"جنون البقر" يضرب لبنان.. فما رأي وزارة الزراعة؟

  • 2020-10-26
  • 19:41

"جنون البقر" يضرب لبنان.. فما رأي وزارة الزراعة؟

وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى: التلاعب بأسعار المواشي المدعومة سيؤدي بالمخلين إلى النيابة العامة المالية

  • أدهم جابر

 

يزداد الحديث في الآونة الأخيرة عن اتجاه مصرف لبنان إلى رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية، وهذا أمر يرفع منسوب الارتباك بين المواطنين في لبنان خصوصاً أن حدوثه سيؤدي إلى تفاقم الارتفاع الجنوني لأسعار هذه السلع، وبينها أسعار المواشي على اختلافها سواء تلك المستوردة من أجل لحومها أو لتربيتها والاستفادة منها..

 

قد يهمك:
القطاع الزراعي في لبنان: لا قدرة على الانتاج ولا من يدعمون!

 

مذ بدأ مصرف لبنان في دعم استيراد السلع الاستراتيجية وبينها المواشي حتى برزت معلومات حول استغلال يقوم به بعض التجار (وسطاء) لهذا الدعم من أجل تحقيق أرباح سهلة وسريعة بالإضافة إلى وجود محاصصة ومحسوبيات يتم الاعتماد عليها في توزيع الأبقار والعجول والأغنام المدعومة على المربين أو الملاحم، فيما كان يجب، بحسب أحد أصحاب مزارع تربية الأبقار الحلوب، أن تتم العملية بلا وسيط أي يتم تسليم المواشي إلى المربين مباشرة حتى يحقق الدعم مبتغاه. وإذا كانت السوق المحلية لا تعاني من نقص في الأغنام، بحسب المعنيين بالقطاع ووزارة الزراعة الذين يؤكدون وفرتها، فإن المشكلة تكمن في نقص الأبقار الحلوب والذي استغله بعض التجار للتنكيل بالمربين، وخلق ظاهرة يمكن توصيفها بـ "جنون البقر" ليست ناتجة عن فيروس مرضي، وانما عن جشع تجار يبغون الأرباح السهلة الطائلة وإن كانت على حساب أهل القطاع.. فما رأي وزارة الزراعة في ما يجري؟

 

الوزير مرتضى في حوار مع "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال":

بطاقات تعريفية للملاحم.. وتصريح عن بيانات مشتري الأبقار الحلوب

 

يؤكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى في حوار مع "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" أن الوزارة قامت بتنظيم عملية استيراد المواشي واللحوم الحية، ففي ما يتعلق باللحوم، كان هناك لغط في آلية توزيع عجول اللحوم، فاضطرت الوزارة إلى إصدار بطاقة تعريف للملاحم وهي عبارة عن بيانات صاحب الملحمة وعنوانها وتصدق من البلدية لكونها الجهة المعنية بالتأكيد على وجود الملحمة ومن ثم تصدق في المركز الزراعي، وتمّ تحديد حصة كل ملحمة برأسين في الأسبوع وعلى هذا الأساس تتواصل الملاحم المعنية مع المستوردين، الذين يقومون بدورهم بالتصريح حول الكميات التي قاموا باستيرادها، ويقوم هؤلاء بختم حصة الملحمة، أما بالنسبة إلى الملاحم التي تستهلك أكثر من رأسين فقمنا بتحديد الحصة بـ 4 رؤوس لكن هذا يحتاج إلى موافقة مدير الثروة الحيوانية في الوزارة، وإلى إجراء عملية استقصاء حول المعلومات المقدمة من صاحب الملحمة تتضمن تزويدنا بفواتير الثلاثة أشهر الأخيرة لملحمته تثبت أن حاجته أكثر من رأسين في الأسبوع، ثم يتم رفع حصته. ولاحظنا بعد المواكبة والمتابعة أن أسعار اللحوم الحمراء استقرت في كل الملاحم ولم يعد هناك شكاوى. لكن هناك مأزق نعاني منه وهو أن معاملات مستوردي اللحوم الحية لا تزال عالقة في مصرف لبنان، لذلك قمنا بالتواصل مع المصرف للتعجيل بالمعاملات حتى لا يعود الخلل إلى القطاع. ويشدد مرتضى على أن الجولات الميدانية للوزارة في كل أنحاء لبنان تظهر التزام الملاحم بالشروط والأسعار المحددة من قبل وزارة الاقتصاد.

 

إقرأ أيضاً:
لبنان يتقدم بسرعة لوقف دعم السلع الاستراتيجية

 

وفي ما يتعلق بالبقر الحلوب، يؤكد مرتضى أن الكميات التي دخلت إلى لبنان قليلة جداً، وكنا طلبنا من كل المستوردين ألا يبيعوا أكثر من ثلاثة رؤوس للمربي الواحد، على أن يقوموا بالتصريح إلى الوزارة حول بيانات المشتري الكاملة وعنوانه، وهذا يؤدي إلى عدم الاحتكار وعدم قيام بعض التجار بشراء كميات كبيرة ثم يعمد إلى تهريبها خارج لبنان بحسب ما ادعى البعض، لذلك يمنع أي تاجر من استيراد الأبقار الحلوب إلى لبنان من دون أن يكون قد صرّح عن الأشخاص الذين قاموا بشرائها.

 

البقرة المدعومة بـ 9 ملايين ليرة كحد أقصى..

فما قصة التلاعب بالأسعار؟

 

في ما تمّ تحديد سعر البقرة الحلوب المدعوم بـ 8 ملايين و 500 ألف ليرة لبنانية إلى 9 ملايين ليرة كحد أقصى، إلا أنها كانت تصل إلى المربين بسعر 11 وأحياناً 12 مليون ليرة، وبحسب المربين، فإنه إضافة إلى التلاعب بالأسعار كانت هناك آلية تعامل من قبل موزعي المناطق، إذ يقومون بتوزيع الابقار المستوردة وفقاً لأمزجتهم، يرد مرتضى أن كمية الأبقار الحلوب التي دخلت إلى لبنان أخيراً قليلة جداً مقارنة بالطلب عليها، وإذ يشير إلى أنه من حق المستوردين أن يكون لديهم موزعون في المناطق، يؤكد أن هامش الربح يجب أن يكون منطقياً وألا يتجاوز حدوده، خصوصاً أن اللقاحات التي تعطى للأبقار المستوردة مدعومة بدورها، ويحذر مرتضى من التلاعب بالأسعار لأن هذا الأمر سيدفعنا إلى اللجوء إلى النيابة العامة المالية لمحاسبة المخلين، ويطالب كل من تعرّض أو يتعرض للابتزاز في الأسعار أن يقدم شكوى رسمية إلى الوزارة لمتابعة قضيته. وليتم الحد من عملية التوزيع العشوائية أو غير المنضبطة، يوضح مرتضى أن وزارة الزراعة تتابع عملية توزيع الأبقار الحلوب من خلال القيام بالمتابعة والاتصال بالمشترين للاستفسار حول الأسعار من جهة، وللتأكد من وصول الأبقار إلى مستحقيها أي المربين من جهة أخرى. لكن هل الثروة الحيوانية في لبنان كافية؟

 

خطة استراتيجية لدعم الثروة الحيوانية

 

يشدد الوزير مرتضى على أهمية الثروة الحيوانية في لبنان كقطاع إنتاجي يمكن أن يساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، ويشير إلى أن وزارة الزراعة الحالية وضعت خطة استراتيجية لتعزيز هذا القطاع، بل وأكثر من ذلك، طلبت من كل تاجر ومستورد للأبقار الحلوب استيراد 2000 بقرة حلوب لكل واحد منهم لتلبية الطلب المتزايد على استيراد هذا النوع من الأبقار، خصوصاً أن العديد من التجار يفضل استيراد عجول اللحوم لأن هامش الربح فيه أعلى. ويوضح أن الخطة تتضمن رفع عدد الأبقار الحلوب المستوردة بمعدل 10 آلاف رأس سنوياً، وذلك لرفع عدد هذه الابقار من 50 ألفاً حالياً إلى 150 ألفاً خلال 10 سنوات، ويضيف أن الخطة لحظت تحصين مربي الأبقار من خلال تحديد وتحجيم استيراد الحليب المجفف وبالفعل تم تخفيضه بنسبة 50 في المئة، وكل ذلك حتى نحافظ على ثروتنا الحيوانية. وعليه، ماذا عن عرقلة إنشاء المزارع واستيراد الأبقار؟

 

تراخيص إنشاء المزارع من صلاحيات المحافظين

وليس وزارة الزراعة

 

يؤكد مرتضى أنه ليست من صلاحيات وزارة الزراعة منح رخص لإنشاء المزارع بل هي صلاحيات المحافظين في المناطق، فنحن نشجّع على فتح المزارع وندعم المربين، لكن في بعض الأحيان هناك شكاوى عليهم ونحن نحاول جهدنا أن نخفف من تبعاتها. أما لناحية الاستيراد، فنحن نقوم بتسهيل معاملات التجار والمستوردين ومعاملاتهم تنجز بـ 48 ساعة وأحياناً 24 ساعة، نحن لا نقوم بالعرقلة، لكن هناك شروط ومواصفات يجب الالتزام بها، إذ الواجب علينا هو تحصين القطاع من الأمراض والمحافظة على ثروتنا من الأبقار وتحصينها ضد الفيروسات والامراض، ومن هنا فإن الشروط المتعلقة بالفحوص المخبرية والحجر وغيره، هي في هذا الإطار، فما هو مطابق للمواصفات الموضوعة يدخل إلى لبنان أما ما لا ينطبق فلا يمكن إدخاله تحت أي ظرف كان.

وفي ما يتعلق بالعراقيل التي تقوم دول أوروبية بوضعها لاستيراد الأبقار الحلوب مثل ألمانيا على وجه الخصوص، وذلك بحسب ما صرّح احد التجار والمستوردين إلى "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"، يؤكد مرتضى أن التجار والمستوردين لم يقوموا بمراجعة الوزارة حول هذا الامر حتى نقوم بالإجراءات اللازمة، وحل المشكلة إذا كانت موجودة..