الحكومة اللبنانية "تودع" لغم التعافي في مرمى "التغيير"

  • 2022-05-23
  • 07:47

الحكومة اللبنانية "تودع" لغم التعافي في مرمى "التغيير"

تبرئة الدولة والاقتصاص من المودعين والمصارف

  • علي زين الدين

مرّرت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في آخر جلساتها الدستورية قبل الانتقال الى مهام تصريف الأعمال، مشروع خطة التعافي المعدلة من استنساخ مشوّه لما استخلصته حكومة الرئيس حسّان دياب، فتشاركا معاً في تبرئة المدين وادانة الدائن وفي القاء الأثقال الجسيمة على المودعين والمصارف ومن دون التبصر المتعمّد بحقيقة الانتهاء الى تقويض كامل الثروات السائلة والتشغيلية لكامل مكونات القطاع الخاص.

وليس ممكناً احتساب هذا "الانجاز" الوهمي بالتسلل، كهدف محقّق في المرمى المقصود، طالما يشوبه عيب غياب التوافقات السياسية والاقتصادية والنقابية العريضة، وطالما يمنح صك البراءة للدولة التي برعت في الانفاق والاستدانة على مذابح الهدر والفساد والمحاصصات وحشو القطاع العام بعشرات الآلاف من العاطلين عن العمل، ولا هو سيلقى الصدى المنشود لدى ادارة صندوق النقد الدولي التي "اودعت" لبنان واقتصاده وسكانه اتفاقاً أولياً متخماً بشروط وحزمة مشاريع قوانين تمهيدية تضع خطة الانقاذ المقترحة على المسار السليم، مقابل الوعد باقرار برنامج تمويلي حدّه الاقصى 3 مليارات دولار لمدة 4 سنوات.

استراتيجيات ملتبسة للإدارة المالية العامة

وللنهوض بالقطاع المالي

ربما، نجحت الحكومة اللبنانية في تجنّب الحرج الناشىء والقابل للتوسع في مهمة ادارة ملف البرنامج التمويلي مع ادارة صندوق النقد بالمصادقة على مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية والورقة المستقلة بشأن استراتيجيّة النهوض بالقطاع المالي، بحيث تشكلان معاً خطة الانقاذ الموعودة. لكن التسريع المفاجىء في لحظة سياسية حرجة بدا باهتاً وغير مثير للاهتمام كونه استهدف بالدرجة الاولى التغطية على الفشل المشهود في تنفيذ حزمة التعهدات التي التزمها الفريق اللبناني والواردة في الاتفاق الاولي الذي ابرمته مع بعثة الصندوق قبل نحو الشهرين، وفي مقدمها  تمرير عدد من مشاريع القوانين ذات الصلة عبر المجلس النيابي السابق، وفي مقدمها مشروع قانون وضع ضوابط استثنائية ( كابيتال كونترول) على الرساميل والتحويلات.

والاهم، بحسب مسؤول مالي بارز، ان هذا التقدم الشكلي يعكس "قوطبة" سياسية فورية لتقوية حائط الصد بمواجهة التحولات النوعية التي افرزتها الانتخابات النيابية وفي مقدمها هبوب رياح التغيير التي استهان "المتحكمون" بقوتها وبتأثيراتها على خريطة المجتمع السياسي واعادة تكوين السلطات التشريعية والتنفيذية بلوغاً الى مركزية القرار واعادة النظر جذرياً بمفاهيم سائدة طوعاً وغصباً على ادارة الشؤون الاستراتيجية للبلاد، كما كشف مجدداً منهجية الدولة الحاضرة، حتى اشعار آخر، في شراء المزيد من الوقت المكلف اقتصادياً ومالياً ومعيشياً. وبالتالي، فإن هذه الخطوة لا تمثل بالمطلق دفعاً حقيقياً لتأمين استجابة لبنان الكاملة وتعهداته الواردة ضمن مهل زمنية محددة لشروط الصندوق الموجبة لبدء تدفق القروض الميسرة وفق التزامات الاتفاق الاولي.

ويلفت المسؤول الانتباه الى ان المؤسسة المالية الدولية تتابع التطورات المحلية عن كثب مباشرة عبر فريقها المكلف بالملف اللبناني ومداورة من خلال شبكة علاقات وطيدة وتاريخية مع مرجعيات نقابية وخبراء محليين في ميادين الاقتصاد والمال والمصارف وسواها، وهي تعي تماماً ما افضت اليه الانتخابات النيابية الاخيرة من تحولات مهمة ووازنة في اعادة تكوين السلطة التشريعية، وما ستفرزه من تغييرات لاحقة في اعادة تكوين السلطة التنفيذية عبر تأليف حكومة جديدة والمرتبط باستحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية بدءاً من مطلع شهر أيلول/سبتمبر المقبل.

وريثما تنجلي اولى نتائج التغيير الذي نقل الاغلبية النيابية من جبهة متراصة عمادها "حزب الله" والمتحالفين معه، الى مجموعات غير متآلفة انما تتشارك الرؤى في مقاربة قضايا داخلية حساسة ودقيقة يتصدرها موضوع الاستراتيجية الدفاعية، يشير المسؤول المالي الى ان الترقبات الحالية متباينة الى حد كبير بين التفاؤل الحذر بامكانية انضاج تسويات داخلية سريعة تكفل استكمال معالجة الاستحقاقات الداهمة وبما يشمل ملف المفاوضات مع صندوق النقد، وبين توقع فترة جمود غير قصيرة الأمد تتغذى خصوصاً من الانقسامات الظاهرة والمبطنة في مقاربة استحقاقي الحكومة ورئاسة الجمهورية.

البرنامج الاقتصادي

في انتظار حسم مجرى التطورات المقبلة ووجهتها، تقرّ حكومة الرئيس ميقاتي في مذكرتها الانقاذية التي حصل موقع "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" على النسخة المنقّحة عنها بعدما تم نشر المسودة الأولية وتشريحها، بأن الهدف الأساسي لخطة الإصلاح يتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي، وخَلق الوظائف ولاسيما للشباب اللبناني الوافد إلى سوق العمل، ومن ثم تخفيض معدلات الفقر، وتحسين مستوى المعيشة وتوفير الخدمات الأساسية للسكان في قطاعات الصحة والتعليم، والطاقة على أن تكون هذه القطاعات على رأس الأولويات الحكومية، وبأنه ينبغي أن يهيئ برنامج التصحيح الاقتصادي البيئة الملائمة التي تُشَجِّع القطاع الخاص على الاستثمار وتساهم في ازدهاره، وتساعد على تسريع وتيرة النمو. وانطلاقاً من هذا التوجه، سوف تعمل الحكومة على تحسين بيئة الأعمال، وتؤمِّن فرصاً متكافئة لتحفيز الاستثمار.

لكن ومع الامعان في تجهيل الجهة الرئيسية المسببة للخسائر المقدرة بنحو 73 مليار دولار عبر تبرئة الدولة واغفال اي اهتمام بأولوية تأسيس صندوق استثماري يتولى ادارة اصول الدولة "السائبة " بأغلب موجوداتها ومؤسساتها بدءاً من الأملاك البحرية والعقارية وليس انتهاء بشركات الكهرباء والاتصالات والمرافىء والمياه وسواها . بينما يتم في المقابل استسهال تقويض الجهاز المصرفي و"نهب" ما تبقى من مدخرات لمقيمين يعانون شظف العيش وسوء الخدمات العامة، ولغير مقيمين هاموا  في أصقاع الأرض سعياً وراء حياة كريمة يستعيدونها في وطنهم أو يعينون بها أهاليهم "الصامدين".

والمثير في هذا التوجه الذي يصيب القطاع المصرفي ببنيته ويشي بتبديد مدخرات أكثر من مليوني حساب، ان تدّعي الحكومة في برنامجها الاقتصادي انها "سوف ينصب التركيز على تعزيز الإنتاجية في القطاعات الاقتصادية كافة، مع التشديد على اقتصاد المعرفة باعتباره من العوامل القوية المحركة للنمو، وسوف تتولى الحكومة تهيئة المناخ التنظيمي المناسب فضلاً عن رسم السياسات الداعمة لازدهار النشاط الاقتصادي. وفي هذا الصدد، فإن تعزيز الخدمات المالية الرقمية، وتدعيم إطار الملكية الفكرية، وتوفير خدمات إنترنت منخفض التكلفة وعالي السرعة، وزيادة التغذية بالطاقة الكهربائية، كل ذلك من شأنه المساعدة على بناء اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار".

وتسترسل الحكومة في الانشاء الذي لا يغني من تسعى لافقارهم ولا يسمن نحو 83 في المئة من السكان المزنرين بحزام الفقر المتعمّد أيضاً، لتلتمس خلاصة غريبة مفادها ان " لبنان عانى في الآونة الأخيرة من تقلُّص رأس المال البشري، انما الفرصة ما تزال سانحة أمام النمو الاقتصادي للاعتماد على منبع ضخم لا ينضب من المواهب، علاوة على احتمال انعكاس تيار هجرة العقول عند تحسن الأوضاع الاقتصادية. وفي سبيل التأكيد على أن النمو يتَّسم بالشمولية والمساواة، هناك تدابير تم التركيز عليها ومنها وجود شبكة الأمان الاجتماعي الشاملة المصممة بإحكام، وكذلك تمكين المرأة. فالمرأة اللبنانية تخطَّت العقبات كافة أمام تحصيل المؤهلات العلمية، ومع ذلك تظل مشاركة المرأة في سوق العمل محدودة. ومع أن المساواة بين الجنسين تبدو واجباً أخلاقياً، إلا أنها محورية للنمو الاقتصادي الشامل".

المالية العامة واستدامة الدين

تقرّ الحكومة بأن استعادة الملاءة المالية تعدّ أولوية مُلحة لتعزيز الثقة في الدولة وتقديم الخدمات الحيوية العامة. فبعد سنوات عديدة من العجز الكبير، وضعف الإيرادات، والهدر والافراط في الإنفاق، وتضخم الدين العام إلى مستويات غير مستدامة، وقد أصبح جزء منه الآن ضمن المتأخرات على الحكومة بعد عجزها عن السداد. في أعقاب الأزمة، انهارت الإيرادات المالية، وأدت موارد التمويل المحدودة إلى انكماش حاد في الإنفاق، وإدارة عامة تكاد لا تؤدي أبسط مهامها، وسوف يستدعي ذلك بذل جهود لا يستهان بها على مدى سنوات عديدة لاستعادة استدامة الدين وخلق حيز مالي للإنفاق في المجالات ذات الأولوية التي تشتد الحاجة إليها كالحماية الاجتماعية والصحة والتعليم والبنية التحتية.

لكن الاقرار بمسببات أزمة المالية العامة التي خنقت الاقتصاد والمجتمع، لا تقترن بمعادلات موضوعية وحكمية لمقاربة المعالجات الصائبة، بل هي تمعن في سياسات الانكار والتنصل من المسؤوليات والموجبات. فتقول الحكومة: على المدى القصير، تنصبّ جهودنا في ما يتعلق بالمالية العامة على معالجة الوضع الطارئ والناتج عن الأزمة المتشعبة، كما واحتواء مكامن الخلل.

وفي هذا الصدد، تورد "إن الموازنة التي تمّ اعتمادها أخيراً لعام 2022 تسمح بارتفاع العجز المالي إلى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدعم الإنفاق الاجتماعي الأكثر أهمية وتخفيف العبء عن الفئات الأكثر ضعفاً والبدء في معالجة الأثر الاجتماعي للأزمة على السكان، ومن شأنها أيضاً المساهمة بالتعافي الجزئي في جانب الموارد البشرية وغيرها من النفقات التي تآكلت بشكل كبير في العامين الماضيين بسبب تفاقم التضخم. وعلى وجه الخصوص، فقد كانت هناك ضرورة لزيادة الرواتب عن طريق تخصيص المنح الاجتماعية لاستئناف الخدمات العامة التي كانت على وشك الانهيار رغم أن ذلك الإجراء لم يقطع شوطاً طويلاً في درء التدهور الحاد في رواتب القطاع العام. وستركز جهودنا المتعلقة بالإيرادات على إعادة بناء قدرة تحصيل الضرائب ورسوم الجمارك من خلال تعزيز الإدارة وتحسين الامتثال الضريبي. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقييم التعرفة الجمركية على الواردات بسعر الصرف الرسمي الموحد الجديد وسنضيف رسوماً عدة أخرى. يُغَطّى العجز المستهدف في موازنة الدولة من التمويل المتاح خارجياً، وسنبتعد عن التمويل المحلي نظراً الى مواطن الضعف الحالية وهشاشة القطاع المصرفي".

ومن دون عناء التفكير بكيفية تدبر مصادر التمويل على المديَيْن المتوسط والطويل، تستهدف الاستراتيجية المالية للحكومة وضع الدين على مسار تراجعي من خلال إدخال تعديلات مالية تدريجية تصحبُها إصلاحات دائمة واستراتيجية لإعادة هيكلة الديون. وفي النص: لقد اتفقنا، ووافقنا على استراتيجية متوسطة الأجل للمالية العامة واستدامة الدين من شأنها إفساح المجال لزيادة الإنفاق على الجانب الاجتماعي والبنية التحتية مع ضمان الاستدامة المالية. سيستهدف البرنامج إجراء تعديلات تراكمية في الرصيد الأولي يبلغ نحو [6] في المئة من إجمالي الناتج المحلي وتحقيق فائض أولي بنسبة [1] في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2026، بما يتسق مع القدرة على تحمّل الدين والتمويل الخارجي المتاح. سيُحقق هذا التعديل توازناً مناسباً بين حاجة لبنان إلى تعزيز ماليته العامة ومساهمات الدائنين عن طريق عملية إعادة هيكلة الدين. وفي الوقت ذاته، سيفسح مجالاً للإنفاق الضروري ذي الأولوية على البرامج الاجتماعية المستهدفة، وإعادة إعمار مرفأ بيروت وتنميته. وتحقيقاً لهذه الغاية، سيوافق مجلس النواب على موازنة 2023 والإطار المالي المتوسط المدى للفترة من 2023 إلى 2025 بما يتفق مع أهداف البرنامج.

الخسائر للمودعين والمصارف

يرد في الورقة الحكومية المستقلة للنهوض بالقطاع المالي، بأن القطاع  المالي تعرّض الى ضرر كبير جرّاء الركود الاقتصادي العميق وتدهور سعر الصرف وانكشاف ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان والحاجة الى إعادة هيكلة الديون السياديّة، وهو ما يتطلب إعادة رسملة وإعادة هيكلة كبيرة، ستؤدي إلى تقليص حجم هذا القطاع.

لكن الحكومة تستخلص نتيجة ملتبسة ليس بتقدير إجمالي الخسائر التي تتعدى 70 مليار دولار، انما بتصنيفها كفجوة لدى الجهاز المصرفي حصرياً، وذلك رغم اعترافها الخسائر ناجمة عن تخلف الدولة عن سداد الديون السيادية نتيجة سياسات مالية غير منتظمة على مدى سنوات عديدة، في حين أنّ الخسائر الضخمة التي تكبّدها مصرف لبنان هي نتيجة قيامه بعمليات مالية هدفت إلى جذب تدفقات رأس المال للحفاظ على سعر الصرف الثابت المبالغ في قيمته ولتمويل العجز في الموازنة، مع التنويه بأن محافظ القروض الخاصة بالمصارف التجارية ستؤدي إلى خسائر إضافية، يصعب تحديد قيمتها في هذه المرحلة..

وتشير المذكرة الى وجوب الإعتراف بهذه الخسائر بهدف التخلّص من عنصر الشَكّ الذي يَحوم حول الاقتصاد، لقاء تعهد بتطبيق إستراتيجية النهوض بالقطاع المصرفي بالوقت المُناسب وذلك بالاستناد الى حل الترابط بين ميزانيات المصارف التجارية والديون السيادية وميزانية مصرف لبنان، وإعادة رَسملة البنك المركزي وتحسين عملية إعداد تقاريره المالية لإعادة بناء الثقة، كذلك إعادة هيكلة ورسملة المصارف التجارية القابلة للاستمرار، وذلك من خلال جلب رأس مال جديد بعد استيعاب الخسائر القائمة.

واذ تنشد الحكومة احترام الشفافيّة المطلقة خلال تطبيق هذه الاستراتيجية، فإنها تتجنب تماماً اظهار اي موقف رسمي او اشارة الى المطلب الاقتصادي والمصرفي بأولوية تأسيس صندوق استثماري للأصول السيادية يضمن مساهمة الدولة في حمل الجزء الوازن من الفجوة المالية، باعتبار انها هي الجهة المدينة بنحو 100 مليار دولار بتمويل رئيسي من البنك المركزي وجزئي من البنوك وسندات الدين الدولية البالغة نحو ثلث الدين العام والمحمولة من مؤسسات محلية واجنبية، او المُشرِعة عبر موازناتها السنوية للانفاق على كلفة حماية الاستقرار النقدي وتثبيت سعر صرف الليرة.

الودائع وسعر الصرف

 وتكتفي ورقة الحكومة بالتزام احترام تراتبية الحقوق والمطالب عند إستيعاب الخسائر، انما تقر مسبقاً بالتوجه الى إلغاء رأسمال حاملي الأسهم  وسندات  الديون الثانوية ومن ثمّ ودائع الأطراف ذات الصلة. وبالتوازي وجوب عدم استخدام  دعم الحكومة إلا إذا كان متسقاً مع القدرة على تحمّل الديون لإعادة رسملة مصرف لبنان الذي يستفيد منه جميع المودعين، بينما يجري حل المصارف التي تعتبر غير قابلة للاستمرار بما يتماشى مع القانون الطارئ لإعادة هيكلة المصارف الذي سيقرّه مجلس النواب والذي من المرجح أن يؤدي الى أن يحصل المودعون في هذه  المصارف على مبالغ من ودائعهم.

وبعدما خفضت الحكومة سقف الحماية للودائع القابلة للحماية من حد 500 الف دولار بحسب الاقتراح السابق للحكومة السابقة، الى مستوى 100 الف دولار فقط، اكتفت في الورقة المعدلة بالحديث عن "حماية صغار المودعين الى اقصى حد ممكن في كل مصرف قابل للإستمرار وذلك تبعاً للتقييم الرقابي. ولهذه الغاية، سيتمّ وضع ادنى لحماية موحدة، تنطبق على جميع ودائع المودع الواحد في أي من المصارف التي تعتبر قابلة للاستمرار، ولن تستفيد من هذه الحماية اي زيادات طرأت على رصيد المودع بعد تاريخ 31 مارس (آذار) من العام الحالي.

وفي المرحلة التمهيديّة للعملية، تتضمن خطة الحكومة "إلغاء تعددية أسعار الصرف الرسمية بحيث يكون هناك سعر صرف رسمي واحد فقط، يتمّ تحديده على منصة صيرفة، ولحينه ستكون منصة صيرفة قد تحولت إلى منصة تداول  اساسيه واحدة لعمليات القطع. كما سيتوجب وضع  مجموعة من الافتراضات حول طريقة إعادة هيكلة سندات اليوروبوند، في حين أن المعايير الدقيقة لهذه العملية يرجح ان تكون غير معروفة، فمن المهم أن تتعامل الحكومة مع حاملي السندات لتكون قادرة على وضع فرضيات معقولة".

فجوة "المركزي"

وتلتزم الحكومة اعادة تكوين رأس مال مصرف لبنان، حيث تشير التقديرات التي أجرتها الى ضخامة رأس المال السلبي المتراكم لديه حيث يزيد على 60 مليار دولار أميركي، غير إن القيمة الحقيقية بحاجة الى المزيد من التدقيق. لكن الملف والمرجح ان يلقى اعتراضات واسعة من قبل المصارف ومودعيها ان الحكومة تقترح للمعالجة الغاء او شطب جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف وذلك لتخفيض العجز في رأس مال مصرف لبنان واغلاق صافي مركز النقد الاجنبي المفتوح للمصرف، كما تنطوي هذه الاستراتيجية على إعادة رسملة جزئية بسندات سيادية قدرها 2.5 مليار دولار أميركي يمكن زيادتها إذا إتسق ذلك مع قدرة الدولة على تحمّل الديون، أمّا ما تبقى من الخسائر السلبية في رأس المال فسوف تُلغى تدريجياً على مدى 5 سنوات.

إعادة رسملة المصارف

وتتضمن الخطوة التالية، "تحديد حجم إحتياجات إعادة رسملة المصارف كل على حدة وإعادة صياغة ميزانياتها، وذلك عبر إجراء تقييم لخسائر كل مصرف على حدة وتحليل لبنية الودائع وهيكلية الودائع لأكبر /14/ مصرفاً (ما يمثّل 83 في المئة من الأصول) سوف تجريه لجنة الرقابة على المصارف بمساعدة شركات دولية مرموقة، تشمل مشاركة مراقبة من الخارج. وتالياً إعادة رسملة داخلية كاملة للمصارف. وهذا يعني ضمناً، في ما يتعلق بالودائع التي تتخطى الحدّ الأدنى المستفيد من الحماية، إما تحويلها الى أسهم (Bail-in) (من خلال حذف جزء منها أو التحويل إلى أسهم) و/أو تحويل ودائع العملات الأجنبية الى الليرة اللبنانية بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر صرف سوق القطع.

كما سيتم الطلب من المساهمين السابقين أو الجدد أو كليهما، الالتزام بضخ رأس مال جديد في المصارف التي اعتبرتها لجنة الرقابة على المصارف قابلة للاستمرار، وذلك بناءً على التحليل الإستشرافي لخطط عمل هذه المصارف بعد إعادة الرسملة الداخلية. وفي هذا الصدد، سيتمّ الاتفاق على خطط لإعادة الرسملة موثوقة ومحددة بإطار زمني على وجه السرعة لاستعادة الحد الأدنى من كفاية رأس المال، بينما سيجري حل المصارف كافة غير القابلة للاستمرار من خلال الاجراءات الفورية التي سوف تطبق بمقتضى القانون الطارىء لإعادة هيكلة المصارف وذلك في نهاية نوفمبر(تشرين الثاني) 2022.

وفي الخطوة الأخيرة، تلتزم الحكومة بتعزيز الإطار التنظيمي الكامل للقطاع المصرفي من خلال مراجعة التشريعات المصرفية الأساسية، وأطر الرقابة واتخاذ القرارات وتأمين الودائع، وذلك عبر تعزيز المهام والصلاحيات والحوكمة والوصول الى المعلومات والحماية القانونية، واستقلالية ومساءلة لجنة الرقابة على المصارف وزيادة كفاءتها من حيث التدخلات المبكرة، وذلك بحلول شهرسبتمبر( ايلول) 2023.