نزف "صادم" وقياسي لاحتياطات لبنان بالعملات الصعبة

  • 2020-09-16
  • 12:14

نزف "صادم" وقياسي لاحتياطات لبنان بالعملات الصعبة

  • بيروت - خاص - "أوّلاً - الاقتصاد والأعمال"

رقم صادم ناهز 3 مليارات دولار انحدر إليه عجز ميزان المدفوعات في لبنان في شهر تموز/يوليو الماضي، ليراكم حصيلة سلبية قياسية تعدت 5.53 مليارات دولار مجمعة لأول 7 أشهر من العام الحالي، مطلقاً "الانذار" الأعلى قبيل دخول لبنان في مرحلة العجز التام عن دعم تمويل السلع الأساسية من قمح ودواء ومحروقات، وبالتالي انفلات التضخم صاروخياً وانهيار السقوف النقدية المحددة من قبل مصرف لبنان ومثلها من قبل السوق الموازية.

 

إقرأ:

لبنان: عودة الانتظام المالي "تزخم" الانطلاقة الحكومية الموعودة

 

ولعلّ الأخطر في المؤشر المستجد، تصور ما كان سيصل إليه العجز وتداعياته، لولا التراجع الحاد في عجز الميزان التجاري بنسبة تخطت 57 في المئة، هابطاً من نحو 8.4 مليارات دولار إلى 3.6 مليارات دولار، بفضل تقلص  فواتير الاستيراد بنسبة قاربت 48 في المئة حتى نهاية النصف الأول من العام، وهو ما ترجمته أيضاً قيمة الإعتمادات المستندية المفتوحة التي تقلصت بنسبة 88.86 في المئة لتصل إلى 499 مليون دولار خلال الأشهر السبعة الأولى، مقابِل نحو 4477 مليون دولار للفترة نفسها من العام الماضي.

 

العجز القياسي في صافي الموجودات الأجنبية

يتركز في احتياطات البنك المركزي

 

في التوزيع التراكمي المجمع، يتبين أن العجز القياسي في صافي الموجودات الأجنبية تركز في احتياطات البنك المركزي التي تدنت بمقدار 7.2 مليارات دولار خلال 7 أشهر، ما يعني طرداً تسجيل معدل شهري يفوق المليار دولار، بينما تكفل ارتفاع الاحتياطات الخارجية للجهاز المصرفي، خلال الفترة ذاتها، بمقدار 1.68 مليار دولار بتخفيف حدة العجز نسبياً، علماً أن تقارير مصرفية تجزم بوجود فجوة سلبية في الاحتياطات الخارجية بين الحسابات الدائنة والمدينة تتخطى 3 مليارات دولار، وهي ستكون موجبة التغطية في حال تعرض القطاع المالي للمزيد من التدهور، توخياً للمحافظة على العلاقات مع شبكة البنوك المراسلة.

 

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني استحواذ كابيتال بنك على عمليات "عودة" بالأردن والعراق

 

ويفهم من خلال هذه المعطيات مضمون "رفع" صوت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، منذراً بقرب نضوب الاحتياطات القابلة للإستخدام في دعم تمويل السلع الاستراتيجية، فعدم المس بالاحتياطات الالزامية للبنوك البالغة تقديرياً نحو 17 مليار دولار، والعائدة طرداً للمودعين، يعني أن المتبقي من " الرمق" يراوح ما بين 2 و 3 مليارات دولار في التقييم الأكثر تفاؤلاً، ووفق متوسطات التمويل، يمكن "التنبؤ" من دون شطارة حسابية أن الدعم المتاح سيبلغ محطة "التعذر" خلال شهرين أو ثلاثة.

ووفق هذه الاستنتاجات المبنية على حقائق رقمية، يمكن تبيان أحد الاستهدافات الحيوية التي تسعى السلطة النقدية إلى تسريع خطاها لمنع انزلاق أخطر في الأوضاع المالية والنقدية المتردية أصلاً وسط شبه انعدام التحويلات الخارجية ذات التأثير في تقويم الاعوجاج الحاد في منحى المؤشرات الرئيسية والحدّ من ارتفاع موجة انهيار النقد وتداعياته الأخطر معيشياً واجتماعياً.

 

إقرأ أيضاً:

تنافس إماراتي بحريني للإستحواذ على "بلوم مصر"

 

ويتطلع الحاكم إلى "خلق" بدائل سريعة للحؤول دون الوصول إلى استحقاق ايقاف دعم تمويل السلع الاساسية بسعر 1515 ليرة للدولار والاستهلاكية بسعر 3900 ليرة للدولار فمن خلال الطلب إلى المصارف زيادة رساميلها بنسبة 20 في المئة وانشاء حسابات لدى البنوك المراسلة بما يماثل 3 في المئة من ودائع الزبائن بالعملات الصعبة.

ويقدر خبراء ومحللون بأن تسهم هذه التدابير الجديدة، وضمن مهلة تنفيذها الممتدة حتى نهاية شهر شباط/فبراير المقبل، بضخ ما بين 4 الى 5 مليارات دولار في الاحتياطات الخارجية للبنوك، كذلك فإن إلزام البنوك والشركات المالية غير المصرفية بتسليم التحويلات الواردة بالعملات الصعبة يمكن أن يساهم في توفير سيولة اضافية في الداخل ربما تصل إلى 4 مليارات دولار أيضاً، إذ إن التحويلات الجارية عبر شركات الأموال وحدها تناهز الملياري دولار سنوياً.