الانتصارات ونجاح تنظيم مونديال 2022 يعززان الاهتمام بتطوير الرياضة العربية

  • 2022-12-12
  • 10:58

الانتصارات ونجاح تنظيم مونديال 2022 يعززان الاهتمام بتطوير الرياضة العربية

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

 مع الفوز الحاسم للفريق المغربي على منتخب البرتغال يكون مونديال قطر قد شهد أكبر عدد من الانتصارات العربية في دورة واحدة منذ المشاركة الأولى لمنتخب مصر في كأس العالم 1934، واللافت للانتباه هو أن هذه الانتصارات كلها تمت في مواجهة فرق نخبة كانت تنتظر انتصاراً سهلاً على الفريق العربي الذي يواجهها. فالفريق التونسي أسقط المنتخب الفرنسي برغم لاعبيه العالميين، والمنتخب السعودي أسقط في أول مباراة له فريق الارجنتين أحد المرشحين الأقوياء للفوز بكأس العالم، ومنتخب المغرب أسقط الفريق الاسباني الذي كان من المرشحين للفوز بمونديال 2022، وكذلك اسقط  فريق البرتغال ونجومه من كريستيانو رونالدو وبيرناردو سيلفا إلى برونو فيرنانديز وغيرهم من النجوم، ليتأهل للدور النصف النهائي في أول تأهل لفريق عربي  لهذا الدور في تاريخ المونديال.

في انتظار المواجهة بين المنتخبين المغربي والفرنسي فإن في إمكان العالم العربي أن يحتفل لأول مرة في تاريخه بأنه أصبح فريقاً جدّياً يحسب حسابه في أشهر لعبة رياضية على وجه الكرة الأرضية، وأصبح المنتخب العربي لأي دولة ينتمى إليها ينزل إلى الملعب من دون أي عقدة نقص وبروحية القادر على الفوز مهما كان الفريق الخصم.  

بالطبع قلوب العرب كلها ستكون مع الفريق المغربي في مباراة النصف النهائي ضد المنتخب الفرنسي، ونعم أصبحنا على ثقة بأن نتيجة المباراة ليست محسومة، وان فريق المغرب الذي هزم إسبانيا والبرتغال على التوالي، يمكنه أن يهزم الفريق الفرنسي لينتقل إلى النهائي، لكن حتى وإن لم يحالفه الحظ، فإن فريق المغرب سيخرج من المونديال بنصر كبير للمغرب والعرب، وسيساهم ما حققه في إعطاء دفعة غير مسبوقة للكرة العربية. فهذه الانتصارات لا تتوقف عند الفريق الذي يحققها بل تمتد بأثرها إلى ملايين الشباب والى الأندية والمجتمعات والقيادات وهي تنقل الفوز في المونديال من خانة الحلم أو الرهان الخائف إلى خانة الهدف والممكن والتصميم على الانتصار.

وبهذا المعنى، فإن الانتصارات العربية في المونديال وكذلك الخسائر كلاهما مساهمات مهمة في تعزيز شعبية رياضة كرة القدم، وشعبية الرياضات الباقية. وهذه الانتصارات توفر منذ الآن فرصاً ذهبية للبدء بتطوير الأندية واستقطاب الاستثمارات الخاصة والعامة واللاعبين والمهارات، كما إن أي انتصار كروي  كالذي حققه المنتخب السعودي او التونسي أو المغربي يحقق من الدعاية والشهرة للبلد ما لا يمكن الحصول عليه بإنفاق مليارات الدولارات. وهذه الانتصارات تعزز صورة المجتمعات العربية كمجتمعات راقية ورياضية مثل أي مجتمعات في العالم وتساهم بالتالي في التقارب بين المجتمعات، كما إنها وهذا هو الأهم تهيئ الأرضية لتعاظم شغف الشباب بهذه الرياضة الشعبية، وبالتالي تنامي البيئة التي يمكن أن يظهر منها اللاعبون الكبار والذين يحققون لبلدهم الانتصارات والمكانة في عالم الرياضة والعالم الواسع أيضاً.

بقي أن هذه المواهب التي ستتفتح هنا وهناك تحتاج إلى توفير الموارد والتدريب والاحترافية، وقد أصبحت رياضة كرة القدم صناعة أو احترافاً له أصوله كما إن الفوز في هذه اللعبة ليس وليد الحظ بل له مرتكزاته من قوة الاحتمال الجسدية إلى اكتساب المهارة في اللعبة إلى البيئة الحاضنة (الأندية والمستثمرون والدعم الحكومي) وقواعد وخطط وقيادة في الميدان، فإذا أمكن توفير كل هذه المعطيات (وكما ثبت في مونديال قطر) فإن حظوظنا كمنتخبات عربية في تحقيق الانتصارات كبيرة فعلاً ولا تقل عن حظوظ الفرق الكروية العريقة والمعززة بنجوم اللعبة ومشاهيرها.

كما ان نجاح قطر بتنظيم المونديال، وهو من اكبر الاحداث اللوجيستية واكثرها تعقيداً في العالم، يضيف رصيداً كبيراً الى الانجازات التي حققتها المنتخبات العربية في قمة البطولات الرياضية العالمية.