لبنان: من "يؤمّن" شركات التأمين من مخاطر الدولار؟

  • 2020-01-23
  • 13:35

لبنان: من "يؤمّن" شركات التأمين من مخاطر الدولار؟

  • برت دكاش

يواجه قطاع التأمين، منذ العام الماضي، جملة تحديات أعاقت نموه، حاله في ذلك، حال كل القطاعات الإقتصادية الأخرى في لبنان، وذلك نتيجة ضعف الأداء الاقتصادي العام في البلاد وترافقه مع تراجع عدد المؤمّنين، في مختلف فروع التأمين مثل الحياة والاستشفاء والممتلكات.

هذه المشكلات، جاءت أزمة الدولار التي بدأت في الربع الأخير من العام 2019 لتعمّقها. وتشير الترجيحات إلى تراجع في حجم السوق في نهاية العام 2020، مرده إحجام مؤمنين كثر من أفراد أو مجموعات عن تجديد عقودهم، أو خفض درجة تغطيتهم الاستشفائية، وتوقف المصارف نهائياً عن تقديم قروض الإسكان والسيارات، وتوقعات بتوقف عدد من حاملي البوالص عن السداد وتراجع سعر صرف الدولار الرسمي مقابل السعر غير الرسمي.

 

أبرز تحديات قطاع التأمين في لبنان:

تسعير البوالص بالليرة اللبنانية في مقابل تسديد مبالغ إعادة التأمين بالدولار

توقف قروض الاسكان والسيارات ما أدى الى تراجع التأمين على الحياة والممتلكات

عدم تدخل مصرف لبنان لايجاد حل لمشكلة الدولار يهدد بوقف التغطيات نهائياً

 

معالم الأزمة

تشغل أهل القطاع حالياً، تداعيات انتفاضة 17 تشرين وأزمة الدولار التي تتفرّع منهما ثلاث قضايا تنعكس مباشرة على أداء الشركات، وهي تشكل محور لقاءاتها مع الجهات المختصة لحلها. القضية الأولى، يحددها رئيس مجلس إدارة شركة أروب للتأمين وإعادة التأمين فاتح بكداش ويؤكد عليها الرئيس التنفيذي في شركة أدونيس للتأمين وإعادة التأمين "أدير" لبيب نصر، " بأنها تتمثل بتسعير بوالص التأمين بالليرة اللبنانية، بينما يتوجب على الشركات تسديد المبالغ لمعيدي التأمين بالدولار الأميركي، شبه المفقود من السوق، أو في حال توافره لدى الصيارفة فبسعر مرتفع مقابل الليرة اللبنانية، ما يرتّب على الشركات خسائر ناجمة عن فرق السعر. والثانية، تكمن في عدم قدرة الشركات على تحويل الأقساط التي يعاد تأمينها بسبب القيود على تحويل "العملة الصعبة" إلى خارج لبنان. أما القضية الثالثة، فتتمثّل بدفع مستحقات الشركات للمستشفيات أو تعويضات بدل حوادث السير لشركات صيانة السيارات التي رفعت أسعارها بحجة أنها تشتري المعدات والقطع من الخارج باليورو أو الدولار، ما أدى إلى مزيد من الضغط والخسائر على شركات التأمين".

ويوضح بكداش في مسألة تحويل الأموال إلى معيدي التأمين قائلاً إنه "لا حلّ لهذه المشكلة لغاية الآن، علماً أنه في هذه الفترة من السنة نجدّد عقود الإعادة ونباشر بعدها بتسديد الأموال للمعيدين". ويشير إلى أن "لجنة الرقابة على الضمان والجمعية يتواصلون مع مصرف لبنان ليعطينا حلاً مناسباً لهذه الأزمة التي قد يترتب عليها وقف جميع التغطيات بصورة نهائية في حال عدم السداد للمعيدين". ودعا إلى "اتخاذ قرارات سريعة وواضحة من الجهات المختصة لتسيير أعمالنا، وإلا فإن المشكلة ستتفاقم".

2020 العام الأصعب

صحيح أن نتائج العام 2019 لم تصدر بعد، غير أنه ليس من الصعب على العاملين في قطاع التأمين التنبؤ بانحسار نموه مقارنة بالعام 2018. ويتوقّع نصر أن يكون العام 2020 عاماً صعباً على قطاع التأمين في ضوء استغناء مؤمنين، من أفراد ومؤسسات عن التأمين لعدم قدرتهم على التسديد أو بسبب إقفال مؤسساتهم. ما يضع ضغوطاً على السوق التأمينية ويؤدي حكماً إلى تقليص حجمها". ويلفت بكداش إلى "اكتفاء بعض المؤسسات بالضمان الإجتماعي للتغطية الصحية والاستشفائية لموظفيها، لتوفّر المال، و/ أو تخفّض عدد العاملين فيها. وكل ذلك يرتد علينا سلباً".

لكن ليست هذه وحدها أسباب تراجع حجم السوق في العام الحالي، إذ تضاف إليها أسباب أخرى تتمثل بتوقف البنوك نهائياً عن توفير قروض الإسكان والسيارات والتي سيتراجع معها بشكل لافت فرعا التامين على الحياة والممتلكات. ويوضح نصر في هذا السياق فيقول: "بدأنا نلمس هذا التأثير قبل الأزمة الحالية، وذلك بعد  توقف قروض الإسكان منذ عام تقريباً، وهي ترتبط مباشرة بتأمينات الحياة والممتلكات كون المستفيد من القرض ملزم بشراء بوليصة للتأمين على الحياة وتأمين للمنزل الذي يشتريه طوال مدة القرض. ومع توقف قروض السيارات أيضاً، سنشهد حكماً تراجعاً في محفظة حوادث السيارات، وبالتالي قد يتراجع حجم السوق ككل".

وفي ضوء ما تقدّم، يتوقع نصر "تعثر عدد من الشركات لعدم قدرتها على تحصيل أموالها من المؤمنين سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات، أو إصدار بوالص جديدة، لكنه يستبعد حصول عمليات دمج في هذه المرحلة نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب. كما إن أي شركة لن تتخذ قراراً مماثلاً أو  قراراً بشراء محفظة شركة أخرى من دون دراسة وافية ومعمقة وتقييم للربح والخسارة".

برامج الادخار والاستثمار

ماذا عن برامج الادخار والاستثمار التي تقدّمها شركات التأمين من خلال البنوك في إطار ما يعرف بالتأمين عبر المصارف؟ وما هو مصير هذه العقود فيما لو تمنع المستفيدون منها عن الدفع وهل سيتمكن المستفيد من استيفاء قيمة البوليصة عند استحقاقها؟

يجيب بكداش  بأنه "في حال تخلّف الزبون عن الدفع توجه إليه، بموجب العقد، إنذارات بوجوب التسديد. لكن في ضوء المستجدات الراهنة، يتم التحاور معه لإيجاد حلّ مناسب يحول دون خسارته أمواله المجمّعة سواء ضمن برنامج تقاعد أو ادخار للتعليم الجامعي لأولاده. علماً أننا كشركات، لا زلنا نتدارك الوضع حتى الآن وإنّما بات من الصّعب الاستمرار على هذا النحو لفترة طويلة، بسبب تراجع سعر الليرة مقابل الدولار والتزامنا بالسعر الرسمي للتحويل للمستفيد من الليرة إلى الدولار لتسديد قسطه، حيث إن هذه العقود مصدرة بالدولار".     

ويؤكد رئيس مجلس إدارة آروب والرئيس التنفيذي لشركة أدير على ملاءة شركتيهما للوفاء بإلتزاماتهما تجاه مؤمنيهما، سواء لناحية دفع التعويضات اللازمة نتيجة وقوع أي حادث أو لناحية دفع قيمة برامج الادخار متى استحقت آجالها.