لبنان: ما خلفيات وقف شركات المستلزمات الطبية تقديم معداتها إلى المستشفيات؟

  • 2020-10-03
  • 11:39

لبنان: ما خلفيات وقف شركات المستلزمات الطبية تقديم معداتها إلى المستشفيات؟

عاصي: متجهون نحو الافلاس اذا استمر الوضع على ما هو عليه

  • كريستي قهوجي

في وقت يرزح القطاع الطبي في لبنان تحت وطأة الأزمة المالية الخانقة التي تضرب كل مؤسساته، عادت قضية الشركات المستوردة للمستلزمات الطبية إلى الواجهة من جديد بعد أن دقّت نقابة مستوردي المستلزمات والمعدات الطبية في لبنان الخطر وأعلنت في بيان عن توقف تسليم البضائع إلى المستشفيات إلا للحالات الحرجة جداً إلى حين فك الأسر عن التحويلات ولمنع إفلاس الشركات وضمان عدم المساس بالقطاع الصحي للحفاظ على سلامة المواطن وحقه بالاستشفاء اعتباراً من 2 تشرين الأول/أكتوبر الحالي.

وتأتي هذه الخطوة في ظل عدم تجاوب مصرف لبنان مع مطالب النقابة لناحية إقرار آلية واضحة وزمن محدد لتسيير المعاملات الموجودة في أدراج "المركزي" منذ أشهر عدّة، بالإضافة إلى عدم تحويله سوى 80 مليون دولار من قيمة الدعم للمستلزمات الطبية التي تبلغ 240 مليون دولار سنوياً، أي أنه أمّن 30 في المئة من احتياجات القطاع الصحي وهي ضئيلة نسبياً مقارنة بالقطاعات الأخرى المدعومة بالمليارات.

كما تأتي هذه الخطوة بعد أن أصبح مخزون الشركات من المستلزمات الطبية ضئيلاً وفي حدّه الأدنى نتيجة عدم توريد الشركات في الخارج للبضائع بسبب تأخّر المستوردين في تسديد التزاماتهم المالية تجاههم، وتلكّؤ بعض المستشفيات الخاصة والحكومية بدفع المستحقات المالية للشركات، بالإضافة إلى المحاولات الحثيثة التي قامت بها النقابة لوضع آلية تطبيقية من جميع المعنيين كاعتماد ترقيم الملفات لمتابعتها، وتقديم لوائح واضحة للمستلزمات المدعومة، وطلبها من وزارة الصحة العامة منذ 4 آب/أغسطس الماضي لوائح المستلزمات التي وردت كمساعدات من الدول الصديقة والبالغة 250 طن من المساعدات، الامر الذي يسمح للشركات بتحديد الأصناف والكميات التي تحتاجها المستشفيات وغير المتوفرة إن من ضمن المساعدات المذكورة أو في مخزون الشركات لاستيرادها من قبل هذه الأخيرة ولم تلق جواباً بعد. ونتيجة لكل ما تقدّم، قررت النقابة وقف كل أشكال عمليات تسليم المستلزمات الطبية إلى المستشفيات إلا للحالات القصوى.

 

سلمى عاصي: الوضع كارثي ومتجهون نحو الانهيار


وفي هذا السياق، تقول رئيسة نقابة مستوردي المستلزمات والمعدات الطبية في لبنان سلمى عاصي في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إنه في البداية جرى الاتفاق مع مصرف لبنان على تأمين التحويلات المالية الخاصة بالشركات إلى الموردين والتي تبلغ 230 مليون دولار خلال فترة 10 أيام إلا أن هذه المهلة تأخرت لفترة 5 أشهر، موضحةً أنه لم يتم تحويل سوى مبلغ 80 مليون دولار وهو ما يمثل 30 في المئة من حاجات القطاع الصحي في لبنان.

وتضيف عاصي أن النقابة قامت بإرسال عدد كبير من الرسائل والكتب إلى المعنيين من دون أن تحصل على أي ردّ منهم بالإضافة إلى قيامها بطلب لوائح حول المساعدات الطبية التي وصلت إلى لبنان بعيد انفجار مرفأ بيروت لتحديد أنواع المستلزمات الطبية الموجودة ضمن هذه المساعدات وعدم تكليف خزينة الدولة أعباءً أكثر لتسهيل أمور القطاع الصحي ولم تحصل على أجوبة أيضاً.

وتكشف أن مصرف لبنان أصدر في 1 تشرين الاول/أكتوبر الحالي قراراً بوقف الدعم عن كل مستلزمات التطهير الخاصة بالمستشفيات خصوصاً وأن هذه البضاعة قد تم شراؤها وتخزينها في المستودعات وجرى إرسال ملفاتها إلى المصرف المركزي منذ أشهر عدّة، مضيفة أن هذا القرار أتى كالصاعقة على الشركات المستوردة لما سيسببه من خسائر إضافية الأمر الذي أدّى إلى تفجير الوضع واتخاذ القرار بإيقاف تسليم المستلزمات الطبية إلى المستشفيات سوى للحالات الطارئة جداً.

وقام مصرف لبنان بإصدار قرار لإلغاء الدعم عن كل الفواتير الطبية التي صدرت منذ أكثر من 300 يوم خصوصاً أنها كانت قد صدرت في ظل عدم تمكّن الشركات من تحويل الأموال من المصارف إلى الموردين في الخارج. وتشير عاصي إلى أن هذا القرار سيؤدي إلى تحويل الأموال نقداً بشكل كامل من قبل الشركات على سعر صرف السوق السوداء في الوقت الذي تم تسعيرها على 1515 ليرة وارسال ملفاتها الى مصرف لبنان، معتبرة أن كل هذه القرارات عشوائية تهدد القطاع الصحي وتنذر بانتهاء دوره.

وتضيف أن ما عقّد الأمور أكثر إعلان الجمارك اللبنانية تسعير الدولار الأميركي مقابل 3900 ليرة، متسائلة على أي أساس صدر هكذا قرار من الجمارك.

 

قرار النقابة لمصلحة المواطنين والمرضى

 

وتؤكد عاصي أن خطوة النقابة بعدم تسليم المستلزمات الطبية إلى المستشفيات إلا للحالات الطارئة جداً هو لمصلحة المرضى والمواطنين لأنهم هم سيدفعون الثمن في نهاية المطاف، موضحة أنه إذا لم تتحرك النقابة في هذا المجال فسيرتفع سعر العمليات الجراحية بشكل جنوني.

وحول مستقبل القطاع، تشير إلى أنه في حال عدم الاستجابة لمطالب الشركات فإن الوضع سيذهب نحو الكارثة حتى إن الناس ستموت داخل منازلها وفي الشوارع.

في المحصّلة، يبقى المواطن اللبناني ضحية السياسات الخاطئة التي قامت بها الحكومات المتعاقبة على مرّ السنوات الماضية فيدفع من عمره وصحّته أغلى الأثمان وعلى الدولة أن تتحرّك تجاه المؤسسات الصحية على مختلف أنواعها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.