لبنان: نجاح حكومة المهمة مرهون بتقييد المتحكمين

  • 2020-09-01
  • 18:43

لبنان: نجاح حكومة المهمة مرهون بتقييد المتحكمين

  • علي زين الدين

​  

 

ريثما يبلغ القطار الحكومي في لبنان محطة التأليف عقب اندفاعة التكليف المظللة بالمبادرة الفرنسية المدعومة دولياً، يفحص المحللون وصنّاع القرار في المؤسسات المالية خلفية التحولات في المشهد العام ومدى جديتها في مقاربة عقد سياسي جديد على أنقاض الحدث الجلل في مرفأ بيروت، ويرهن أغلبهم الاستنتاج الموضوعي باختيار الوزراء الجدد في الحكومة العتيدة. فالاسماء والمواصفات والارتباطات ستكفل اماطة اللثام عن الخفي في "المكتوب" للمرحلة الجديدة.

 

إقرأ:

لبنان: ضرورات "الدولة" تطيح بمحظورات الحاكم

 

بعض الآراء يواظب على الشك الى حد اليقين بأن الحرث في تحجر النظام السياسي برمته لن ينبت زرعاً. فحتى قبل فاجعة الرابع من آب/أغسطس التي كشفت كامل عورات الدولة، كان المزاج "الكيدي" غير عابئ بتدحرج البلاد وتخبطها في هوة بلا قعر، ولم يرف جفن السلطات جمعاء لدفع أفواج "العباد" إلى خطي الفقر والفقر المدقع وتلويح السلطة النقدية بعجزها عن الاستمرار بدعم تمويل السلع الاستراتيجية من قمح ودواء ومحروقات.

آخرون يؤثرون التدقيق في "كوة الضوء" التي فتحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويستدلون على جدية المبادرة بجرأة خطاباته إلى "مسؤولي" البلد وتحميلهم المسؤوليات وإنذار من يتوجب إنذاره بعقوبات دولية تنسف ما ملكت أيديهم من أموال الفساد وتطيح طموحاتهم ببلوغ "أمجاد" الكراسي والعروش الخاوية. ولإثبات المفهوم، يشيرون إلى غل أيادي الحكومة المستقيلة و"المتحكمين" في قراراتها ومنع امتدادها "علناً" إلى دفق المساعدات الانسانية والصحية التي ناهزت قيمتها 300 مليون دولار يتم توصيلها، عبر الجيش ومؤسسات المجتمع المدني حصراً، إلى عشرات الآلاف من متضرري كارثة المرفأ.

 

إقرأ أيضاً:

يد الخليج تمتد بعد الإغاثة لإعادة إعمار "هيروشيما" لبنان

 

في الحالتين، يبدو واضحاً أن هامش المناورة وتقطيع الوقت الذي يتقنه دهاقنة أهل الحل والربط بمجمل شخوصهم وصفاتهم ضيق إلى حد الانسداد. فلا لبس في التوصيف الفرنسي والدولي بين النهايات الموجعة والمدمرة للبلاد وناسها مع التخلي التام للمجتمع الدولي وبين استيلاد المعالجات من رحم الانهيار بدعم دولي معلق على الأعمال لا على النوايا، ومن المؤمل أن ترجح كفة جزرة الانتظام والالتزام بالوصايا وأن تهرب من عصا العقوبات التي أحسن الخارج الاختيار في رفعها على الأشخاص، بعد ان استخدمها حصاراً طويلاً ضد البلد بأكمله، فصارت دافعاً قوياً لتسريع الانهيارات النقدية والمالية والاقتصادية.

الأهم الآن، أن العقد الاقتصادي والمالي يحتل المساحة الأكبر من العقد السياسي الذي تقترحه المبادرة الفرنسية – الدولية، فاذا كان البند الأول التأليف السريع للحكومة العتيدة من اختصاصيين والكف عن "التذاكي" والانغماس مجدداً في المحاصصة الجهرية، فإن بند الشروع بأجندة الإصلاحات الملحة يتقدم فوراً الى الصدارة، ويرجح أن تظهر معالمه الأولى من خلال إعادة هيكلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وفق منهجية جديدة تنطلق من توحيد الرؤى والخطط الحكومية والنيابية والمصرفية وفريق عمل محترف ومتجانس يقوده وزير المال الجديد.  

 

إقرأ أيضاً:

مصارف لبنان تنفذ: التضحية بوحدات خارجية لضخ الدولار إلى المركز

 

ووفق التسريبات المقصودة غالباً، سيجري قياس أداء حكومة "المهمة" ومراقبة معرقليها من خلال رصد كفاءتها في الاستجابة لمقاربات الملفات الملحة وإشراك المجتمع المدني في النقاشات واقتراحات الحلول. ويفترض أن تتصدر، إلى جانب أولوية تحسين آليات ووسائل مكافحة كورونا، قضيتا كارثة المرفأ واستقلالية التحقيقات ومهنيتها ورفع "الأغطية" عن المدانين أياً كانوا. لذا يتوجب "أن تُشكّل الحكومة من شخصيات لا غبار عليها ويُشهد لها بالمهارة والنزاهة والكفاءة، لتحقيق تقدّم واضح، خصوصاً في الطاقة والمالية والاتصالات والاشغال والعدل، ويجب ان يكون امام مجلس النواب مشاريع قوانين الزامية تحاكي التغييرات الفعلية".

وفي ما خصّ الإصلاحات، فإنّ الورقة الفرنسية، كما ورد في وسائل اعلام دولية ومحلية، لحظت مجموعة إصلاحات يجب الّا تتأخّر السلطات اللبنانية في تنفيذها، ومن أبرزها، التدقيق الشامل الذي يعطي صدقية للبنك المركزي حيث رحّب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالمساهمة الفرنسية عبر وزارة المال والبنك المركزي الفرنسي، والاستجابة لطلب صندوق النقد الدولي والجهاز المصرفي بتغطية تقييد الرساميل والتحويلات بقانون تشريعي، وتعيين الهيئات الناظمة تزامناً مع اقرار خطة متكاملة في قطاع الكهرباء، وانطلاق هيئة مكافحة الفساد.

 ووضعت الورقة الفرنسية "أمام الحكومة مهمة تنظيم الانتخابات التشريعية خلال حدّ اقصى هو عام، سيدعم في خلاله الاتحاد الاوروبي هذه الانتخابات ويرسل فريقاً لمراقبتها، وقد وعدت فرنسا بتنظيم مؤتمر دولي للجهات المانحة لتمكين تمويل لبنان ومساعدته في بسط كامل سيادته" .