الحرب الروسية–الأوكرانية تعيق تعافي قطاع السفر

  • 2022-03-24
  • 08:30

الحرب الروسية–الأوكرانية تعيق تعافي قطاع السفر

  • زينة أبو زكي
لم تكد صناعة السفر تشهد بعض التعافي بالخروج من كساد دام عامين، حتى أتت الحرب الروسية - الأوكرانية لتعيد مشهدية تقلب جداول المواعيد وتعليق برامج رحلات المسافرين وإجازاتهم الدولية، ويرى خبراء أن الحرب ستشكل حالة من عدم اليقين بما يخص قرارات السفر وتعيق جهود تعافي القطاع، هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط وتأثير ذلك على أسعار تذاكر الطيران وما لأهمية ذلك في ميزانية المسافر. ويعتمد شعور المسافرين بتأثيرات هجوم روسيا على أوكرانيا إلى حد كبير على المكان الذي يتجهون إليه، علماً أن سعر النفط سيؤثر على جميع تذاكر الطيران، حتى المحلية منها.

التمسك بالسفر رغم الصعوبات

حتى الآن، لم تشهد شركات السفر إلغاءات جماعية لأن المسافرين، الذين ربما يبدون مرونة نتيجة ظروف كوفيد-19، ما زالوا متمسكين بقرار السفر. وقال ما يقارب 65 في المئة من البالغين الأميركيين الذين شملهم استطلاع اجرته TheVacationer.com إنهم سيقبلون أسعاراً أعلى وأوقات عبور أطول أو أي معوقات أخرى للسفر في العام 2022.

مهما كانت المضايقات التي يتعرض لها المسافرون فهي بالطبع، لا تقارن بالمعاناة التي يتعرض لها الأوكرانيون. ويرغب العديد من المسافرين في دعم الأوروبيين الذين كانوا يأملون في موسم صيفي قوي، لكنهم لا يريدون تعقيد الجهود الإنسانية لمساعدة لاجئي الحرب. ونظراً الى عدم القدرة على التنبؤ بظروف الحرب، سيحتاج المسافرون إلى التحلي بالمرونة حيث تتكيّف عمليات الطيران والرحلات البحرية والجولات مع الصراع القائم.

 أوروبا تعاني من جديد

بدأ قطاع السفر والسياحة في أوروبا أخيراً في النهوض من جديد، مع قيام غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإلغاء معظم قيود السفر، وكان القطاع ينتظر بفارغ الصبر موسم الصيف، حيث بدأت الاستعدادات في وقت أبكر من أي وقت مضى. ومع ذلك، منذ أن بدأ الجيش الروسي "غزو" أوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، يخشى الكثيرون من تأثير الحرب المستمرة على قطاع السفر المدمر بالفعل في القارة، في حين يرتفع الجدال بأن قطاع السفر والسياحة ليس شيئاً يجب أن يقلق المرء، بينما يموت الناس كل يوم في أوكرانيا، في حين وصل أكثر من مليوني شخص من أوكرانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي فقط خلال الأسبوعين الأولين من الغزو، بينما تتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع العدد إلى أربعة ملايين بحلول حزيران/ يونيو المقبل وربما قبل ذلك.

تفاوت بنسب الالغاءات وتعديل المسارات

ويرى مراقبون أنه لا يوجد سبب لإلغاء أو تأجيل خطط سفر الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أن دول الاتحاد الأوروبي نفسها لم تصدر أي تحذير من السفر ضد الرحلات غير الضرورية إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وأن تحذيرات السفر الوحيدة السارية بسبب الحرب هي لأوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا، ولا واحدة من تلك الدول هي عضو في الاتحاد الأوروبي. ولكن لسوء الحظ، ستتأثر الدول المجاورة لأوكرانيا، بلا شك، بالحرب عندما يتعلق الأمر بالسياحة. ووفقاً للبيانات التي كشفت عنها ForwardKeys ، فلقد شهد الأسبوع الأول من بدء المعارك في اوكرانيا أكبر انخفاض في حجوزات الطيران في بلغاريا وجورجيا والمجر وبولندا، ما بين 30 إلى 50 في المئة، كما وجدت دراسة استقصائية أجرتها MMGY Travel Intelligence أن 62 في المئة من الأميركيين أدرجوا الحرب في أوكرانيا التي تمتد إلى البلدان المجاورة على أنها مصدر قلق للسفر إلى الاتحاد الأوروبي. 

أما في ما يتعلق بمخاوف السلامة للسفر إلى الاتحاد الأوروبي، لا يبدو أن هناك أسباباً رئيسية للقلق بشأن سلامة السفر في الاتحاد الأوروبي بسبب المسافة بين منطقة الحرب ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن المسافة الجوية بين أوكرانيا وبعض الوجهات الرئيسية الأخرى للأميركيين والبريطانيين، مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، أكبر بكثير. علاوة على ذلك، لم تقم غالبية شركات الطيران بإجراء أي تغييرات في ما يتعلق بمسارات رحلاتها، على الرغم من أن بعضها الذي استخدم المجال الجوي الروسي لربط دولة ثالثة بأوروبا اضطر إلى تعديل مسارات سفره الجوي. ومع ذلك، لم تؤثر هذه الخطوة على المسافرين باستثناء طول الرحلة.

توخي الحذر واختيار التأمين المناسب

ومع ذلك، ينصح الخبراء المسافرين باتخاذ الإجراءات اللازمة أينما ومتى سافروا في أوروبا. وفي هذا الاطار يرى الرئيس التنفيذي لشركة إدارة المخاطر فوكوس بوينت إنترناشونال جريج بيرسون، يمكن المضي في خطط السفر، ولكن مع قدر كبير من الحذر، ويحث على ضرورة التأكد من مواكبة أي تغييرات في ديناميكيات التهديد التي يمكن أن تؤثر على السلامة الشخصية والقدرة على التحرك بحرية. ومن ضمن التحذيرات أيضاً شراء تأمين السفر المناسب، إذ يُنصح المسافرون الذين يرغبون في حجز رحلاتهم مسبقاً بشراء تأمين يغطيهم في حالة إلغاء الرحلة. وتقدم بعض شركات تأمين السفر الآن خيار شراء خطط تأمين السفر "إلغاء لأي سبب"، والتي تسمح للشخص بإلغاء الرحلة واسترداد جميع أمواله، من دون الحاجة إلى تقديم سبب وجيه للقيام بذلك، كما إن الإهتمام بالتأمين الطبي عالمياً بات أيضاً ضرورياً.

الشرق الأوسط قد يستفيد من العقوبات

وتلعب العقوبات على روسيا دوراً مزدوجاً، ففي حين ستخسر أميركا ودول الاتحاد الأوروبي السياح الروس المعرفون بإنفاقهم العالي، تنظر دول أخرى، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، إلى العقوبات على السفر للخارج لروسيا على أنها فرصة. وتُظهر بيانات ForwardKeys أن شركات الطيران، بما في ذلك طيران الإمارات والاتحاد للطيران وفلاي دبي، لم تشهد انخفاضاً في السعة منذ الغزو، بل شهدت في الواقع زيادة طفيفة في المقاعد المتاحة للرحلات من وإلى روسيا. وتطلق شركات الطيران الروسية مثل Azimuth Airlines مسارات جديدة إلى دبي، حيث ترحب الإمارة بالأثرياء الروس. وسوف يتطلع المسافرون الروس بشكل متزايد إلى الإمارات العربية المتحدة، وكذلك دول مثل مصر والوجهات الآسيوية، مثل تايلاند، إذا استمرت العقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو ما يبدو مرجحاً للغاية.
 

تأثير ارتفاع أسعار النفط على تذاكر الطيران

عاد كثيرون إلى السفر أو إنهم يتطلعون إلى حجز رحلات طيران لقضاء الإجازة المقبلة، ويرى الخبراء أن ارتفاع أسعار النفط الخام سيزيد من تكاليفه. فهل يمكن أن نرى ارتفاعاً في أسعار تذاكر الطيران؟

يرى المراقبون أن الأزمة الخارجية أثرت على أسعار الوقود، لكنها لا تعادل زيادة أسعار الطيران، ولكن إذا استمرت أسعار الوقود في الارتفاع كما هي، فسنرى زيادة في تكاليف تذاكر الطيران. ومع ارتفاع سعر النفط عالمياً نتيجة الأزمة، من المتوقع أن يؤثر هذا الأمر على أسعار تذاكر السفر. وقد بدأت شركات الطيران بالفعل زيادة أسعار بطاقات السفر بدءاً من منتصف الشهر الحالي، نظراً الى كون كلفة وقود الطائرات تشكل 30 في المئة من الكلفة التشغيلية لشركات الطيران، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض المبيعات وبالتالي على العائدات والأرباح. لا تبدو تأثيرات الحرب الاقتصادية محدودة وهي طالت معظم القطاعات حول العالم ولاسيما القطاعات الأساسية ومنها النفط الذي من شأنه التأثير على القطاعات الأخرى كافة وهو ما ينطبق على قطاع السياحة والسفر الذي يبقى عرضةً لتأثيرات هذه الحرب التي نأمل أن لا تطول.