مصارف لبنان ترفع الصوت: مقاربة عقلانية للتدهور أو.. الكارثة

  • 2020-06-10
  • 19:41

مصارف لبنان ترفع الصوت: مقاربة عقلانية للتدهور أو.. الكارثة

  • علي زين الدين

بصوت مرتفع ومن دون مواربة ديبلوماسية معهودة، حذّرت جمعية المصارف بشدة من كارثة اقتصادية في حال تكريس التوجه الحكومي للتنصل من الديون الداخلية بالدولار وبالليرة، وطرحت، في المقابل، مقاربة موضوعية تعتمد على ركيزتين أساسيتين: الأولى تكمن في الاستجابة الفورية لمقتضيات الأزمة، والثانية تركّز على الإصلاحات البنيوية الضرورية.

في البدء، تنويه بأن عدداً من "المستشارين يقودون البلد ومؤسساته الى الافلاس"، وخطة "التعافي" الحكومية ببنيتها المحاسبية وأرقامها "غير المقبولة" تعرّض النظام المالي بكامله إلى مخاطر التقويض الممنهج. ولذلك، "نعول على المرجعية التشريعية لإعادة تصويب الخيارات الاستراتيجية، طالما أن السلطة التنفيذية لا تشاور ولا تأخذ برؤى أو ملاحظات أو بيانات دقيقة وتوصيفات منطقية لما تسميه "خسائر" ولكيفية توزيع الأعباء.

وتحت عنوان "مساهمة جمعية المصارف في برنامج الحكومة للتعافي المالي"، إنعقدت جلسة حوار مغلقة شارك فيها "أوّلاً – الاقتصاد والأعمال"، أدلى رئيس الجمعية سليم صفير، بمشاركة أعضاء مجلس الادارة وليد روفايل وتنال صباح ونديم القصار وأمين عام الجمعية مكرم صادر والخبير المالي روجيه داغر، بمرافعات تخطت نطاق توضيح المواقف المتباعدة مع فريق "السلطة"، لتبلغ حدود "الصدام" العلني توخياً لصد "العدائية" غير المبررة التي تبديها "الدولة" ضد القطاع المالي، وكان آخر محطاتها اجتماع بعبدا الذي أطاح بالأجواء الإيجابية السابقة بشأن إرساء تفاهمات على ورقة العمل والأرقام التفاوضية مع الصندوق، ودفعت بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى الجهر "تسريباً" بأن الإصرار على تقديرات "المستشارين" سيفضي الى كارثة حتمية.

وربما هي المرة الاولى التي يتم الافصاح عن توظيفات المصارف لدى البنك المركزي المعرضة للشطب "الكيفي" الى جانب ديون القطاع للدولة. فبعد أن اختارت الدولة عدم سداد ديونها الخارجية، تتوخى خطة الحكومة التخلف عن تأدية الديون الداخلية، وهو خيار تجده المصارف "غير مسبوق وضار جداً"، وسيكون له عواقب وخيمة على النمو الاقتصادي، حيث يرجح انكماش الناتج المحلي بنسبة 25 في المئة، وسترتفع نسبة الفقر الى 65 في المئة ونسبة البطالة الى 45 في المئة.

رقمياً، تحمل المصارف نحو 11 مليار دولار (34 في المئة) من الدين الخارجي (يوروبوندز) وما يوازي 14 مليار دولار (29 في المئة) من الدين الداخلي (سندات خزينة بالليرة)، ويحمل البنك المركزي نحو 5 مليارات دولار من سندات الدين الدولية وما يوازي 34 مليار دولار من سندات الخزينة بالليرة، بذلك يحمل الطرفان نحو 64 مليار دولار من إجمالي الدين.

الأهم، وهو الرقم المدقق الذي لم يتم الافصاح عن تركيبته سابقاً، أن المصارف تحمل ديناً على البنك المركزي يبلغ 74 مليار دولار كتوظيفات بالعملات الصعبة (أغلبها شهادات ايداع خاصة) وما يوازي 36 مليار دولار موظفة بالليرة (على اساس السعر الرسمي 1507 ليرات للدولار)، وهذا يعني ان إجمالي توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان تناهز 110 مليارات دولار، و 25 مليار دولار لدى الدولة، بينما تبلغ محفظة التمويل للقطاع الخاص نحو 44 مليار دولار، كما في آخر نيسان/أبريل الماضي. وفي المقابل، يصل إجمالي ودائع الزبائن الى نحو 147 مليار دولار، وودائع القطاع العام نحو 4 مليارات دولار.

وفي الموجبات العلاجية ضمن الاستجابة للأزمة:

- عدم التوقف عن الدفع للدائنين المحليين، والمصارف ترفض أي اقتطاع من القيمة الإسميّة لسندات الدولة، لكنها مستعدة للتفاوض على تأجيل الاستحقاقات وتخفيض الفائدة.

- المصارف ملزمة بتحمّل أي خسائر محتملة في محفظة الدين على القطاع الخاص.

- تأسيس صندوق استثماري بقيمة 40 مليار دولار وبملكية الدولة حصراً عبر ضم أصول تعود لها ،على أن يتم اصدار أسهم بالقيمة عينها وتسليمها الى البنك المركزي لقاء جزء من مستحقاته على الدولة.

- مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف هما المسؤولان عن التدقيق في القطاع المصرفي، كل مصرف على حدة لمعرفة وضعيّته بناءً على خطة عمل وخطة إعادة رسملة وإعطاء المصارف مهلة معقولة للوصول إلى تطبيق المعايير الدولية.

وفي الاطار العام استخلاصاً من الحوار:

- طالما ليس هناك استقرار سياسي، فلن يكون هناك استقرار نقدي.

- الدولة تبنت موقفاً هجومياً وعدائياً من دون أي مسوّغ مشروع ضد البنك المركزي والجهاز المصرفي، ولم تنسق مع الطرفين في مرحلة صوغ الخطة.

- وضعت الدولة النظام المالي بأكمله في خطر شديد من خلال تقدير محاسبي بحت للخسائر، والتنصل من مسؤولياتها كمدين وتحميل الأعباء للدائن الأساسي المتمثل بالبنك المركزي الذي استقطب اغلب توظيفات المصارف، بهدف تغطية عجوزات المالية العامة وتلبية الحاجات التمويلية للدولة.

وفي الخيارات البديلة أو المساندة:

- مواصلة التنسيق مع لجنة المال النيابية التي عبّرت عن قناعتها بضرورة إعادة النظر بالأرقام والتوصيفات.

- مجلس النواب هو مرجعية التشريع وصاحب الصلاحيات لإقرار موجبات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ومجموعة القوانين التي يتطلبها الإصلاح الشامل.

- الإعلان عن التوجه لإنشاء 5 مصارف جديدة، يحمل شبهات كيدية لضرب القطاع الذي يضم أكثر من 60 مصرفاً مرخصاً.