"مارمور": الحصول على الغذاء يفوق تحدي تحمل التكاليف خليجياً

  • 2023-07-31
  • 13:15

"مارمور": الحصول على الغذاء يفوق تحدي تحمل التكاليف خليجياً

في تقريرها حول "نقص الإمدادات الغذائية في الفترة من 2020 إلى 2022" وتأثيرها على الكويت ودول الخليج

  • الكويت – "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

أصدرت شركة "مارمور مينا إنتليجنس"، الذراع البحثية للمركز المالي الكويتي "المركز"، تقريراً جديداً حول "نقص الإمدادات الغذائية في الفترة من 2020 إلى 2022" وتأثيرها على الكويت ودول الخليج.

 

إقرأ:

النائب الأول لحاكم مصرف لبنان: لا تمويل للحكومة خارج الإطار القانوني

 

جاء فيه أن الأحداث العالمية، ومنها "كوفيد-19" وتغير المناخ والحرب الروسية على أوكرانيا، سلَّطت الضوء على مدى هشاشة سلاسل التوريد العالمية، وسلطت "مارمور مينا إنتليجنس" الضوء على أن دول الخليج تواجه مشكلة إتاحة وليست مشكلة إمكانات"، ويستعرض التقرير العوامل المختلفة وراء تضخم أسعار المواد الغذائية وتأثيرها على دول مجلس التعاون الخليجي عامةً، وعلى الكويت خاصةً، كما يناقش التقرير الإجراءات التي اتخذتها حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة هذه الاضطرابات، ويقدم بعض التوصيات للكويت كخطط طويلة المدى لمواجهة مشكلة نقص المواد الغذائية العالمية.


ارتفاع حالات النقص الحاد في الغذاء إلى 205 ملايين شخص في 2022 


نظرة عامة على اضطراب الأمن الغذائي عالمياً

 

في العام 2022، كشف التقرير العالمي حول أزمة الغذاء عن ارتفاع في حالات النقص الحاد في الغذاء، من 135 مليون شخص في العام 2019 إلى 205 ملايين شخص في العام 2022. ومع انخفاض صادرات أوكرانيا من الحبوب والبذور الزيتية بسبب الحرب، كان القمح والبيض وزيت النخيل من بين السلع التي تعاني النقص. وعلى الرغم من الانخفاضات المؤقتة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، وبلغت ذروتها في شهر آذار/مارس من العام 2022. 

وعلى الرغم من ذلك، انخفضت أسعار المواد الغذائية في وقت لاحق، ولاسيما في شهر تموز/يوليو من العام 2022، بعد الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا، وتحسن معدل توافر المواد الغذائية الموسمية، وساهمت مبادرة الحبوب في البحر الأسود في تحقيق الاستقرار وزيادة إمدادات الزيوت النباتية، وواصل مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة انخفاضه، حيث انخفض للشهر الثاني عشر على التوالي في شهر آذار/مارس 2023. وكان هذا الانخفاض مدفوعاً بالإمدادات الكافية، وانخفاض الطلب على الواردات، وتوسيع نطاق مبادرة الحبوب في البحر الأسود، مما أدى إلى تراجع أسعار الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان.


الحرب الروسية واضطراب سلاسل الأمداد عمقتا الأزمة 

 

نقص المواد الغذائية الرئيسية والتضخم

 

كانت جائحة "كوفيد-19"، وارتفاع تكاليف الشحن، وتغير المناخ، وارتفاع أسعار الأسمدة، من ضمن العوامل الرئيسية التي ساهمت في نقص الغذاء وارتفاع التضخم، كما أثرت الحرب الروسية الأوكرانية بشكل كبير في أسعار المواد الغذائية العالمية. وقد أثرت الاضطرابات في سلسلة الإمدادات الغذائية على كل من الدول المنخفضة الدخل والمرتفعة الدخل؛ حيث تعاني الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة من انعدام الأمن الغذائي ونقص الغذاء بسبب حظر صادرات الأغذية من قبل بلد المنشأ.


دول الخليج استوعبت التقلبات في الأسعار 


نظرة على دول مجلس التعاون الخليجي والكويت

 

تمكنت دول مجلس التعاون الخليجي، التي تمتلك احتياطات مالية كافية، من ضمان توافر الإمدادات من الواردات الغذائية، واستيعاب أي تقلبات مفاجئة ومتقطعة في الأسعار؛ وذلك لعدم وجود مخاوف في شأن القدرة على تحمل التكاليف، إلا أن الاعتماد على الواردات من المنتجات الزراعية والغذائية يثير بعض المخاوف في شأن تأثير اضطرابات سلاسل التوريد على أسعار المواد الغذائية ونقصها. 


تكلفة شحن الإمدادات الغذائية إلى الكويت زادت 10 أضعاف


وتعتمد الكويت على الواردات في 95 في المئة من احتياجاتها الغذائية. وفي شهر كانون الثاني/يناير 2022، أفادت التقارير أن تكلفة شحن الإمدادات الغذائية إلى الكويت زادت 10 أضعاف؛ من 1.4 ألف دولار إلى 14 ألف دولار للطن. وبلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 7.46 في المئة على أساس سنوي في شهر آذار/مارس 2023، بعد أن تسارع من 7 في المئة على أساس سنوي في الشهر السابق. وفي ما يتعلق بالإمدادات الغذائية، يبدو أن التأثير كان مختلطاً، فقد كان القمح إحدى السلع التي تم تسليط الضوء عليها والتي تأثرت بالحرب الروسية الأوكرانية؛ حيث كانت هذه الدول مصدراً رئيسياً له، إلا أن الكويت لم تتأثر بشكل مباشر لأنها تستورد القمح من أستراليا، وذلك وفقاً لشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية، المستورد الوحيد للقمح في الكويت. وفي شهر آذار/مارس 2022، ذكرت الشركة أن لديها مخزوناً استراتيجياً يكفي لتغطية ستة أشهر. 

إجراءات خليجية للمواجهة 

 

على الرغم من اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على الواردات، إلا أنها حافظت على قدرتها في الحصول على المواد الغذائية الأساسية بسبب تدابير الأمن الغذائي الطويلة الأجل التي تبنتها بعد أزمة الغذاء 2007-2008. وتبنت دول كالإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت استراتيجيات مختلفة لتعزيز أنظمة الأمن الغذائي لديها؛ بما في ذلك صياغة استراتيجيات غذائية وطنية لتعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الاستيراد، والحد من الهدر الغذائي، وتعزيز الاحتياطات. وبالإضافة إلى ذلك، تتبنى هذه الدول التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة الرأسية والأدوات الرقمية، لتعزيز سلاسل التوريد وزيادة إنتاج الغذاء. واستجابةً للظروف المناخية غير المؤاتية للزراعة، استثمرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضاً في الأراضي الزراعية في الخارج.


وفي الكويت، يشمل نموذج الرفاه الذي تتبناه الدولة دعم المواد الغذائية الأساسية من خلال البطاقات التموينية، إلا أن الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية المدعومة أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي. وخلال تفشي فيروس "كوفيد-19"، فرضت الكويت أيضاً ضوابط على أسعار المنتجات الغذائية الأساسية للتخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين. ومع ذلك، ومع استمرار ارتفاع الأسعار العالمية، أعاد الموردون توجيه منتجاتهم إلى أماكن أخرى، مما جعل من الصعب على المستوردين الحصول على السلع بالأسعار العالمية. وقد أثر ذلك في توافر المنتجات والخيارات للمستهلك.

كيف يمكن للكويت أن تعزز أمنها الغذائي؟  


توصيات للكويت

 

من أجل ضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل في الكويت، فإنه يُوصى بتعزيز الإمدادات الغذائية المحلية، وتنويع مصادر الاستيراد، وتبسيط إجراءات مراقبة الحدود. ويمكن لممارسات مثل الزراعة المائية والري بالتنقيط وأعمال الزراعة أن تعزز كفاءة استخدام المياه. وعلاوة على ذلك، فإن الاستثمار في الدول المتقدمة التي تتمتع بالأمن الغذائي يعد خياراً أفضل من الاعتماد على المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي. كما يمكن لإجراءات مراقبة الحدود الفعالة واستخدام الشهادات الإلكترونية أن يساهما في تيسير الشحن الزراعي. ومن خلال تنفيذ هذه التدابير، يمكن للكويت تعزيز أمنها الغذائي على المدى الطويل، والحد من التعرض لاضطرابات سلاسل التوريد وتعزيز الاستقرار في توافر المواد الغذائية الأساسية.


ولا يكمن التحدي الذي يواجه الأمن الغذائي في الكويت في القدرة على تحمل التكاليف، بل في إمكانية الحصول على المواد الغذائية؛ وذلك بسبب اعتمادها على الواردات، التي تعد مرهونة بعوامل مختلفة. وتتطلب معالجة هذه المسألة اتخاذ تدابير لتعزيز الإمدادات الغذائية المحلية، وتنويع مصادر الاستيراد، وتبسيط إجراءات مراقبة الحدود. ومن خلال التركيز على هذه المجالات، يمكن للكويت تقليل اعتمادها على المصادر الخارجية وتعزيز أمنها الغذائي على المدى الطويل.