تراجع النفط وكورونا يعمقان العجز: الكويت محدودية خيارات التمويل

  • 2020-03-15
  • 11:01

تراجع النفط وكورونا يعمقان العجز: الكويت محدودية خيارات التمويل

هل تلجأ الحكومة إلى الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة؟

  • عاصم البعيني


تقف المالية العامة في الكويت أمام مرحلة بالغة الحساسية في ظل الارتفاع المتوقع في عجز الموازنة للفترة المتبقية من السنة المالية الحالية، والذي تقدره أوساط مطلعة بنحو 87.5 في المئة، إثر انخفاض أسعار النفط وتداعيات فيروس كورونا.

استبعاد إقرار قانون جديد للدين العام

يعمق التحديات

 

يأتي ذلك، وسط محدودية الخيارات التمويلية المتاحة لا سيما في ظل غياب تشريع يسمح لها بالاقتراض من الأسواق الدولية وصولاً إلى السقف الأعلى للاقتراض الخارجي.  وقد دفع هذا الواقع الجهات المعنية إلى البحث في اتخاذ خطوات تفصيلية للحد من النزيف الحاصل في الميزانية ومن بينها وقف استقطاع نسبة الـ10  في المئة المخصصة لصندوق الأجيال القادمة. فما هي الخيارات المتاحة؟

تواجه المالية العامة في الكويت تحديات حقيقية منذ ما قبل أن يعمق تراجع أسعار النفط وانتشار فيروس كورونا من التداعيات. إذ بلغ العجز التقديري في مشروع الميزانية العامة للسنة المالية 2020-2021 نحو 7.7 مليارات دينار (25.2 مليار دولار) تعادل نحو 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، علماً أن إعداد الميزانية اعتمد على أساس أن سعر البرميل 55 دولاراً وكمية إنتاج عند 2.7 مليون برميل يومياً، فيما يبلغ سعر التعادل الذي تحتاجه الميزانية قبل كل التطورات المسجلة نحو 86 دولاراً للبرميل، مع الإشارة إلى أن الرواتب والدعم تستهلك وحدها نحو 71 في المئة من إجمالي النفقات التقديرية البالغة 22.5 مليار دينار. 

استدانة من الأجيال القادمة؟ 

استناداً إلى المعطيات الاقتصادية السائدة وتلك المرتبطة بواقع إمدادات النفط والأسعار الحالية، يقدّر الخبراء أن تتراوح أسعار النفط ما بين 30 إلى 35 دولاراً للبرميل وألا تتخطى في أحسن الأحوال مستوى الـ 40 دولاراً. وعند احتساب إيرادات ميزانية الكويت على أساس هذه المستويات، فإن إيراداتها النفطية قد تنخفض بنحو 35 في المئة، أي ما يعادل نحو 6 مليارات دينار، ما لم تطرأ معطيات جديدة من شأنها أن تعمق من تراجع الايرادات.   

وتبحث الجهات المعنية إمكانية وقف استقطاع نسبة الـ10 في المئة من الإيرادات المخصصة للأجيال القادمة. وفي هذا السياق تقول مصادر متابعة لـ "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إن هذا الخيار يعدّ بمثابة حل جزئي، وفي الوقت الذي تشدد فيه المصادر على أن إقرار قانون جديد للدين العام بات مطلباً ملحاً أكثر من أي وقت مضى حتى وإن كان اللجوء إلى الأسواق الدولية عبر إصدار سندات يبدو ضبابياً في ظل الظروف التي يعيشها الاقتصاد العالمي. وتحذر الأوساط نفسها من أن ضيق الخيارات التمويلية أمام الحكومة، قد يدفعها للانتقال من وقف الاستقطاع إلى الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة علماً أن الخيار الثاني في مثل هذه الحالات المتعلق بتسييل الأصول يبدو مستبعداً. 
ويبدو واضحاً أن ظروف العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة لم تنضج بعد للتوافق على القانون الجديد للاقتراض، لا سيما أن البلاد على مشارف انتخابات جديدة لأعضاء مجلس الأمة في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، ما يعني أن النواب الحاليين سيركزون على العناوين الشعبية بعيداً عن الحديث عن كيفية تمويل العجز وما يستتبعه من بحث في ضرورة ضبط الرواتب العامة والدعم.  

الاحتياطي العام على وشك النفاذ

وكانت الحكومة الكويتية لجأت إلى صندوق الاحتياطي العام لتغطية نفقاتها في ظل عدم قدرتها على الاقتراض من الأسواق الدولية، وأظهر آخر تحديث حول الصندوق في تقرير سابق لديوان المحاسبة أن إجمالي السحوبات من الاحتياطي العام بلغ نحو 2.1 مليار دينار خلال السنة المالية 2018-2019، أضيف إليها سحوبات بنحو 578 مليون دينار بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو الماضيين. علماً أن صافي أصول الاحتياطي العام بلغ نحو 22.8 مليار دينار في شهر حزيران/ يونيو الماضي، بتراجع 5.4 في المئة مقارنة بشهر آذار/مارس الماضي، فيما انخفض احتياطي الأصول السائلة وشبه السائلة إلى 9.8 مليار دينار في شهر حزيران/يونيو بتراجع نحو 9.7 في المئة، ما يؤشر إلى قرب استنفاذ هذه الاحتياطي في ظل التراجعات في أسعار النفط وارتفاع عجز الموازنة. 

العجز يرتفع قبل كورونا وتراجع النفط   

 
وكانت الإحصائيات الصادرة عن وزارة المالية في شأن شهر شباط/فبراير والتي صدرت قبل أيام، أظهرت ارتفاع عجز الموازنة إلى نحو 1.825 مليار دينار (5.975 مليارات دولار) بعد خصم احتياطي الأجيال القادمة البالغ نحو 1.57 مليار دينار، وذلك خلال فترة 11 شهراً من السنة المالية 2019-2020)، مقارنة بفائض قيمته 1.793 مليار دينار، أي بزيادة نحو 200 في المئة. ويأتي تسجيل هذا العجز من دون احتساب تداعيات كورونا بطبيعة الحال على الاقتصاد والخطوات المتخذة لمكافحته وقبل انهيار أسعار النفط، حيث فقد برميل النفط نحو 15 دولاراً من أسعاره السابقة.  
بدوره، بلغ إجمالي الإيرادات المحققة نحو 15.7 مليار دينار عن فترة الـ 11 شهراً بانخفاض نحو 2.6 مليار دينار، وذلك نتيجة انخفاض الإيرادات النفطية إلى نحو 14.3 بتراجع نحو 2.8 مليار دينار، وانخفضت المبالغ المحولة إلى احتياطي الأجيال المقبلة إلى نحو 1.5 مليار دينار بتراجع نحو 14.4 في المئة.