السعودية: قطاع البتروكيماويات يسجل الخسائر الفصلية الأعلى

سجلت شركات البتروكيماويات المدرجة  في البورصة السعودية خسائر بقيمة 2.9 مليار ريال (780 مليون دولار) في الربع الأول من العام الحالي، مقابل أرباح فصلية بلغت 4.8 مليارات ريال في الزمنية نفسها من العام الذي سبقه، وتعتبر هذه الخسائر الفصلية الثانية على التوالي والأعلى في تاريخ القطاع، بعد أن سجلت خمس شركات خسائر وتراجعت أرباح أربع شركات أخرى.

ويمر قطاع البتروكيماويات السعودي بواحدة من أدق المراحل وأكثرها صعوبة مع انتشار فيروس كورونا وتراجع الطلب العالمي على المواد الأساسية وارتفاع المنافسة بين اللاعبين الدوليين ولاسيما أن معظم إنتاج الشركات الوطنية يتم تصديره إلى الأسواق الخارجية، ومن المتوقع أن يؤدي اختلال التوازن العالمي بين العرض والطلب على المنتجات البتروكيماوية إلى استمرار الضغوط على الأداء المالي للشركات خلال الفترة المقبلة وهو ما سيدفعها إلى خفض النفقات والاستثمارات والتوزيعات النقدية.

العوامل التي أدت إلى الخسائر

أدت أربعة عوامل أساسية إلى تحقيق قطاع البتروكيماويات السعودي لهذه الخسائر الكبيرة. فمن جهة، تأثرت مبيعات الشركات سلباً نتيجة انخفاض أسعار المبيع وانكماش الطلب فتراجعت الايرادات المجمعة للقطاع بنحو 22.6 في المئة لتبلغ 43.6 مليار ريال في الربع الاول.

ومن جهة أخرى، لم تستطع الشركات خفض التكلفة المباشرة لاعتمادها على مخزونها القديم والمرتفع الكلفة في عملية الانتاج. وعليه، تراجع هامش إجمالي الدخل (Gross Margin) بنحو 13.7 نقطة مئوية إلى 12.8 في المئة خلال الربع الأول وهو أدنى هامش يحققه القطاع منذ سنين، كما وانخفض إجمالي الربح (Gross Profit) بنسبة 63 في المئة ليبلغ 5.6 مليارات ريال.

كذلك، لم تتمكن الشركات من خفض مصاريفها التشغيلية بل إنها ارتفعت بنحو 240 مليون ريال وهو ما أدى إلى تسجيل القطاع لخسائر تشغيلية (Operating Losses) قاربت المليار ريال سعودي.

إضافة إلى ما تقدم، سجلت بعض الشركات خسائر غير متكررة مثل ما حصل مع "سابك" والتي سجلت مصاريف بقيمة 1.07 مليار ريال شملت إعادة تقييم بعض الأصول الرأسمالية وهو ما ضغط على أرباح القطاع.

ضبط التكاليف وخفض الانفاق الاستثماري

شهدت معظم الشركات تراجع تدفقاتها النقدية ما دفعها إلى تبني خططاً لخفض إنفاقها الاستثماري وضبط التكاليف من أجل الحفاظ على متانتها المالية والسيولة النقدية المتوافرة لديها. ومع نهاية الربع الأول، بلغ إجمالي النقد لدى شركات القطاع 46.6 مليار ريال، متراجعاً بنسبة 1 في المئة فقط منذ نهاية العام الماضي، وهو ما يعتبر مستوى جيداً يساعدها على تأمين احتياجات الشهور الثلاثة المقبلة ولاسيما مصاريف الموظفين والتكاليف المباشرة حتى في ظل استمرار تراجع التدفقات النقدية، كذلك من المتوقع أن تستفيد شركات البتروكيماويات من انخفاض أسعار الفائدة في المملكة والأسواق العالمية نتيجة السياسات التحفيزية للمصارف المركزية لخفض نفقاتها التمويلية خلال الربع الثاني، علماً أن مجموع قروض القطاع بلغت 121 مليار ريال في الربع الأول مرتفعة بنحو 4.4 في المئة مقارنة مع نهاية العام الماضي. 

نظرة مستقبلية

تتوقع دائرة الأبحاث المالية في "أولاً – الإقتصاد والأعمال" أن تعاني شركات البتروكيماويات من ارتفاع المنافسة في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة خصوصاً مع انخفاض أسعار المواد الأولية وهو ما قد يفقد بعض الشركات السعودية ميزاتها التنافسية لناحية انخفاض التكلفة مقارنة باللاعبين الدوليين. في المقابل، من المتوقع أن يشهد الربع الثاني تراجعاً إضافياً في الطلب وهو ما سيزيد الضغط على الإيرادات وهوامش الربحية وسيدفع الشركات إلى خفض توزيعاتها النقدية للسنة الحالية.

إلا أن أمام الشركات المحلية فرصة كبيرة يمكن استغلالها تتمثل في تسريع عملية التحول نحو انتاج المواد المتخصصة والصناعات ذات القيمة المضافة والتي تشهد منافسة أقل وتمتاز بتحقيقها هوامش ربحية أفضل وهو ما قد يسمح للشركات السعودية بالدخول إلى قطاعات جديدة تعوض عن تراجع الطلب على المنتجات الحالية وتساندها في سعيها لتحقيق نمو مستدام.

النتائج الفردية للشركات

على المستوى الفردي، سجلت شركة "رابغ" اكبر خسارة في القطاع بقيمة 1.7 مليار ريال بعد  الايقاف الكامل لمجمع الشركة الصناعي لمدة شهرين لإجراء الصيانة الدورية الشاملة والمجدولة سابقاً، تلتها "سابك" مع تسجيلها خسارة بقيمة 949 مليون ريال سعودي متأثرة بتراجع الأداء في مختلف القطاعات التشغيلية مع انكماش الطلب وانخفاض الأسعار وارتفاع المنافسة، إضافة إلى تسجيلها خسائر غير متكررة. في المقابل، سجلت "سافكو" أعلى أرباح فصلية بين الشركات البتروكيماوية السعودية بقيمة 304 ملايين ريال متراجعة بنسبة 9.5 في المئة فقط.