ما هو تأثير طرح أسهم "بورشه" للاكتتاب العام على استراتيجيتها وشبكتها في الأسواق العربية؟

  • 2022-09-19
  • 17:37

ما هو تأثير طرح أسهم "بورشه" للاكتتاب العام على استراتيجيتها وشبكتها في الأسواق العربية؟

  • خطار زيدان

أعلنت شركة "فولكس واجن" أخيراً عن نيّتها طرح اكتتاب أولي لأسهم شركة السيارات الرياضية الفخمة "بورشه"، قبل نهاية شهر سبتمبر الحالي، في حال موافقة المساهمين في الاجتماع الذي سيُعقد لمجلس الإشراف نهار اليوم الأحد، وحسب تطورات الأسواق المالية، على أن يكتمل الاكتتاب في نهاية العام الجاري.

ويتوقع المستثمرون تقييماً لأصول الشركة يتراوح ما بين 60 و85 مليار يورو، ما يجعل من هذا الاكتتاب العام من بين الأكبر في تاريخ ألمانيا وفي أوروبا منذ العام 1999، حسب بعض التقديرات. وقد التزمت "بورشه إس إي"، المساهم الرئيسي في فولكس واجن (31.3 من رأس مال الشركة، و53.3 في المئة من حقوق التصويت)، بشراء 25 في المئة إضافة إلى سهم من الأسهم العادية، مع علاوة قدرها 7.5 في المئة على الأسهم الممتازة.

شكوك حول توقيت الاكتتاب وفرص نجاحه

ويأتي هذا الاكتتاب، إن تم كما هو مخطط له، في جوٍ من الشكوك حول توقيته، وفرص نجاحه، في ظل حالة عدم الاستقرار التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع الأسهم الأوروبية نتيجة المخاوف الاقتصادية، والتضخم الحاصل، وارتفاع أسعار الفوائد، إضافة إلى البلبلة التي تشهدها صناعة السيارات في هذه الفترة، نتيجة عدم تعافيها بشكل كامل من تداعيات جائحة كورونا، واضطراب سلاسل الإمداد، والنقص في بعض المكونات الرئيسية، مثل الشرائح الإلكترونية، والتي انعكست سلباً على حجم الإنتاج وأدت إلى التأخير في تزويد الأسواق بالكميات المطلوبة. لكنه يأتي أيضاً في وقت تحقق "بورشه إيه جي" نتائج إيجابية، حيث ازدادت إيرادات مبيعات الشركة في الأشهر الستة الأولى من العام 2022 إلى 17.92 مليار يورو من 16.53 مليار يورو في الفترة نفسها من العام 2021، كما نمت أرباحها التشغيلية إلى 3.48 مليارات يورو مقارنة بـ 2.79 مليار في الفترة نفسها من العام 2021، وارتفع العائد على المبيعات إلى 19.4 في المئة من 16.9 في المئة في الفترة نفسها من العام السابق، وذلك على الرغم من تراجع عدد السيارات التي سلمتها الشركة إلى عملائها في العالم بنسبة 5 في المئة في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي (تم تسليم 145,860 سيارة إلى العملاء). وتسعى الشركة إلى تحقيق إيرادات بقيمة تتراوح ما بين 38 و39 مليار يورو في نتائج العام الحالي. وكانت "بورشه" قد حققت نتائج قياسية في مبيعاتها في العام 2021، التي بلغت نحو 302,000 سيارة، بنمو نسبته 11 في المئة عن العام 2021.

وكانت "بورشه" قد أعلنت عن نيّتها تحويل أكثر من 80 في المئة من مبيعاتها إلى سيارات ذات محركات كهربائية بالكامل بحلول العام 2030، لمواكبة الاتجاه العام لصناعة السيارات في الانتقال من المحركات ذات الاحتراق الداخلي إلى المحركات الكهربائية. وتنوي "بورشه" أن تصل إلى نحو 50 في المئة من إجمالي مبيعاتها في العام 2025 من السيارات الهجينة، سواء الكهربائية بالكامل أو القابلة للشحن. وقد خطت العلامة خطوتها الأولى بطرح سيارة "بورشه تايكان" الكهربائية في العام 2020، وهي تحقق اقبالاً كبيراً من قبل عشاق العلامة الرياضية الفاخرة.  

ولا شك أن عملية الطرح ونجاحها ستزيدان من استقلالية "بورشه" في أسواق دول العالم ودول المنطقة، وتعززان من تواجدها، مع استمرار تركيزها على التحول الكهربائي في الفترة المقبلة، والإسراع في تنفيذ أهدافها في هذا التوجه.

ماذا عن الانعكاس المتوقع على تواجد "بورشه" وسياساتها في أسواق دول المنطقة؟

سلمت "بورشه" في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا 2,572 سيارة جديدة إلى عملائها خلال الربع الأول من العام الحالي، وهي المبيعات الأعلى للعلامة منذ العام 2013، بنمو نسبته 25 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2021، كما سجلت أيضاً أعلى معدل طلبات شراء منذ تأسيس مكتبها الإقليمي في دبي في العام 1999.

وستكون دولة قطر من خلال جهازها الاستثماري مستثمراً أساسياً في الشركة المدرجة في حال أرادت الحفاظ على حصتها البالغة 4.99 في المئة، أو ربما زيادة حصتها، كما يتوقع أن يفتح هذا الاكتتاب شهية كبار المستثمرين وبعض الصناديق السيادية وصناديق الاستثمار في الدول العربية، التي تقوم بتوسيع محفظة استثماراتها باتجاه صناعة السيارات، خصوصاً الكهربائية منها، في وقت يزداد الاهتمام في بعض دول المنطقة بالاستدامة وتعزيز الاقتصاد الأخضر وتخفيف الانبعاثات الكربونية، والعمل على جذب استثمارات نوعية إلى أسواقها من خلال هذه الشراكات، ما يُسهم في تنويع اقتصاداتها ونقل التقنية وتطوير المهارات. وخير دليل على ذلك، إضافة إلى الاستثمار القطري في "بورشه"، استثمار "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي في شركة "لوسيد" المتخصصة في انتاج السيارات الكهربائية، والذي أصبح يشكل حالياً أكثر من 60 في المئة من أصول الشركة. كما يمكن، في حال زيادة الحصة العربية المستثمرة في الشركة أن يُعمل على القيام باستثمارات محلية، للإفادة من التسهيلات الاستثمارية المقدمة، على غرار ما حصل مع "لوسيد" التي أعلنت عن البدء بإنشاء مصنع متقدم لها في المملكة، من خلال شراكتها مع "صندوق الاستثمارات العامة"، بطاقة إنتاجية تبلغ 155 ألف سيارة سنوياً وباستثمارات تزيد على 12,3 مليار ريال سعودي.

كما ستكون لدى "بورشه" حرية أكبر للتحرك في الأسواق، ويُتوقع أن ينعكس طرح الأسهم على إعادة هيكلة تواجدها وشبكة وكلائها في بعض الأسواق، وربما نسج شراكات جديدة، واتباع سياسات تسويقية مستقلة عن سياسة مجموعة "فولسفاغن" التي كانت في ظلها قبل عملية الاكتتاب، بهدف زيادة انتشارها وحصتها، علماً أن لعلامة "بورشه" تواجداً في أسواق دول المنطقة كافة من خلال وكلاء وموزعين، يتشاركون وكالتها مع علامة "فولكس واجن"، وأحياناً مع علامات أخرى للمجموعة مثل "أودي" وغيرها. 

 وأخيراً إن نجاح هذا الطرح قد يشكل حافزاً للمجموعة الألمانية "فولكس واجن" لطرح علامات أخرى للاكتتاب العام، علماً أن المجموعة تضم تحت مظلتها علامات: "أودي"، "فولسفاغن"، "فولسفاغن التجارية"، "بورشه"، "سكودا"، "بنتلي"، "بوغاتي"، "سيات"، "كوبرا"، "لامبورغيني"، "سكانيا"، "مان"، و"دوكاتي".