على مشارف العام 2022.. ما زالت التوقعات حول 100 دولار لبرميل النفط

  • 2021-12-23
  • 22:57

على مشارف العام 2022.. ما زالت التوقعات حول 100 دولار لبرميل النفط

  • أحمد عياش

لا يبدو العام 2022 الذي يسرع الخطى خلفاً للعام الحالي، يحمل ملامح قاتمة كالتي يغادرنا فيها العام 2021، الأمر هنا لا يحتاج الى قراءة الطالع وأعمال العرافة، يكفي فقط متابعة متفرقات من عالم الاقتصاد لتظهر سمات السنة الجديدة التي تبدو واعدة، وهو ما سيتم التركيز عليه في الأيام المقبلة.

يقول مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب، إن المنتدى سيعقد اجتماعه السنوي سنة 2022 في منتجع دافوس السويسري في جبال الألب، ما يبدد التكهنات بأنه قد يبحث مرة أخرى عن مكان مختلف عن منزله التقليدي. وكان الاتحاد أرجأ قبل أيام الاجتماع السنوي المقبل حتى مطلع صيف العام 2022 بسبب انتشار متحور كورونا الجديد أوميكرون.

إذاً، الرهان هو على ظروف أفضل السنة المقبلة بعد أن تأخذ موجة البديل أوميكرون مداها الطبيعي والتي على ما يشير الخبراء الى أنها الآن في مرحلة إختبار، ستظهر معالمها سلباً أم إيجاباً على مدى الأشهر القليلة المقبلة.

يقول المثل "لا دخان بلا نار". ولعل ما أوردته في 22 كانون الأول/ديسمبر الحالي الفايننشال تايمز يعطي إيضاحاً لهذا المثل. فقد كتبت الصحيفة: "ستصبح شركة أكر بي بي أكبر منتج مستقل للنفط في أوروبا بعد الاتفاق على صفقة نقدية وأسهم بقيمة 14 مليار دولار لتملك الأنشطة النفطية لمنافستها لوندين إنرجي"، وقالت شركة "أكر بي بي" إنها تتوقع ان تزيد أرباحها بنسبة 14 في المئة إلى 0.475 دولار للسهم اعتباراً من كانون الثاني/يناير وتهدف إلى رفعها بنسبة 5 في المئة على الأقل كل عام اعتباراً من ذلك الحين، على افتراض أن أسعار النفط لا تزال أعلى من 40 دولاراً للبرميل".

ما ورد آنفاً يمتلك مؤشراً على ما يبدو انه واعد في أسواق الطاقة. وعلى مشارف العام الجديد، وبينما يبدو أن أسعار النفط تبحث عن بيانات اقتصادية تدفعها إلى أعلى، استقرت الأسعار خلال آخر التعاملات، إذ يترقب المتعاملون مؤشرات الطلب على الوقود وسط المخاوف المتعلقة البديل أوميكرون. لكن ستيفان بانسل الرئيس التنفيذي لشركة مودرنا طمأن بأن الشركة التي تنتج لقاح كورونا لا تتوقع مشكلة في تطوير جرعة معززة واقية من المتحور أوميكرون ويمكنها البدء في العمل خلال أسابيع.

وهكذا لا تزال أسعار النفط عند مستوى يتجاوز 70 دولاراً للبرميل، ووسط مؤشرات تميل الى تحسين الاسعار ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.3 في المئة إلى 73.21 دولار للبرميل، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.6 في المئة إلى 70.42 دولار للبرميل.
وقال تاماس فارجا، المحلل في مجال النفط بشركة (بي في إم أويل أسوشيتس) للسمسرة في لندن: "إنها سوق عملية تريد أن تصعد ... من المرجح أن يكون التحسن محدوداً وفرض المزيد من القيود ستقابله عمليات بيع جديدة".

في المنطقة العربية، افتتحت مصر في 22 كانون الأول/ ديسمبر، مجمعاً جديداً لإنتاج البنزين في محافظة أسيوط بصعيد مصر، يوفر نحو 13 في المئة من احتياجات البلاد من البنزين العالي الأوكتان، باستثمارات تصل إلى أكثر من 7 مليارات جنيه.
وقال طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية المصري، أثناء حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد الافتتاح، إن"إجمالي إنتاج المشروع 800 ألف طن سنوياً من مختلف أنواع البنزين تمثل 13 في المئة من إجمالي إنتاج مصر من البنزين ويغطي بنسبة 100 في المئة استهلاك الصعيد واحتياجاته من البنزين".

تعتبر تسفيتانا باراسكوفا ان عدم اليقين يهيمن على أسواق النفط في 2022، وهي كتبت على موقع Oil Price تقول: "سيكون تأثير أوميكرون على الاقتصادات والطلب على الوقود، وتأثير ذلك على انتعاش الطلب على النفط وأسعاره، موضوعاً رئيسياً طوال العام 2022، ولاسيما خلال الأشهر القليلة الأولى من العام المقبل. وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بأسعار النفط في الظروف العادية، فإن الشكوك التي يكتنفها الوباء جعلت مهمة التنبؤ أكثر صعوبة. وفي الوقت الحالي، تتراوح التوقعات بين النفط الذي يبلغ متوسطه نحو 70 دولاراً في العام المقبل ليصل إلى أعلى من 100 دولار للبرميل في مرحلة ما من العام 2022 أو 2023. في المقابل كتب سايمون فلاورز، رئيس مجلس الإدارة وكبير المحللين في وود ماكنزي، في منشور نشر أخيراً لمناقشة الموضوعات الرئيسية في مجال النفط والغاز في العام 2022، أنه من غير المرجح أن ترتفع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، على الأقل لأي فترة مستدامة من العام المقبل. ويتوقع بعض المحللين ان يؤدي الشتاء القارس الذي يكون أكثر برودة من المعتاد في نصف الكرة الشمالي الى تفاقم ازمة الطاقة في اوروبا واستنزاف مخزوناتها من الغاز الطبيعي التي وصلت بالفعل الى ادنى مستوى لها منذ عشر سنوات في هذا الوقت من السنة. وهذا من الممكن أن يدعم الطلب على التدفئة بالوقود غير الغاز الطبيعي، بما في ذلك المنتجات النفطية، ما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط حتى لو حدت عمليات الإغلاق من استهلاك البنزين".

 غير إن للسياسة أيضاً نصيبها، وربما الوافر، في رسم الخط البياني لأسعار مشتقات الطاقة. فمثلاً، يواجه خط أنابيب نورد ستريم 2 الروسي عقبات كبيرة وسط تصاعد التوترات في أوكرانيا. فقد اوردت وكالة أسوشيتد برس انه تم بناء خط الأنابيب وملئه بالغاز الطبيعي. ولكن نورد ستريم 2 الروسية تواجه طريقاً صخرياً قبل تدفق أي غاز إلى ألمانيا، حيث يتبنى زعماؤها الجدد لهجة أكثر تشككاً تجاه المشروع وتتصاعد التوترات بشأن حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية. وينتظر خط الانابيب الذي تعارضه اوكرانيا وبولندا والولايات المتحدة موافقة المانيا والاتحاد الاوروبي لتجاوز الدول الاخرى والبدء في جلب الغاز الطبيعي مباشرة الى اوروبا، وتعاني القارة من نقص أدى إلى ارتفاع الأسعار، ما يغذي التضخم ويثير المخاوف بشأن ما سيأتي بعد ذلك إذا أصبحت إمدادات الغاز منخفضة بشكل خطير.

في الجانب الآخر من مصادر الطاقة التقليدية، أعلنت وزارة الطاقة الأميركية، عن استحداث مكتب جديد لمتابعة مجال الطاقة النظيفة في ضوء خطة الرئيس الأميركي جو بايدن للمناخ. وقالت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم، إن المكتب الجديد سيطرح عروضاً استثمارية تتوافق مع قانون البنية التحتية الجديد، بما يصل إلى 20 مليار دولار.

ما هي العبرة من هذه المعطيات؟ لعلّ هذه العبرة تؤكد ما سبق من تأكيدات، ان الحظ ما زال يبتسم في أسواق الطاقة التقليدية على رغم عبوس الوباء الجديد الذي يجعل العالم حالياً على أهبة كل الاحتمالات؟