الموعد الجديد لولادة الحكومة اللبنانية بعد حسم الرئاسة الاميركية!

  • 2020-11-19
  • 15:07

الموعد الجديد لولادة الحكومة اللبنانية بعد حسم الرئاسة الاميركية!

  • أحمد عياش

لا يبدو مفهوماً على الاطلاق لمن يراقب أحوال لبنان من خارجه، أن يجري ربط شؤونه بإستحقاقات خارجية. لكن الربط العصي على فهم من هم خارج هذا البلد، هو حاصل اليوم في موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. وآخر المحاولات التي جرت لإخراج هذا الموضوع من عنق زجاجة التعقيدات الداخلية، تمت على يد الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل إنتهت الى الفشل. فهل الى هذا الدرك انحدرت أوضاع لبنان؟

في معلومات لـ "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعرب في مجالسه الخاصة عن تشاؤمه حيال إمكان نجاح جهود رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تقديم تشكيلته الوزارية الجديدة قريباً. وبعدما كان سائداً في الأروقة السياسية الداخلية أنه ستكون هناك حكومة جديدة قبل نهاية السنة الحالية، أشارت هذه المعلومات إلى أن هذا الاحتمال لم يعد وارداً أقله في الأسابيع التي لا تزال تفصلنا عن نهاية العام 2020، بل رجحت أن يتأخر تشكيل الحكومة إلى ما بعد 20 يناير/كانون الثاني من السنة المقبلة.

لماذا هذا التاريخ بالتحديد؟ إنه موعد وصول الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية إلى البيت الأبيض سواء أكان السيناتور الديمقراطي  جو بايدن ام الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب. وإذا سأل سائل بغرابة: ما دخل الرئاسة الاميركية في الدولة الأولى في العالم بتشكيل حكومة في البلد الذي ينتمي إلى مجموعة الدول الاصغر في العالم؟ فلن يحظى بجواب مباشر، وإنما عليه التعامل مع مجموعة أجوبة ليستخلص منها على طريقة "البازل" جواباً لن يكون شافياً في كل الاحوال.

لو أجريّ إستطلاع للرأي على مستوى لبنان بأسره حول الأولويات التي تشغل إهتمام نحو ستة ملايين من المواطنين والمقيمين في لبنان، لتبين أن موضوع تشكيل حكومة جديدة سيأتي في آخر سلم اولويات سكان لبنان. لكن لو جرى ربط تشكيل الحكومة بما ينتظر لبنان من مساعدات ومشاريع تخرجه من قعر هاوية أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية لقفز فوراً الى صدارة الاولويات، كما فعل الموفد الفرنسي في ختام زيارته الفاشلة إلى لبنان عندما قال في لقاءاته الرسمية والسياسية إن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يضع نصب عينيه، منذ زيارته الأولى إلى العاصمة اللبنانية بعد الانفجار الذي دمّر مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس الماضي على تجنيب لبنان خطر الانهيار الشامل. ويضيف دوريل أنه إذا تعثر تأليف حكومة تتمتع بالصدقية والشفافية، وتأخرت الإصلاحات على يد هذه الحكومة، فسيكون مستحيلاً أن  يتسلّم لبنان التمويل المخصّص له من مؤتمر "سيدر 1" وهو 12 مليار دولار، إضافة إلى انجاز  مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي للحصول على 15 مليار دولار اذا تمّ انجاز الإصلاحات.  ولم ينس موفد الرئيس الفرنسي تذكير محاوريه بأن فرصة مهمة على وشك أن تضيع، ألا وهي المؤتمر الدولي الذي وعد الرئيس ماكرون بتنظيمه آخر الشهر الحالي في باريس لبت مساعدات توظف في إعادة اعمار ما هدمه إنفجار المرفأ، لكن هذا المؤتمر مرهون بقيام حكومة جديدة تستطيع التعامل مع العالم الخارجي.

في موازاة هذا الوضع، ظهرت ملامح محاولات ربط لبنان سياسياً بمن سيصل في الشهر الأول من السنة المقبلة إلى البيت الابيض. فرجل العهد القوي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي صدرت بحقه أخيراً عقوبات وزارة الخزانة الأميركية وبموجب قانون ماغنيتسكي، لم يخف رهانه على وصول السيناتور بايدن إلى البيت الأبيض، متوقعاً أن تتغير سياسة الولايات المتحدة الاميركية تجاه لبنان عما هي عليه الآن في عهد الرئيس ترامب. وفي المقابل، ما زالت السفيرة الأميركية في لبنان تواصل حملتها على باسيل ومن خلفه "حزب الله". وقد أطلت للمرة الثانية خلال ايام بعد صدور العقوبات على رئيس "التيار" فأكدت السفيرة الاميركية دوروثي شيا أن الولايات المتحدة الاميركية ما زالت تستعمل سياسة الضغط على حزب الله، وأشارت إلى أن النائب باسيل "بعلاقته مع حزب الله يغطي سلاحه فيما الأخير يغطي فساده"، وأضافت: "لم نفعل بعد كما دول الخليج بالابتعاد عن لبنان وعدم دعمه فهذا ما لم نقم به بعد". أما ف يما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة فأوضحت السفيرة شيا أن ادارتها " لم تدعم الحكومة الأخيرة لأن الذي شكّلها هو حزب الله لكننا وقفنا الى جانب الشعب اللبناني وسنرى ماذا سيكون شكل الحكومة المقبلة لتحديد موقفنا".
حتى 20 كانون الثاني/ يناير المقبل هناك أكثر من شهرين. فإذا كان موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة قد جرى ربطه بهذا التاريخ نتيجة رهانات فريق سياسي، فهل يصمد  لبنان حتى ذلك التاريخ  في ظل الاحوال الراهنة لشعبه واقتصاده ومصرفه المركزي الذي بلغ حافة فقدان العملات الصعبة التي يستخدمها لدعم مشتريات لبنان من الدواء والوقود والقمح؟ وكيف  يمكن ان يبرر المتحكمون في السياسة اللبنانية آثار نضوب احتياطي مصرف لبنان وانفلات عقال التضخم  وانهيار ما تبقى من مداخيل السواد الاعظم من الشعب؟