الجائحة أثبتت دور الشركات الناشئة بتنويع الاقتصاد في البحرين

  • 2020-12-15
  • 12:05

الجائحة أثبتت دور الشركات الناشئة بتنويع الاقتصاد في البحرين

حوار مع مديرة تطوير الأعمال في قطاع الشركات الناشئة في مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين باكيزا عبد الرحمن

  • رانيا غانم

شهدت منظومة ريادة الأعمال نمواً وتطوراً كبيرين في البحرين في السنوات الأخيرة، مدعومة ببيئة استثمارية جاذبة وقوانين وتنظيمات مرنة وبنى تحتية متطورة، وسمحت هذه المنظومة باستقطاب رواد أعمال ومستثمرين محليين وأجانب فضلاً عن مسرعات أعمال عالمية. وتشير مديرة تطوير الأعمال في قطاع الشركات الناشئة في مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين باكيزا عبد الرحمن في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إلى أن عدد الشركات الناشئة ارتفع باطراد في الفترة الأخيرة لتشكل نسبتها 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ونحو 90 في المئة من الشركات التجارية المدرجة في سوق البحرين.

 

الشركات الناشئة ضمنت استمرارية الاقتصاد

ولعبت تلك الشركات وتحديداً المتخصصة في التقنية دوراً محورياً خلال انتشار جائحة كورونا إذ سمح وجودها في السوق البحرينية بديمومة الاقتصاد واستمراريته، لأنها تمكنت في فترات الإغلاق التام من تأمين جميع الخدمات والسلع الاستهلاكية والأدوية التي يحتاجها المواطن من دون الحاجة إلى خروجه من المنزل، وارتفعت عمليات التسجيل التجاري خلال الجائحة بنسبة 109 في المئة بما يعكس وجود منظومة مرنة ومتوازنة، وتشير عبد الرحمن إلى أن المناخ التكنولوجي والبنى التحتية المتطورة والمؤهلة بشبكة الجيل الخامس ومراكز البيانات والسجلات الافتراضية المرنة، والفرص التمويلية المتنوعة سواء من قبل القطاع الحكومي أو الخاص، فضلاً عن القوانين الاستثمارية الجاذبة خلقت فرصاً جديدة ومتنوعة لرواد الأعمال ليأسسوا شركاتهم، واستقطبت البحرين أيضاً في الفترة الأخيرة عدداً من مسرعات الأعمال العالمية الأمر الذي ساهم في تطوير الشركات الناشئة ورواد الأعمال، وإقبال الشباب البحريني على إطلاق أفكارهم الريادية.

إقرأ: 
أبو السعود: استثمارات الصناديق الجريئة ستكون أكثر انتقائية ما بعد الجائحة

حزم دعم للشركات الناشئة

تقدم حكومة البحرين حوافز مميزة ومرنة للشركات عموماً وللشركات الناشئة خصوصاً، وكانت البحرين قد أطلقت منذ عام صندوق الصناديق بقيمة مئة مليون دولار للاستثمار في صناديق تمويلية عدة، تستثمر في شركات ناشئة في جولات من الفئة  "أ" و"ب"،  لكن مع انتشار الجائحة خصصت البحرين برامج وحوافز تمويلية من صندوق العمل "تمكين"، لضمان استمرارية الأعمال للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تأثرت بالجائحة، وقدمت برامج تمويلية تغطي المخصصات المالية للموظفين في الشركات الناشئة، كما أطلقت وزارة التجارة والصناعة مبادرات مختلفة لتدعم التجارة الإلكترونية منها منصة mall.bh التي تقدم معلومات لمن يريد أن يؤسس شركة إلكترونية ومتخصصة في الأسواق والتجارة الإلكترونية، وتؤكد عبد الرحمن أن الهدف من هذه المنصة تخفيف الأعباء عن أصحاب الشركات الناشئة وتقديم معلومات على مدار الساعة، وقدمت حكومة البحرين أيضاً حزمة تحفيزية بقيمة 11 مليار دولار تعادل 29.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للشركات، خصص منها 570 مليون دولار لدفع رواتب أكثر من مئة ألف مواطن في القطاع الخاص، وتغطية فواتير الكهرباء لمدة ستة أشهر.

 

منظومة جاذبة للمستثمرين

سلطت جائحة كورونا الضوء أكثر على أهمية منظومة وبيئة ريادة الأعمال، وحفّزت المستثمرين البحرينيين على الاستثمار في الشركات الناشئة. وتؤكد عبد الرحمن أن البحرين شهدت إقبالاً كثيفاً من قبل صناديق الاستثمار الجريء للإستثمار في الشركات الناشئة، ومن قبل رواد الأعمال على مسرعات الأعمال لعرض أفكارهم الريادية. وتضيف: "لمسنا تعاوناً بين المستثمرين الملائكيين في جميع دول مجلس التعاون للاستثمار في هذا القطاع، وكذلك تم التعاون مع بلدان عدة مثل البرتغال والهند وبريطانيا لإطلاق برامج وجلسات تعريفية لربط المستثمرين البحرينيين مع مستثمرين عالميين، وتبادل الخبرات على المستوى الإقليمي والعالمي".

 إقرأ أيضاً: 
الهيئة الملكية للعلا تسعى الى تطوير منظومة ريادة الأعمال في المحافظة

المطلوب محتوى عربي محلي

ورداً على سؤال حول القطاعات التي تتركز فيها استثمارات الصناديق الجريئة، تلفت عبد الرحمن النظر إلى أن قطاع الفنتك مميز في البحرين ويحظى باهتمام كبير على المستويين الإقليمي والعالمي، إذ كانت البحرين من أولى البلدان التي أطلقت منصة افتراضية تعرض أفكاراً ريادية لربط القطاع المصرفي بالتكنولوجيا، بالتعاون مع البنك المركزي البحريني. وقد عدّلت حكومة البحرين قوانين عدة لفتح المجال للإبتكار في مجال الفنتك، مثل الخدمات المصرفية المفتوحة، والعملات والأصول الرقمية وغيرها. وتضيف عبد الرحمن أن القطاعات الجاذبة أيضاً في البحرين هي تلك التي تقدم خدمات إلكترونية مثل منصات التوصيل والتسليم، ومراكز البيانات وتحليلها، فضلاً عن شركات تقنية تقدم حلولاً ذكية في مجال الزراعة والتجارة وكذلك العقارات، وتؤكد أن الكوادر الشبابية لديها المهارات والقدرة على تقديم هذا النوع من الخدمات.

وعن القطاعات التي لم يطرق رواد الأعمال بابها بعد بالشكل المطلوب، فهي وفق عبد الرحمن، الشركات التي تخلق المحتوى الذي يقدم باللغة العربية سواء عبر قنوات التواصل الاجتماعي أو عبر القنوات التقليدية كالسينما والتلفزيون وصناعة الألعاب الرقمية. وتقول: "البيئة المطلوبة متوافرة والطاقة الشبابية والعلمية والدعم الحكومي كذلك، لذا لا شيء يمنع من تقديم محتوى محلي عربي".

 إقرأ أيضاً: 
مطورو الألعاب الرقمية يكسبون المواجهة مع كورونا

الموظفون شركاء في الإنتاج

أقرّت الحكومة البحرينية أخيراً تعديلاً على قانون الشركات يسمح للشركات المساهمة المقفلة أن تقدم برامج تملك الأسهم للعاملين فيها، وهذا التعديل، برأي عبد الرحمن، مهم للشركات الناشئة لأنه يحفّز أصحاب الكفاءات على البقاء في وظائفهم بما يساهم في نمو الشركة وتطورها، وقد كان القانون السابق يسمح للشركات الكبيرة فقط بإعطاء أسهم للعاملين فيها.  

 إقرأ أيضاً:
 شراكة بين منصة Hub71 ومركز الابتكار الرقمي السعودي لدعم رواد الأعمال

نقص في التمويل الكفاءات

لا تختلف التحديات التي تواجه منظومة ريادة الأعمال في الخليج العربي ككل عن العوائق التي يواجهها رواد الأعمال في البحرين، ويتمثل معظمها في التمويل وجودة الكفاءات المتخصصة، لكن عبد الرحمن تشير إلى أن البحرين أطلقت مبادرات كثيرة لدعم المنظومة، وبرامج لتدريب المستثمرين الملائكيين، لكن يبقى ثمة فجوة في تمويل الشركات في مراحلها المتقدمة أي في مرحلة ما بعد البذرة، لافتة النظر إلى أن الشركات التي تنمو بوتيرة متسارعة لا تجد التمويل الذي يناسبها لذا تضطر إلى التوجه إلى صناديق الاستثمار العالمية، مشيرة إلى ان هذا التوجه جيد ولكن نحب ان نرى صناديق تمول مراحل متقدمة.

وتشير عبد الرحمن إلى أن التحدي الثاني هو توافر المهارات المتخصصة، موضحةً أن الشركات الناشئة تحتاج إلى كفاءات ومهارات متخصصة، في حين أنه لا يزال ثمة نقص كبير في الكوادر المتخصصة في مجالات معينة وتملك الخبرة الكافية والجاهزة للانخراط في سوق العمل. وتخلص إلى القول بأن مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين أطلق مبادرة Startup Bahrain التي تسعى إلى بث مفهوم ريادة الأعمال والربط بين سوق العمل والجامعات والمدارس وإدخال الاختصاصات التي يحتاجها رواد الأعمال لكي يكون جاهزاً ولديه الخبرة والمعرفة وروح ريادة الأعمال عند التخرج وليكون جاهزاً للانخراط مباشرة في سوق العمل.