جورج نصراوي: الصناعات الغذائية في لبنان نشطة برغم الأزمة الاقتصادية

  • 2021-01-05
  • 07:35

جورج نصراوي: الصناعات الغذائية في لبنان نشطة برغم الأزمة الاقتصادية

"أولاً- الاقتصاد والأعمال" يحاور نائب رئيس "جمعية الصناعيين اللبنانيين"

  • كريستي قهوجي

يعيش اللبنانيون هاجس رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات والأدوية منذ فترة بسبب تراجع قدرة مصرف لبنان المركزي على مواصلة عملية الدعم بشكل كامل، مع توجه حكومة تصريف الأعمال نحو ترشيد هذه العملية، مما سيؤدي إلى فقدان معظم المنتجات المدعومة من على رفوف السوبرماركات والمحال التجارية، بالإضافة إلى قرب حدوث انفجار اجتماعي سيطاول الجميع من دون استثناء.

وتلقى قطاع الصناعة ضربات متتالية نتيجة الأزمات التي يعيشها لبنان منذ أواخر العام 2019 مع تكبّده خسائر فادحة لجهة انخفاض الانتاج وصرف العمال وإقفال المصانع على اختلاف أنواعها، إلا أن قطاع الصناعات الغذائية شهد نشاطاً ولو متفاوتاً في ظل النكبة الاقتصادية والصحية والسياسية، واستطاع هذا القطاع الصمود ومتابعة الانتاج والتصدير إلى الخارج في ظل المنافسة الشرسة التي يجدها من قبل صناعات بعض الدول المجاورة في الأسواق العربية والخليجية.

سياسة الدعم خاطئة

وفي هذا السياق، يرى نائب رئيس "جمعية الصناعيين اللبنانيين" جورج نصراوي في مقابلة مع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن سياسة الدعم التي حصلت كانت خاطئة منذ البداية حيث إن نتائجها أتت سلبية خصوصاً لناحية الفلتان الذي حصل في عملية التوزيع، مشيراً إلى أنه يتم العمل في الوقت الحالي على تخفيف الدعم عن بعض السلع، معتبراً أنه كان يجب على الدولة أن تعتمد سياسة البطاقات التموينية بدلاً من الدعم ومن ثم تحويلها إلى بطاقات تمويلية.

ويضيف نصراوي أنه يجري الحديث مؤخراً عن البطاقات التمويلية وهي تحتاج إلى دراسات معمّقة لمعرفة الفئات التي يجب أن تستهدفها بالفعل، مشيراً إلى أن هناك إجراء لإحصاءات حول هذا الموضوع مع ضرورة إشراك بعض المؤسسات التي تساعد الدولة على إنجاز هذا الموضوع.

ويتساءل حول إمكانية تأمين الدولة اللبنانية لدعم هذه البطاقة خصوصاً أن هناك تهرّباً من حاكمية مصرف لبنان بشكل يومي حول هذا الأمر إذ إنها تقدم تبريرات مختلفة مع غياب قرارات واضحة حول النسبة أو القيمة التي سيتم تخصيصها للبطاقة، مشيراً إلى أن هناك حديثاً عن تمويل للبطاقات بقيمة 400 ألف ليرة وحديثاً آخر عن 100 دولار أميركي و300 دولار، موضحاً أن "المركزي" لا يمتلك القيمة الحقيقية لتمويل هذه البطاقات.

وحول موضوع ترشيد الدعم عن الأدوية، يقول نصراوي إن الخطة سيبدأ تنفيذها في وقت قريب خصوصاً وأن هذا الأمر سيشجع الصناعة الوطنية لجهة ارتفاع الطلب على المنتج اللبناني، مشدداً على وجود معامل وطنية كفوءة تستطيع أن تنتج الأدوية محلياً بشكل كبير ومستمر.

 

إقرأ: 
جاك صراف: يمكن الاستمرار بالدعم شرط وضع هندسة شفافة له

 

كما يؤيد نصراوي رفع الدعم عن مادة البنزين خصوصاً لناحية أن سعر الصفيحة أدنى من سعرها في بلد المنشأ، لافتاً النظر إلى أن مصرف لبنان لم يعد يملك الإمكانات للاستمرار بدعم المحروقات، مشدداً على ضرورة إعادة هيكلة عملية ترشيد الدعم من ناحية الأدوية والمحروقات وحتى البطاقة التمويلية.

زيادة في الطلب على الصناعات الغذائية

في المقابل، شهد قطاع الصناعات الغذائية المحلية زيادة في الطلب بشكل ملحوظ خصوصاً بعد انخفاض عمليات الاستيراد لعدد كبير من المنتجات الغذائية، بالإضافة إلى قدرة القطاع على تقديم منتجات بشكل أكبر مما هي عليه في الوقت الحالي، إلا أن وضع حجز المصارف اللبنانية لأموال الصناعيين يؤثر على عملية استيراد المواد الأولية للإنتاج.

وفي هذا السياق، يقول نصراوي إن هناك عدداً من المصانع المحلية الذي لا يستطيع تأمين الأموال لاستيراد المواد الاولية بهدف الاستمرار بعملية الانتاج، مشيراً إلى أنه تم التنسيق بين "جمعية الصناعيين اللبنانيين" ووزارة الصناعة لتأمين 100 مليون دولار بهدف استيراد المواد الأولية وهي من أموال الصناعيين الموجودة في المصارف اللبنانية، مضيفاً أن هناك صعوبة في تنفيذ هذه الخطة لأن المستندات المطلوبة صعبة التحقيق.

 ويلفت النظر إلى أن لدى الكثير من الصناعيين الكفاءة والقدرة على الإنتاج بكميات في مصانعهم المجهّزة ولكن هناك نقص في كميات المواد الأولية المطلوبة، مشيراً إلى أن هناك مصانع تصدّر إلى الخارج وتستوفي أسعار البضاعة عبر الـ"Fresh Money" الأمر الذي يمكّنها من استيراد المواد الأولية من خلال هذه المبالغ من جديد، بالإضافة إلى مصانع أخرى عملت على تطوير منتجات جديدة لتحل مكان منتجات أخرى غير متوفرة في الأسواق بسبب صعوبة الاستيراد.

إقرأ أيضاً:
المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان: لتهديف الدعم لا ترشيده

 

دعم الدولة

كما يشدد على ضرورة قيام الدولة بدعم الصناعة الوطنية معنوياً ومن خلال وضع قوانين مناسبة خصوصاً وأن صناعات الدول المجاورة تشهد منافسة للمنتج اللبناني في الأسواق العربية ولاسيما بعد دخول المنتجات الإسرائيلية إلى الأسواق الخليجية وهذا ما يؤثر سلباً على الصناعة اللبنانية.

وحول الخسائر الفعلية التي تكبّدها قطاع الصناعات الغذائية في لبنان، يرى نصراوي أن جزءاً من المصانع تضرر نتيجة عدم قدرته على الاستمرار بالإنتاج وبقي محافظاً على عماله وموظفيه ويدفع لهم رواتبهم مشدداً على ضرورة أن تقوم الدولة اللبنانية بمساعدة هؤلاء الصناعيين بشكل فوري، ويضيف أن المصانع التي استمرت بتصدير منتجاتها إلى الخارج استطاعت أن توسّع أعمالها.

واقع المنتجات الزراعية: أخطاء يجب تصحيحها

يتم إنتاج معظم الصناعات الغذائية من مواد أولية مستوردة ولا تعتمد بشكل كبير على المنتجات الزراعية اللبنانية. ويقول نصرواي إن لبنان بلد يتكل على الصناعات التحويلية، مشيراً إلى أن المنتجات الزراعية في لبنان يتم تصنيعها من قبل الصناعيين المحليين، مشدداً على أن هناك أخطاء على وزارة الزراعة العمل على تصحيحها عبر توجيه إرشادات للمزارعين حول نوعية الزراعة الجيّدة الصالحة للتصنيع. ويضرب مثلاً حول قيام بعض المزارعين برش مبيدات على المنتجات الزراعية من دون أي معرفة أو إرشاد حول الطريقة الصحيحة للقيام بذلك، مضيفاً أن نسبة المبيدات تكون مرتفعة في المنتجات الأمر الذي يشكل عائقاً أمام تصديرها.

ما هي الحلول؟

وحول الحلول الممكنة، يعتبر نصراوي أن الاقتصاد مرتبط بالسياسة وأن الأزمات السياسية تتفاقم أكثر وأكثر بشكل يومي، مشيراً إلى أن هذا الوضع يؤثر بشكل خطير على الاقتصاد الوطني وينعكس بالتالي على القطاع الإنتاجي، ويشدد على ضرورة الاتفاق السياسي ورسم خطة للخروج من هذه الأزمة بالإضافة إلى إعادة الثقة بشكل كامل في التعامل بين التاجر والصناعي والمصارف.