عن دور المساهمين والمستثمرين بتمويل تدابير الحياد الكربوني

  • 2023-10-31
  • 11:15

عن دور المساهمين والمستثمرين بتمويل تدابير الحياد الكربوني

  • باراج نارسينجكار

رئيس عمليات الاستحواذ والاستثمار والاستشارات المالية في الشرق الأوسط والهند وأفريقيا لدى شركة "إنجي"

تتطور أزمة التغير المناخي بوتيرة متسارعة تنذر بضرورة انتقال الدول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وفي حين يلعب بعض الحكومات والشركات والأفراد أدواراً حاسمة في التصدي لهذه الأزمة، تملك مجموعة من المستثمرين والمساهمين بفضل مواردهم وتأثيرهم الفعال القدرة على إحداث تغيير إيجابي وتحفيز الشركات على بذل جهود أكبر لتحقيق الحياد الكربوني وتسريع الرحلة الرامية إلى إرساء مستقبل أكثر استدامة.

 

قد يهمك:

عبد المحسن العمران: موقعنا قوي للاستفادة من الطلب على إدارة الثروات بالخليج

 

يمكن للمستثمرين والمساهمين الدفع باتجاه التغيير الإيجابي بأساليب متعددة، أبرزها إجراء حوارات ومحادثات بنّاءة مع الشركات التي يملكون حصصاً فيها، تتناول مواضيع حاسمة مثل مخاطر انبعاثات الكربون والتغير المناخي واستراتيجيات الاستدامة، وأن إعطاء الأولوية للاستثمار في تدابير تؤول إلى الحياد الكربوني يسمح للشركات بمواءمة أعمالها مع أهداف المستثمرين والمساهمين، ويعكس التزامها بممارسات الاستدامة، وبالتالي يعزز قدرتها على تأمين التمويل المطلوب من قبل أصحاب الحصص للاستثمار بتلك التدابير.  

 

يمتلك المستثمرون والمساهمون إمكانات هائلة لدعم القضية الرامية لإزالة الكربون وتحقيق إنجازات قريبة المدى. إن هذه التدابير ضرورية للحؤول دون التقادم في السوق ولمواجهة التحديات التنظيمية. وفي ظل تزايد الطلب على تحقيق تقدم ملموس، بات من الضروري أن توجه المؤسسات استثماراتها للبحث والتطوير عن بدائل منخفضة الانبعاثات الكربونية، وأن تضع أهدافاً واضحة طويلة المدى لخفض الكربون ومعايير قابلة للتحقيق بما يرسخ التزامها تجاه المستثمرين، هذا المستوى من الشفافية يظهر حرص الشركات على معالجة مسألة الانبعاثات ويدفعها لاتخاذ إجراءات لبلوغ الحياد الكربوني مما يعزز ثقة المستثمر.

يشار إلى أن بعض الشركات مثل "إنجي" بدأت هذه المسيرة من خلال تحديد أهداف طموحة للحدّ من الكربون، فتعهدت بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري بحلول العام 2045 وإنتاج 80 جيغاواط من الطاقة المتجددة عالمياً بحلول العام 2030 و4 جيغاواط من قدرة التحليل الكهربائي بحلول العام 2030، بما يؤكد تفانيها تجاه المستثمرين ويعزز إصرارها على اتخاذ إجراءات فورية لتحقيق الحياد الكربوني.

إن اعتماد نهج يركز على الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في عمليات صنع القرار يعدّ وسيلة أخرى يمكن للمستثمرين والمساهمين المساهمة بها. فمن خلال تقييم الشركات بناء على بصمتها وأثرها الكربوني وسياسات الاستدامة والمخاطر المرتبطة بالتغير المناخي، يمكن للمستثمرين توجيه مواردهم نحو المبادرات المنخفضة الانبعاثات الكربونية، ويشجع هذا الأسلوب الشركات على تحسين أدائها البيئي بما يتوافق مع الطلب المتزايد من المجتمع الاستثماري على تبني الممارسات المستدامة، كما يعتبر ذلك ميزة للشركات ذات الأداء القوي في مجال الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لاستفادة من انخفاض تكاليف رأس المال، حيث يُنظر إليها على أنها أقل خطورة وأكثر مرونة في مواجهة المخاطر البيئية والاجتماعية.

إن الجهود الجماعية المبذولة تعزز الإمكانات الآيلة لتحقيق الأهداف المناخية. فمن خلال الانضمام إلى شبكات ومبادرات تركز على التمويل المستدام والحياد الكربوني، مثل "Climate Action 100+"، يتحد المستثمرون للتعامل مع مسببات الانبعاثات الكربونية الكبيرة والدفع نحو تحقيق أهداف طموحة لخفض الانبعاثات، وذلك عبر تبادل المعرفة وممارسة الضغط الجماعي وتحفيز التغيير النظامي عبر القطاعات.

يتمتع المستثمرون أيضاً بفرصة الانضمام إلى تحالفات تدعم إزالة الكربون، وقد يؤدي ذلك إلى تحقيق تغيير جذري في الصناعة وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتسريع الجهود الرامية إلى إزالة الكربون، وتوفر هذه التحالفات منصة للمستثمرين لتسخير خبراتهم ودعم المبادرات العالمية لإزالة الكربون، وتقدم لهم فرصة لتعزيز تأثيرهم وتحسين العمل الجماعي وتسريع الإجراءات الآيلة إلى تمويل تدابير الحياد الكربوني عالمياً.

خلاصة القول إن المستثمرين والمساهمين يملكون قوة كبيرة لتوجيه عملية التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. فمن خلال المشاركة الفعّالة مع الشركات، ودمج الممارسات البيئة والاجتماعية وحوكمة الشركات ودعم قرارات المساهمين والمشاركة في شبكات المستثمرين، وتوجيه رؤوس الأموال للاستثمارات الخضراء، يمكنهم أن يلعبوا دوراً حاسماً في تمويل تدابير الحياد الكربوني. هذه الإجراءات ليست فقط لتعزيز مساءلة الشركات وتشجيع ممارسات المستدامة، بل تساعد أيضاً على إعادة تشكيل مشهد الأعمال نحو مستقبل أكثر وعياً بالبيئة. ومن الضروري أن يستغل المستثمرون والمساهمون قوتهم الجماعية ويعملوا بروح التعاون لمواجهة التغير المناخي وتمهيد الطريق لغدٍ أفضل وأكثر إشراقاً.