"بوينغ 737 ماكس" تعود إلى الواجهة من جديد: إيقاف عالمي بعد حادثة "ألاسكا إيرلاينز"

  • 2024-01-07
  • 12:00

"بوينغ 737 ماكس" تعود إلى الواجهة من جديد: إيقاف عالمي بعد حادثة "ألاسكا إيرلاينز"

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

لطالما شكلت طائرات "بوينغ" من طراز "737 ماكس" جدلاً واسعاً بين مختلف الأوساط الأميركية والعالمية خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب العيوب والمشاكل الفنية والتقنية التي رافقتها منذ بداية تصنيعها ووضعها في الخدمة مما أدى إلى حادثين جويين تسبّبا بمقتل مئات المسافرين عبرها، ليصار بعدها إلى توقيفها عن الخدمة وإجراء التحقيقات اللازمة ومن ثم إعادة استئناف رحلاتها.

واليوم، عاد الحديث عن هذه الطائرات بعد أن أمرت الهيئات التنظيمية الأميركية بإيقاف مؤقت لـ171 طائرة من طراز "737 ماكس 9"  في الولايات المتحدة تبعتها خطوات مماثلة من شركات طيران عالمية عدة، وذلك على إثر حادث جوي تعرّضت له إحدى الطائرات التابعة لشركة "ألاسكا إيرلاينز" الأميركية وهبوطها بشكل اضطراري من دون وقوع إصابات في الأرواح مما وضع شركة "بوينغ" أمام تساؤلات حول سلامة تلك الطائرات من جديد.

وفي التفاصيل، فإن الرحلة الجوية الرقم 1282 التابعة لشركة "ألاسكا إيرلاينز" التي كانت متجهة إلى أونتاريو في ولاية كاليفورنيا وتقل على متنها 171 راكباً و6 من أفراد طاقمها، قامت بهبوط اضطراري يوم الجمعة الماضي في مطار بورتلاند في ولاية أوريغون بعد 20 دقيقة من إقلاعها إثر انفصال لوحة المقصورة في الطائرة في الجو، مما أدى إلى ثقب بحجم الباب في جانب الطائرة، التي تعتبر جديدة وفقاً لمعايير شركات الطيران التجارية حيث تم تسجيلها للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 وقامت بـ145 رحلة فقط. وعلى الفور، أمرت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية بعض شركات الطيران بالتوقف عن استخدام طائرات "ماكس 9" حتى يتم تفتيشها والتحقق من سلامتها وطلبت منها فحص ما أسمته "قابس باب منتصف المقصورة".

 

 

وفي غضون ساعات من الحادثة، أعلنت شركة "ألاسكا إيرلاينز" أنها ستوقف تشغيل جميع طائرات "بوينغ 737 ماكس 9" البالغ عددها 65 طائرة في أسطولها حتى يتمكن الفنيون من فحص كل طائرة بعناية، كما إن قرار إدارة الطيران الفدرالية شمل شركة "يونايتد إيرلاينز" وبعض الشركات الأخرى، وإلى جانب إدارة الطيران الفدرالية الأميركية، يشارك المجلس الوطني لسلامة النقل بالتحقيقات في الحادثة.

وفي تعليق أولي، قالت شركة "بوينغ" في بيان مقتضب إنها على علم بالحادث الذي تعرضت له رحلة "ألاسكا إيرلاينز" رقم 1282، مشيرةً إلى أنها تعمل على جمع المزيد من المعلومات وهي على اتصال مع عملائها من شركات الطيران، مؤكدة أن فريقاً فنياً من الشركة على أهبة الاستعداد لدعم التحقيق.

وفي بيان ثانٍ، أكدت "بوينغ" أن "السلامة هي أولويتنا القصوى ونحن نأسف بشدة لتأثير هذا الحدث على عملائنا وركابهم"، مشيرةً إلى "أننا نتفق مع قرار إدارة الطيران الفيدرالية وندعمه بالكامل بطلب إجراء عمليات تفتيش فورية للطائرات من طراز 737 ماكس 9 بنفس تكوين الطائرة المتضررة".

وأضافت الشركة أن "فريق بوينغ الفني يدعم تحقيق المجلس الوطني لسلامة النقل في حادثة الجمعة الماضية، وسنظل على اتصال وثيق مع الجهات التنظيمية والعملاء لدينا".

 

ما انعكاس التوقيف المؤقت لطائرات "ماكس 9" على الشركات والمسافرين؟

 

يؤدي اتخاذ قرار بإيقاف مؤقت للطائرات إلى الضغط على المسافرين بشكل عام، بحيث تضطر شركات الطيران في بعض الأحيان إلى إلغاء رحلاتها لأنها لا تملك طائرات أخرى تحل مكان الطراز الذي تم إيقافه.

وفي هذا الصدد، أعلنت شركة "يونايتد" أن تعليق رحلاتها أدى إلى إلغاء 60 رحلة جوية يوم السبت الماضي، وهو جزء صغير من جدولها الزمني، في حين أن شركة "ألاسكا إيرلاينز" ألغت نحو 100 رحلة جوية يوم السبت أي 13 في المئة من الرحلات المقررة لهذا اليوم، مع الإشارة إلى أن طائرات "ماكس 9" تشكل 28 في المئة من أسطول الشركة من طائرات "بوينغ 737"، فيما تستخدم طائرات من نوع "إمبراير إي 175" الأصغر حجماً إلا أن وجود أقل من نصف مقاعد طائرة "بوينغ 737" فيها لن يمكّن الشركة من تعويض كل الركود.

 

من هي شركات الطيران التي تستخدم "ماكس 9"؟

 

 

 

إلى جانب شركتي "ألاسكا إيرلاينز" و"يونايتد"، تمتلك كل من "كوبا إيرلاينز" البنمية و"آيرومكسيكو" في الأميركيتين، و"سكات إيرلاينز" الكازاخية و"آيسلاند إير" و"فلاي دبي" و"الخطوط الجوية التركية" وغيرها طائرات "بوينغ 737 ماكس 9".

 

إيقاف عالمي

 

التزمت معظم شركات الطيران العالمية التي تمتلك أساطيل من طراز "737 ماكس 9" بقرار إدارة الطيران الفدرالية الأميركية حول التوقيف المؤقت لهذه الطائرات. وفي حين قال متحدث باسم شركة "فلاي دبي" الإماراتية إن طائرات "737 ماكس 9" الثلاث في أسطولها أكملت فحوصات السلامة اللازمة خلال الـ 24 شهراً الماضية، وإن الشركة كانت تنتظر توجيهات من "بوينغ" قبل إجراء أي عمليات تفتيش أخرى، أعلنت شركة "كوبا إيرلاينز" البنمية أنها أوقفت مؤقتاً تشغيل 21 طائرة من طراز "737 ماكس 9"، وقالت إنها "تتوقع إعادة هذه الطائرات بأمان وموثوقية إلى جدول الرحلات خلال الـ 24 ساعة المقبلة"، لافتة النظر إلى إمكانية حدوث بعض التأخير والإلغاء، كما قررت شركة "آيرومكسيكو" وضع كل طائراتها من طراز "ماكس 9" خارج الخدمة.

من جانبها، قالت شركة "الخطوط الجوية التركية" إن هيئة الطيران المدني في البلاد طلبت منها فحص أسطولها الصغير المكون من 5 طائرات من طراز "737 ماكس 9"، مشيرة ًإلى أنه حتى اكتمال المراجعة الفنية، سحبت هذه الطائرات من الخدمة.

وفي الصين، عقدت هيئة تنظيم الطيران اجتماعاً طارئاً بعد يوم من الحادث للنظر في الرد، بما في ذلك احتمال إيقاف أسطول طائرات "بوينغ ماكس" في البلاد. ولا تعتمد شركات الطيران الصينية طراز الطائرة المستخدم في حادثة ألاسكا إيرلاينز". وكانت الصين أول دولة توقف تشغيل طائرات "737 ماكس" بعد حادثتي تحطمها قبل سنوات عدة. وتحسنت العلاقات تدريجياً، حيث تسلمت الصين أول طائرة أكبر حجماً من طراز 787 منذ سنوات عدة في ديسمبر/كانون الأول، في حين لم تستأنف بعد عملية تسليم طائرات ماكس 737.

من جهتها، اعتمدت وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي توجيه إدارة الطيران الفدرالية الأميركية لكنها أشارت إلى عدم وجود شركات طيران تابعة للاتحاد الأوروبي تقوم حالياً بتشغيل طائرة بالتكوين المتأثر. وقالت هيئة تنظيم السلامة الجوية البريطانية، من جهتها، إنها ستطلب من أي مشغل لطائرة "737 ماكس 9" الالتزام بتوجيهات إدارة الطيران الفدرالية لدخول مجالها الجوي.

 

حوادث سابقة

 

أدى حادثا تحطم طائرتين من طراز "ماكس 8" إلى مقتل 346 شخصاً في أقل من 5 أشهر ما بين عامي 2018 و2019 بسبب تعطل نظام تجاوز أوامر الطيار.

وأدت هذه الحوادث إلى وقف تحليق طائرات "بوينغ 737 ماكس"، مما أدى إلى وقوف مئات الطائرات على مدارج المطارات حول العالم لمدة عامين تقريباً بينما عمل المهندسون على تحديد المشكلة وحلها حتى يتمكن المنظمون من إعادة اعتماد الطائرات.

ووقع الحادث الأول في تشرين الأول/أكتوبر 2018، عندما سقطت طائرة تقل 189 شخصاً أقلعت من العاصمة الإندونيسية جاكرتا في بحر جاوة بعد دقائق. وبعد 4 أشهر، تحطمت طائرة أخرى من طراز "737 ماكس"، تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية، بعد إقلاعها مباشرة في طريقها إلى أديس أبابا، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص الذين كانوا على متنها وعددهم 157 شخصاً، بما في ذلك أفراد طاقم الطائرة الثمانية. وبعد أيام، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن المنظمين الأميركيين سيوقفون مؤقتاً جميع الرحلات الجوية لطائرة "بوينغ 737 ماكس" بينما سعى المحققون و"بوينغ" إلى تحديد كيف لعب نظام برمجي كان من المفترض أن يجعل الطائرة أكثر أماناً في وقوع الحوادث. وعلى إثر ذلك، اتحذت 42 دولة أخرى خطوات جذرية لمنع المزيد من الانهيارات.

وكانت تقارير لـ"نيويورك تايمز" كشفت أن الضغوط التنافسية والتصميم المعيب والإشراف الإشكالي لعبت دوراً أساسياً في حوادث هذه الطائرة، علماً أنها أفضل طائرة مبيعاً لشركة "بوينغ" على الإطلاق.

ووافقت شركة "بوينغ" على دفع 2.5 مليار دولار في تسوية مع وزارة العدل الأميركية في العام 2021 لحل تهمة جنائية مفادها أنها تآمرت للاحتيال على إدارة الطيران الفيدرالية، التي تنظم الشركة وتقيم طائراتها. وفي العام 2022، دفعت "بوينغ" 200 مليون دولار إضافية في صفقة مع منظمي الأوراق المالية الأميركية بسبب اتهامات بأن الشركة ضللت المستثمرين من خلال الإشارة إلى أن الخطأ البشري هو المسؤول عن الحادثين المميتين، وتجاهل مخاوف الشركة في شأن الطائرة.