هل يقع لبنان في المحظور"الرمادي" لمجموعة العمل المالية؟

  • 2022-07-13
  • 08:45

هل يقع لبنان في المحظور"الرمادي" لمجموعة العمل المالية؟

فريق يتقصى كفاءة مكافحة تبييض الأموال

  • علي زين الدين

يزور فريق من مجموعة العمل المالية لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا (MENA FATF) بيروت، منتصف الشهر الحالي وحتى الرابع من الشهر المقبل، في إطار مهمة تحقق من كفاءة الإجراءات القانونية والتنفيذية التي يتّبعها لبنان في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

في الشكل، يبدو الخبر عادياً. إذ إن لبنان عضو فاعل في المنظمة الإقليمية التي تتخّذ من المنامة مقرّاً رئيسياً لها، بل هو من مؤسسيها في العام 2004 والرئيس الأول (د. محمد بعاصيري) لمجلسها في العام 2005، ويخضع، كما سائر بلدان المنطقة، لجولات ميدانية دورية تنفذها الفرق الفنية التابعة للمجموعة المولجة بتقصّي سلامة الأنظمة السيادية وتطبيقاتها ضمن نطاقها الجغرافي في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل إنتشار التسلّح، وذلك ضمن النطاق العام الذي تحدّده مجموعة العمل المالي الدولية، ومقرّها في باريس، والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومجموعة "إيجمونت".

أما في المضمون، فثمّة توجس يرقى إلى مستوى التوقعات الجدية بأن وضع لبنان "ليس على ما يرام" لجهّة تكاثر الثغرات التي يمكن للجرائم المالية النفاذ عبرها إلى القنوات المالية الشرعية، مما يثير الشكوك المشروعة أو الاحتمالات المرجّحة لحصول عمليات تبييض أموال وبالتالي إخضاعه لبرنامج التقييم المشترك الذي ينذر ببلوغ مرحلة الانضمام الى تصنيف "الدول الرمادية"، علماً أن المهمة الجديدة هي استكمال لعملية التقييم التي تجريها المجموعة في لبنان قبيل بلوغ مرحلة إصدار التوصيات ووضع خطة عمل ليتخذ لبنان ما يلزم، بالتعاون مع الجهات المختصة، لتنفيذها.

لكن، الوقوع في المحظور "الرمادي" والذي يفاقم خصوصاً تعقيدات العمليات المالية عبر الحدود وشبكة العلاقات مع البنوك المراسلة للبلد المنكوب بانهيارين مالي ونقدي غير مسبوقين ولمؤسسات مالية مرهقة بالأزمات وتداعياتها، ليس داهماً في توقيته. فالفريق المعني يستخلص النتائج ويورد على هوامشها ما يرتأيه من ملاحظات وتصويبات يتم عرضها على أول اجتماع نصف سنوي للمجموعة في الخريف المقبل، فتعود بدورها بتقرير مفصّل وخريطة طريق إصلاحية ومفصلة للجانب اللبناني، وبما يشمل تحديد المشكلات ودور السلطات والهيئات في معالجتها إفرادياً وبالتكافل مع كل الهيئات المعنية، وخصوصاً بينها هيئة التحقيق الخاصة التي تحوز صفة مرجعية في هذا المضمار، وهي أيضاً ممثّل البلد لدى المجموعة.

لذا، فأمام لبنان فرصة زمنية تقارب السنة من رحلة التقييم المتبادل مع المجموعة، وربما يشكل انخراطه في عملية الإصلاحات الهيكلية الشاملة في حال التقدم بإبرام إتفاقية البرنامج مع صندوق النقد الدولي قيمة مضافة لإصلاح ما يلزم إصلاحه، ولاسيما أن البرنامج الدولي يتضمن إقرار سلسلة مشاريع قوانين مهمة بينها وضع ضوابط قانونية على حركة الرساميل والتحويلات (كابيتال كونترول) وتعديل قانون السرية المصرفية، فضلاً عن مشروع قانون إعادة هيكلة الجهاز المصرفي.

كذلك، يمكن للجانب اللبناني تبيان جديّة السلطات بمكافحة الفساد سنداً لصدور القانون الرقم 175 لمكافحة الفساد والقانون الرقم 189 للتصريح عن الذمة المالية في العام 2020 والقانون الرقم 214 لاستعادة الأموال المتأتيّة من الفساد في العام 2021. وترجمة الأول بصدور في مرسوم تأليف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعيينها بنهاية الشهر الاول من العام الحالي. وما أبداه مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة من ترحيب بهذا الامر وتطلّعهما إلى التعاون معها في إطار القانون الرقم 175 وتحديداً المادتين 19 و20 منه اللتين وضعتا الإطار العملي للتعاون لمكافحة الفساد.

وتشمل مهمة الفريق الزائر تقييم فاعلية وآليات مكافحة تبييض الأموال من خلال مهمات كل الجهات المعنية ضمن الدولة ومنها الجهات التنظيمية والرقابية وجهات إنفاذ القانون (قوى امن، جمارك، إلخ...) والجهات القضائية المختصة (جهات الادعاء، والقضاء العدلي، ومدى التعاون القضائي الدولي)، فضلاً عن تقويم عمل الجهات المشرفة على الجمعيات غير الهادفة إلى الربح في وزارة الداخلية، والأشخاص المعنويين (السجل التجاري)، وتقويم مؤسسات القطاع الخاص المالي وغير المالي، بمن فيهم كتاب العدل والمحاسبون المجازون والمحامون، بالإضافة إلى أمور تفصيلية أخرى محددة في معايير مجموعة العمل المالي (FATF).

وفي حال تيقّن الفريق الإقليمي بالأدلة والشواهد من المخاطر الآنية والمستقبلية لهذه الثغرات، يصبح لبنان ضمن مجموعة الدول الأعضاء التي تخضع لبرنامج التقييم المشترك ضمن الجولة الأولى، حيث تقوم الدول الأعضاء بصفة منتظمة بإطلاع الاجتماع العام للمجموعة على الإجراءات التصحيحية التي تتخذها لمعالجة أوجه القصور التي حددتها تقارير التقييم المشترك. وتهدف عملية المتابعة إلى تحفيز الدول وحثّها على معالجة أوجه القصور المحددة، من أجل تحسين مستوى إلتزام وفعالية أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الدول الأعضاء، والخروج من عملية المتابعة ضمن إطار زمني معقول. وتقضي الإجراءات الخاصة بعملية المتابعة، بأن يتم نشر تقارير المتابعة على موقع المجموعة في حالة الخروج من عملية المتابعة العادية إلى عملية التحديث كل عامين.

القانون اللبناني

ضمن إطار تطبيق الاتفاقات المتعلقة بمكافحة الارهاب وتماشياً مع التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي "GAFI"، وبغية التأكيد على كون جريمة تبييض الاموال جريمة اصلية مستقلة بحد ذاتها ولا تستلزم الادانة بجرم اصلي كما والتشدد في العقوبات المفروضة على مرتكبي هذا الجرم، وتوضيحاً لبعض جوانب متابعة ومراقبة عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب وتسهيلاً للأصول المتبعة في مكافحة هذه العمليات، وتسهيلاً للاجراءات التنفيذية المتبعة بهذا الخصوص.

المادة 1

يُقصد بالأموال غير المشروعة، بمفهوم هذا القانون، الأصول المادية أو غير المادية، المنقولة أو غير المنقولة بما فيها الوثائق أو المستندات القانونية التي تثبت حق ملكية تلك الأصول أو أية حصة فيها، الناتجة عن ارتكاب او محاولة ارتكاب معاقباً عليها أو من الاشتراك في أي من الجرائم الآتية، سواءً حصلت هذه الجرائم في لبنان أو خارجه.
* زراعة او تصنيع او الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وفقاً للقوانين اللبنانية.
* المشاركة في جمعيات غير مشروعة بقصد ارتكاب الجنايات والجنح.
* الإرهاب وفقاً لاحكام القوانين اللبنانية.
* تمويل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية والأعمال المرتبطة بها (السفر - التنظيم - التدريب - التجنيد...) أو تمويل الأفراد أو المنظمات  الإرهابية وفقاً لأحكام القوانين اللبنانية.
* الاتجار غير المشروع بالاسلحة.
* الخطف بقوة السلاح أو بأي وسيلة اخرى.
* إستغلال المعلومات المميزة وإفشاء الأسرار وعرقلة حريّة البيوع بالمزايدة والمضاربات غير المشروعة.
* الحضّ على الفجور والتعرض للأخلاق والآداب العامة عن طريق عصابات منظمة.
* الفساد بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإثراء غير المشروع.
* السرقة وإساءة الائتمان والاختلاس.
* الاحتيال بما فيها جرائم الإفلاس الاحتيالي.
* تزوير المستندات والاسناد العامة والخاصة بما فيها الشيكات وبطاقات الائتمان على أنواعها وتزييف العملة والطوابع وأوراق التمغة.
* التهريب وفقاً لاحكام قانون الجمارك.
* تقليد السلع والغش في الاتجار بها.
* القرصنة الواقعة على الملاحة الجوية والبحرية.
*  الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
* الاستغلال الجنسي بما في ذلك الاستغلال الجنسي للاطفال.
* جرائم البيئة.
* الابتزاز.
* القتل.
* التهرب الضريبي وفقاً للقوانين اللبنانية.

 المادة 2

يعتبر تبييض الأموال كل فعل يُقصد منه:

 - إخفاء المصدر الحقيقي للاموال غير المشروعة او اعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر، بأي وسيلة كانت، مع العلم بأن الاموال موضوع الفعل غير مشروعة.
 - تحويل الاموال او نقلها، او استبدالها او توظيفها لشراء اموال منقولة او غير منقولة او للقيام بعمليات مالية بغرض اخفاء او تمويه مصدرها غير المشروع او بقصد مساعدة اي شخص متورط في ارتكاب اي من الجرائم المنصوص عنها في المادة الاولى على الافلات من الملاحقة مع العلم بأن الاموال موضوع الفعل غير مشروعة.
- إن جريمة تبييض الاموال هي جريمة مستقلة ولا تستلزم الادانة بجرم اصلي، كما ان ادانة الفاعل بالجرم الاصلي لا يحول دون ملاحقته بجرم تبييض الاموال في حال وجود اختلاف بالعناصر الجرمية.

مهام "هيئة التحقيق الخاصة"

- تلقي الابلاغات وطلبات المساعدة واجراء التحقيقات في العمليات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم تبييض اموال او جرائم تمويل ارهاب وتقرير مدى جدية الادلة والقرائن على ارتكاب هذه الجرائم او احداها واتخاذ القرار المناسب في شأنهما ولاسيما التجميد الاحترازي المؤقت للحسابات و/أو للعمليات المشتبه بها وذلك لمدة أقصاها سنة قابلة للتمديد لستة أشهر إضافية ولمرة واحدة في ما خص طلبات المساعدة الواردة من الخارج ولمدة أقصاها ستة أشهر قابلة للتمديد لثلاثة أشهر إضافية ولمرة واحدة بالنسبة للإبلاغات وطلبات المساعدة الواردة من الداخل.

- التحقق من قيام المعنيين المشار إليهم في المواد الواردة بالتقيّد بالموجبات المنصوص عليها في هذا القانون والنصوص التنظيمية الصادرة بالاستناد إليه باستثناء المحامين والمحاسبين المجازين وكتاب العدل ومع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من المادة السابعة عشرة من هذا القانون.

- جمع وحفظ المعلومات الواردة من المعنيين المشار إليهم في المادتين الرابعة والخامسة والمعلومات الواردة من السلطات الرسمية اللبنانية أو الأجنبية وأية معلومات اخرى مجمعة وتبادلها مع نظيراتها بصفتها المرجع الصالح والمركز الرسمي للقيام بذلك.

- إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بتطبيق احكام هذا القانون للمعنيين المشار إليهم في المادة الخامسة وإصدار توصيات للجهات المعنية كافة.