السعودية تسعى لمواءمة السعودة مع توفير البيئة الجاذبة للمهارات

  • 2021-01-14
  • 21:37

السعودية تسعى لمواءمة السعودة مع توفير البيئة الجاذبة للمهارات

نظام العمل الجديد يعتمد الكفاءة معياراً شاملاً

  • خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"

بعد إلغاء نظام الكفيل قبل شهرين وتحرير العلاقة التعاقدية بين العاملين المستقدمين وبين صاحب العمل، أدخل نظام العمل السعودي الجديد إصلاحات جذرية تقترب به أكثر من تحرير سوق العمل، إذ اعتمدت صيغته الجديدة التي نشرت أخيراً، الكفاءة معياراً شاملاً لشغل الوظائف وألغت إلزام أصحاب المؤسسات بأن يكون 75 في المئة من العاملين لديهم من السعوديين وتركت لوزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أحمد سليمان الراجحي تحديد هذه النسبة بحسب كل حالة والسماح بخفضها حالات معينة، وفي الوقت نفسه، ألغى القانون دور وزارة الداخلية في التفتيش على المنشآت، وضبط المخالفات وتسطير الغرامات او العقوبات وأوكل ذلك أيضاً وبصورة حصرية لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك، تضمن نظام العمل الجديد إصلاحات أساسية مثل خفض عدد ساعات العمل الأسبوعية من 48 إلى 40 ساعة، الأمر الذي يجعل العطلة الأسبوعية رسمياً يومين بدلاً من يوم واحد، كما إنه رفع إجازة الأمومة من 12 إلى 14 أسبوعاً وأبقى على إلزام صاحب العمل بتوفير المسكن أو بدل السكن للعاملين.

وكان اللافت للنظر، إدخال نظام العمل للمرة الأولى نصاً يحظر على صاحب العمل القيام بكل ما من شأنه "استبعاد أو تفريق أو تفضيل بين العاملين لديه على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو السن أو الإعاقة أو الحالة الاجتماعية أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى" والتي يكون من شأنها إبطال مبدأ تكافؤ الفرص وتساوي المعاملة في الاستخدام والمهنة، ومن المرجح أنه تمّ إدخال هذا البند مجاراة للقوانين والمعاهدات الدولية، لكن من دون أن يؤثر ذلك على حق الدولة السعودية في إعطاء الأولوية لتوظيف مواطنيها في إدارات الدولة والقطاع الخاص كلما توافرت لديهم الكفاءات اللازمة أو المطلوبة للموقع.

لكن الحكومة السعودية تبني في إصلاحاتها الأخيرة لنظام العمل على نتائج التجربة الواقعية التي أظهرت أن إلزام المؤسسات الخاصة بـنسبة توظيف للسعوديين لا تقل عن 75 في المئة من مجموع العاملين لديها، ثم خلق منظومة متكاملة لفرض الالتزام بهذه النسبة عبر نظام "نطاقات" وعبر تدريب السعوديين وتأهيلهم ، أثرت على جاذبية المملكة للاستثمارات ورفع توقعات الشباب السعودي وأضعف مرونة سوق العمل التي يجب أن تأخذ في الاعتبار طبيعة كل مهنة وواقع الشركات والحاجات المتغيرة للعمالة الماهرة بين حين وآخر، ولهذا السبب، فقد تخلّى نظام العمل الجديد عن نسبة الحد الأدنى لسعودة الوظائف في القطاع الخاص وجعل تحديد ذلك من صلاحية وزارة التنمية الإدارية التي لها أن تخفض النسبة وفق المعطيات الواقعية لتوافر السعوديين الذين تنطبق عليهم المواصفات والمؤهلات المطلوبة، كما تم تعزيز مرونة هذه السياسة من خلال تكليف وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية نفسه بتحديد النسبة المرغوبة لتوظيف السعوديين في مؤسسة معينة، وهذا الإصلاح المهم يرفع موضوع سعودة الوظائف من نطاق التشريع الملزم ليجعل منه موضوعاً إدارياً يتعلق بتقدير المصلحة وبحسن تدبير الشؤون اليومية للاقتصاد والبلاد.

أخيراً، فإن إصلاحات نظام العمل السعودي لا يمكن فصلها عن التوجه السعودي القوي لاستقطاب الشركات الأجنبية وتحويل المملكة إلى أهم سوق للأعمال والتجارة والمال في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج. وبدلاً من الرؤية الحمائية السابقة التي كانت تسعى الى تشغيل السعوديين عبر أنظمة "الكوتا" فإن حكومة المملكة باتت تعتبر أن الطريق السريع لتوفير فرص العمل للشباب السعودي هو في تحقيق الازدهار الاقتصادي واستقطاب الشراكات الدولية والاستثمار الاجنبي والاستثمار المكثف في تأهيل السعوديين وتطوير مهاراتهم والتركيز على ثقافة العمل والإنجاز التي باتت تشكل اساساً في مرحلة التحول وتنفيذ برامج رؤية 2030.