"أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" ينشر المحور "الساخن" في الخطة الانقاذية المعدّلة للحكومة اللبنانية

  • 2022-09-14
  • 11:25

"أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" ينشر المحور "الساخن" في الخطة الانقاذية المعدّلة للحكومة اللبنانية

مرونة في النص ووعود "غير شافية" للمودعين وللبنوك

  • علي زين الدين

تزامناً مع بدء الجلسات المتتالية للهيئة العامة لمجلس النواب، والمحدد موضوعها بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022 الحالي، حصل موقع "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" على النص الكامل لبرنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي الذي تزمع الحكومة اللبنانیة رفعه الى ادارة صندوق النقد الدولي توطئة للوصول الى محطة عقد اتفاقية معززة ببرنامج تمويلي محدد مسبقاً، وفق الاتفاق الأولي المبرم على مستوى الموظفين في اوائل نيسان الماضي، بمبلغ 3 مليارات دولار موزعة على 46 شهراً.

وقد تضمنت الصيغة الجديدة جزءاً من التعديلات "المهمة" التي وعد بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال مشاركته في اجتماع موسع للجنة المال والموازنة النيابية قبل أسابيع، كما حفلت بمقاربات تتسم بمرونة ظاهرة، خلافاً للغة "الشطب" في الخطة السابقة، والتي جوبهت بمعارضة سياسية واقتصادية ونقابية أفضت الى غياب شبه تام للتوافق الوطني الداعم، بوصفه القاعدة الأمثل لعقد اتفاقية بين دولة تحترم مؤسساتها وقطاعاتها ومرافقها الحيوية ومجتمعها، وبين مؤسسة دولية مرموقة، ما لبثت أن تهيّبت انحراف الأهداف المتوخاة، بحيث خشيت فعلاً أن تفضي "نكايات" كامنة  الى قتل " الناطور"  والدوس على العنب.

الخطة المجدّدة حملت عنواناً جامعاً وجديداً وشعار رئاسة مجلس الوزراء، فهي" ملفات الحكومة اللبنانية في سياسات الاصلاح المالي والاقتصادي"، ومستنسخة  في عناوينها الفرعية " برنامج الاصلاح المالي والاقتصادي، مذكرة بشأن السياسات المالية والاقتصادية، واستراتيجية النهوض بالقطاع المالي". ومتدرجة بعد "المقدمة" كالتالي: الاطار الاقتصادي الكلّي، اصلاح القطاع المالي، الاصلاحات البنيوية، ووصولاً الى محور تطوير القطاع الخاص وتحفيز النمو الاقتصادي.

وفي البيان " تُلقي ھذه الوثیقةُ الضوء على برنامج اصلاح السیاسات الاقتصادیة والمالیة والبنیویة التي تعتزم الحكومة اللبنانیة تنفیذھا بھدف مواجھة أزمة اقتصادیة ومالیة واجتماعیة غیر مسبوقة تتفاقم مفاعیلھا منذ فترة طویلة، لتتدھور بشكل سریع وخطیر خلال السنوات الثلاث الماضیة، ویُشكل ھذا البرنامج الركیزة الأساسیة لمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي والتي نتج عنھا اتفاق على صعید الموظفین وذلك لمؤازرة الحكومة عبر التمویل والمساعدة الفنیة في تنفیذ برنامجھا لوضع لبنان على السكة الصحیحة نحو التعافي. ھذا البرنامج یُطور بعض الخطوط العریضة التي تضمنھا الاتفاق مع الصندوق ویدخل في تفاصیل إضافیة تتعلق بجمیع القطاعات الإنتاجیة.

وفي الشرح، یتضمن برنامج التعافي مجموعةً من الإصلاحات تھدف إلى استعادة استقرار الاقتصاد الكلّي ودفع عجلة النمو. ویھدف البرنامج بشكل خاص إلى: تعزیز الوضع المالي على المدى المتوسط مع مراعاة وحمایة القطاعات الاجتماعیة وإعادة تأھیل البنى التحتیة المتھالكة؛  ومعالجة الخسائر التي تكبدھا القطاع المالي بشكل عادل ومنصف؛ وإعادة ھیكلة القطاع المصرفي كي یستأنف دوره في تمویل القطاع الخاص الذي یُعتبر محركاً رئیسياً للنمو؛  وإعادة تركیز السیاسة النقدیة على مھمتھا الرئیسیة المتمثلة في المحافظة على استقرار الأسعار؛ وإعادة اللحمة للنسیج الاجتماعي الذي تضرر بسبب ارتفاع معدّلات الفقر وتزاید التفاوتات في الدخل والثروة؛  وتحسین الَحوَكمة وضمان الشفافیة والمساءلة في تسییرالشؤون العامة.

أيضاً، یستند البرنامج إلى الدعائم الأساسیة للاقتصاد الكلي وھي: النمو الاقتصادي، السیاسة المالیة، السیاسة النقدیة وسیاسة سعر الصرف، وإصلاح القطاع المالي. أما بنیویاً، فستسعى الحكومة إلى مكافحة الفقر المستشري ومواجھة تدھور الخدمات الاجتماعیة، ومعالجة أوجه القصور في البنیة التحتیة ولاسیما في قطاع الطاقة، وصولاً الى خلق بیئة اقتصادیة حاضنة ومشجعة للنمو، وإعادة النظر بالعملیات الحكومیة غیر المجدیة، إلا أن ھذه الإصلاحات لن تُحقّق أھدافھا ما لم تقترن بقیام مؤسسات عامة تعمل ضمن إطار قانوني وتنظیمي متجانس یدعمه قضاء مستقل وكفوء، وتحسین الحوكمة، حيث تكمن أھمیةُ إصلاح القطاع العام على المدى المتوسط الذي یشكل عنصراً أساسیاً في مسیرة التعافي.

الدولة والفجوة المالیة

بمنأى عن المضمون الانشائي الذي تتصف به المنطلقات والأهداف في ظل "تحلّل" الدولة بنية ومؤسسات، وتحت ظلال الخلافات الداخلية المستحكمة حول كل كبيرة وصغيرة وبما يشمل الاستحقاقات الدستورية الداهمة، اخترنا التركيز بداية على المضمون الخاص بالنقاط الساخنة التي تعني المودعين في البنوك والمؤسسات المصرفية والبنك المركزي.

وريثما يتم مقاربة محاور الخطة كاملة بالتدقيق والتحليل والتفنيد مع مسؤولين وخبراء معنيين، ينبغي بداية نقل ما تقترحه الحكومة في هذا المضمار ومن دون تدخل في النص، وفيه :

"بحسب البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد، تُساھم الدولة بمبلغ 2.5 ملیار دولار أميركي لصالح البنك المركزي، ولا یمكن زیادة ھذه المساھمة تفادیاً للأخطاء السابقة التي أدّت الى عجوزات ضخمة في المالیة العامة وإلى مستویات دین لا یمكن حمل أعبائه.

وفي ظل العجوزات في المیزانیة العامة والمتوقعة خلال السنوات القلیلة المقبلة والدین العام الكبیر بالنسبة للناتج المحلّي فإن أي ربط بین الموازنة العامة وخسائر القطاع المصرفي عبر الفائض الأولي في الموازنة، حتى لو على أساس محتمل ھو غیر مقبول لا من ناحیة المبدأ، إذ یُقَوض أعمدة برنامج الإصلاح ولن یخدم التعافي الاقتصادي ولا من جانب صندوق النقد الدولي في الوقت الحاضر.

ولكن، في حال منح عقود إدارة أصول الدولة للقطاع الخاص، ومع تنفیذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي بنجاح ووصول الدین العام إلى مستوى أدنى مما ھو مستھدف في البرنامج للحفاظ على استدامة الدین، وكذلك الإبقاء على مستوى لائق للإنفاق الاجتماعي والبنى التحتیة، یمكن عندئذ الأخذ في الاعتبار تخصیص بعض الإیرادات المستقبلیة في حال تجاوزت معاییر محدّدة مقارنةً بدول مشابھة لصالح صندوق استرداد الودائع".

رسملة "المركزي"

بشأن "إعادة رسملة البنك المركزي "، فإن الاحتیاجات الرأسمالية سوف تُحدد من خلال التدقیق الكامل المزمع الانتهاء منه في تشرین الاول 2022، مساھمة الدولة في إعادة رسملة البنك المركزي محددة بـ 2.5 مليار دولار، وكذلك حقوق یتم تحصیلھا عند استعادة الأموال المنھوبة والمھربة وغیر الشرعیة، وإلغاء قسم من التزامات البنك المركزي بالعملة الصعبة تجاه المصارف وذلك بھدف تصحیح رأس مال البنك المركزي وإغلاق الحساب المفتوح لدیه بالعملة الصعبة. وكتعویض عن ھذه الالتزامات یتم إصدار صكوك حقوق (warrants) من قبل البنك المركزي للبنوك ویتم إغلاق العجز في رأس مال البنك المركزي بالعملة اللبنانیة بشكل تدریجي على مدى خمس سنوات.

مسألة المودعین

ستحاول الخطة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي التمییز بین الودائع ”المؤھلة” و”غیر المؤھلة”، ومنھا الودائع التي حولت الى دولار على سعر الصرف الرسمي البالغ 1500 لیرة للدولار الواحد منذ تشرین الاول 2019 . ویعمل مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف على اعتماد تعریف واضح ومحدّد بھذا الخصوص، إضافة إلى حسم “فائض الفوائد" المستحقة على الودائع ما فوق 100 ألف دولار منذ سنة 2015، وتحویل ھذه الودائع إلى اللیرة اللبنانیة على سعر صرف أقل من سعر صیرفة.

- حمایة مطلقة للودائع لغایة 100 ألف دولار أو أكثر حیث یمكن دفعھا بالدولار أو باللیرة على أساس سعر السوق ومحاولة توحید الحسابات لكل مودع على مستوى القطاع المصرفي، ھذا الأمر یتطلب من المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف تحدید قواعد إجرائیة واضحة لفصل الحسابات والطلب من البنوك إصدار أرقام مدققة.

- قد یؤدي الفصل بین الودائع المؤھلة وغیر المؤھلة إلى تقلیص حجم الخسائر المتبقیة في القطاع المصرفي والذي بدوره قد یُترجم إلى ضمانات أعلى للودائع.

- احتمال تحویل قسم من الودائع وبشكل إرادي الى اللیرة على سعر صرف أقل من سعر صیرفة على ألا یتجاوز حدود الـ 4 ملیارات دولار ومن ضمن سقف محدد لكل مودع حتى لا یؤدي ذلك الى زیادة كبیرة في السیولة.

- لا یمكن معاملة كبار المودعین بشكل متساو عبر البنوك، بل تَعتمد قیمة استرجاع الودائع على حالة البنك التي أودعت فیھا.

- تجدر الإشارة ھنا إلى أنه من المتوقع أن تُسدّد جمیع قروض القطاع الخاص المقدرة الآن بنحو 13 ملیار دولار، بوتیرة تتراوح ما بین 400- 500 ملیون دولار شھریاً عند البدء بالعمل على إعادة ھیكلة المصارف.

صندوق استرداد الودائع

- یُنشأ "صندوق استرداد الودائع" الذي یُصدر حقوقاً أي أوراقاً مالیةً ، لصالح المودعین، أصحاب الحسابات الفائضة عن المستوى المطلوب لتطبیق خطة معالجة الفجوة المالیة في القطاع  المصرفي، بما في ذلك تغطیة الودائع إلى حدود 100 ألف دولار والمساھمة المطلوبة في رأس مال المصارف.

- إن الھدف الأساسي للصندوق ھو تأمین استرداد أكبر قدر ممكن من الودائع التي تفوق 100 ألف دولار، وفي الوقت نفسه الحدّ من الضغوط لتحویل رؤوس الأموال إلى الخارج، لأن ھذه الودائع هي الأكثر عرضةً للتحویل إلى الخارج بالتزامن مع بدء رفع الضوابط على حركة رؤوس الأموال، بینما الودائع الصغیرة ھي للاستھلاك محلیاً ولیس للتحویل.

- تحويل جزء من أصول البنوك بما في ذلك إیداعاتھا ومنھا شھادات الإیداع في البنك المركزي إلى صندوق استرداد الودائع.

- تخوّل حقوق مصرف لبنان المكفولة الصندوق الاستفادة من إیرادات الأموال المسروقة والمھربة وغیر المشروعة. في ھذا الخصوص، وكأولویة یجب البدء باسترجاع الأموال التي خرجت من لبنان بعد أحداث 17 تشرین 2019 نظراً الى الاستنسابیة في التعامل مع المودعین، ومساءلة الذین استغلوا معلوماتھم الخاصة بحكم موقعھم في المصارف من مساھمین وإداریین، وكذلك الذین استفادوا من نفوذھم السیاسي، وھناك القانون 44 لعام 2015 الذي یُعنى بھذه الأمور.

- یؤدي صندوق استرداد الودائع دوراً في زیادة السیولة المتاحة لكبار المودعین عبر الإتجار في الأوراق المالیة لھذا الصندوق عند الحاجة كما یمثل الصندوق إطاراً شفافاً في سبیل تعویض كبار المودعین من خلال استثمار أصول الصندوق.

- تعین ھیئة مستقلة من القطاع الخاص لإدارة صندوق استرداد الودائع یكون للمودعین دور أساسي في إدارتها.