فضاء من صنع دولة الإمارات العربية في مدار كوكب المريخ لتصبح هذه الدولة الصغيرة رابع دولة تدخل حقل استكشاف الكوكب الأحمر بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند، وهذا الإنجاز العلمي له رمزية كبيرة، فالإمارات لا تعتبر نفسها منافساً لتلك الدول في مجال تكنولوجيا الفضاء لكنها ترسل عبر مشاركتها في هذا النوع من المبادرات الجريئة رسالة مهمة إلى شباب الدولة وإلى شباب الخليج والمنطقة العربية، وهذه الرسالة هي رسالة أمل وثقة بالنفس وبالمستقبل كما إنها رسالة تؤكد على أنه لا يمكن لأي بلد أن يتقدم عبر الاستثمار في تقنيات القوة والعنف بل فقط عبر بيئة السلام الإقليمي والدولي والتكامل مع العالم الحديث في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية والاستثمار في تقدم الانسان ورفع مستوى معيشته ورفاهيته.

تحية من الأجيال العربية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وشكراً على رسالة أمل جريئة وصلت بنا إلى مدار المريخ.