شركات استشارية: 7 خطوات لتجاوز الشركات الأزمة الحالية

  • 2020-06-10
  • 17:26

شركات استشارية: 7 خطوات لتجاوز الشركات الأزمة الحالية

  • رانيا غانم

تغيرات جذرية أحدثتها جائحة فيروس كورونا المستجد في الاقتصادات العالمية، وتداعياتها ستفرض، وفق شركات استشارية، على الشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة بمجملها اعتماد نهج جديد من 7 خطوات ومقاربة أعمالها بطريقة مبتكرة وجديدة كي تتمكن من الصمود وتخطي الأزمة الحالية بأقل خسائر ممكنة.

على الرغم من أنَّ الحكومات في البلدان العربية قدمت الكثير من المبادرات والدعم لمواجهة تداعيات الأزمة وأعطت إعفاءات وتسهيلات كي لا تتأثر الكتلة النقدية للشركات، إلا أن الفيروس التاجي المستجد ألحق أضراراً جسيمة بقطاعات عدة.

وتجمع شركات استشارية على أنه لا يزال سابقاً لأوانه فهم تداعيات الأزمة وآثارها على القطاعات الاقتصادية على المدى الطويل. ويشير الشريك الإداري في الشركة الاستشارية Capstone Consulting المتمركزة في قطر، رامي حمادة، إلى أنه لا يوجد حل سريع للأزمة وتحتاج القطاعات المتضررة إلى أربع سنوات على الأقل لتتعافى. ولكن في المقابل، ثمة خطوات عديدة يمكن اتخاذها من قبل الشركات لتحسين أوضاعها والمساهمة في تخطى المرحلة.

خفض التكاليف والنفقات

وكان للشركات ردود فعل متباينة في إدارة الأزمة كل على طريقته. ويشير رئيس استشارات قطاع العقار لدى كي بي إم جي في السعودية فراس حسن إلى أن بعض الشركات خفض الرواتب والحوافز التي كانت تعطى للموظفين تفادياً لتسريحهم أو التخلي عن جزء منهم، وعمد بعضها إلى استخدام أرصدة الإجازات للموظفين خلال فترة حظر التجول والحجر المنزلي وإجراءات التباعد الاجتماعي لتخفيف آثار الأزمة والتعافي سريعاً والإفادة من الكوادر بعد الجائحة. وعمد بعض الشركات أيضاً إلى اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين، على أن تقسّط لهم الأموال التي اقتطعت من رواتبهم بعد انتهاء الأزمة. ولن تتمكن الشركات من خلق وظائف جديدة كما السابق، لذا سيتم الاعتماد على الموظفين المستقلين.

 

 

وبهدف إدارة الأزمة، ينبغي على الشركات العمل في المرحلة المقبلة على تقليص نفقاتها على الكماليات تحديداً من أجل الحفاظ على السيولة النقدية لديها. ويشرح حسن أن الشركات ستتوجه إلى تخفيض ميزانية السفر وما يتبعها من بدلات الإقامة في الفنادق والتنقلات، وستعمد أيضاً إلى خفض الميزانيات المتعلقة بتنظيم الفعاليات والمؤتمرات والرعايات المتعلقة فيها، وستتجه أكثر فأكثر إلى تنظيم الفعاليات عن بعد باستخدام التكنولوجيا.

ويلفت حسن النظر إلى أن الشركات ستخفض ميزانية التسويق أيضاً، وستتطلع إلى مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تساهم في مساعدة المجتمعات، وسيكون الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي أكبر، نظراً لفعاليتها وكلفتها الأقل، وسيتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتوجيه رسائل مباشرة وسريعة إلى الجمهور المستهدف.

 

إلى التحول الرقمي سر

ستشهد مرحلة ما بعد كورونا تغيرات جذرية في طريقة تقديم الخدمات والبيع والشراء والتسويق والدفع، لذا التحدي الأبرز الذي يتمثل أمام الشركات هو في قدرتها على التحول الرقمي. ويؤكد حمادة أن الابتكار سيكون ركيزة النهوض ما بعد الأزمة وأن التكنولوجيا الرقمية ستكون ضمانة الابتكار وتطوير الأعمال، لافتاً الانتباه إلى أن التحول الرقمي أثبت أنه الحل الأسرع للتعافي من تداعيات كورونا بالنسبة لبعض القطاعات كالتجزئة والتجارة والعقارات. وكان واضحاً نمو قطاع التجارة الإلكترونية خلال تلك الفترة، إذ بدأ يأخذ حصة وافرة من قطاع التجارة التقليدية. وتبلغ حصة التجارية الإلكترونية في المملكة العربية السعودية خمسة في المئة فقط من إجمالي التجارة، بحسب Euromoniter ولكن هذه النسبة ستتضاعف بوتيرة متزايدة بعد الأزمة، وستشهد المرحلة المقبلة ارتفاعاً كبيراً في عمليات البيع عبر المنصات الإلكترونية.

وأفاد بعض الشركات من هذه الأزمة وسعى جزء كبير من الشركات الكبرى العاملة في مجال التجزئة وتحديداً المواد الغذائية الى تحويل بعض فروعها الى مستودعات تخدم المستهلك الذي يتسوق إلكترونياً، وحذا بعض محال لبقالة الأصغر حجماً حذو هذه الشركات. وتبلورت فرص عدة أمام الشركات التي تقدم خدمة التوصيل المنزلي، حيث عمد بعضها إلى توفير منصة شراء للمواد الاستهلاكية الغذائية والالكترونية والألبسة بحيث يستطيع المستهلك تحديد ما يريده ومن أي متجر. كذلك الصيدليات أنشأت منصاتها الإلكترونية للتواصل مع الزبائن وبيع بعض الادوية التي لا تحتاج الى وصفة طبية. ويؤكد حمادة أن عملية التحول الرقمي لا تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات بوجود خدمات الحوسبة السحابية. الاستثمار الكبير المطلوب هو في تدريب فرق العمل حول كيفية استخدام التكنولوجيا والاستفادة القصوى منها. وستساهم عملية التحول الرقمي في خفض النفقات التشغيلية وتكاليف الشركات.

إنترنت الأشياء

 سيكون ثمة توجه أكبر ما بعد الأزمة لاستخدام إنترنت الأشياء، وهذا من شأنه أن ينعكس إيجاباً على القطاعات كافة، وتحديداً القطاع العقاري. ويشير حسن إلى أن التأثير سيتركز بشكل رئيس على القطاع السكني حيث ستكون التكنولوجيا من محددات الشراء وستتغير مقاربة الشراء للمساكن، مضيفاً "بعد أن كان الشاري يتطلع إلى موقع الشقة وتصميمها وكيفية تشطبيها، ستصبح الأولوية لديه مدى جهوزيتها تكنولوجياً وتمتعها بالمميزات والوسائل التقنية". كذلك، سيشهد القطاع العقاري تطوراً غير مسبوق في تقنيات البناء، وستتركز استثمارات الشركات في هذا المجال.

ويشير حسن إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد توجه جزء كبير من أصحاب العقارات ومحال التجزئة إلى مشاركة التجار في أرباحهم بدلاً من الحصول على إيجارات شهرية ثابتة، نظراً إلى أنه خلال الأزمة تعثر الكثير من التجار عن الدفع نتيجة الإغلاق وانعكس ذلك سلباً على أصحاب العقارات الذين بدورهم لديهم التزامات مصرفية.

 

 

توجه إلى المطاعم المركزية

وفي ما يتعلق بقطاع الضيافة، الذي يعتبر من أكثر المتضررين من الأزمة، فتعافيه بحاجة إلى وقت كبير وفترة قد لا تقل عن ثلاثة أعوام، وفقاً لحسن، لأن الأمر متوقف على قطاع السفر والتعافي الكامل من الفيروس أو الجائحة. ويضيف أنه ثمة ضبابية حول تعافي هذا القطاع، إذ أنَّ عملية فحص المسافرين وحجرهم لمدة 14 يوماً مسألة غير عملية لأنها ستؤدي إلى تأخير الرحلات، لافتاً إلى أن القطاع لن يتحسن قبل أن يصبح متوافر فحص دقيق لفيروس كورونا.

لكن في ما يخص المشاريع السياحية والترفيهية التي كانت قد أطلقتها الحكومات الخليجية عموماً والمملكة خصوصاً، فيلفت حسن إلى أن المملكة ستمضي في تنفيذ خططها الاستثمارية في القطاع نظراً إلى إذا أن رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد لا رجوع عنها ولكن ربما يتم تغيير المدد الزمنية للإنجاز. ويقول: "إن كيفية تنفيذ هذه المشاريع غير واضحة المعالم بعد، وربما قد لا تبدأ بتنفيذ جميع المشاريع المخطط لها، أو تنفذ أجزاءً منها".

وبالنسبة إلى قطاع المطاعم، فيشير حسن إلى أنه سيكون ثمة توجه من قبل أصحاب العقارات لإنشاء مطاعم مركزية (cloud kitchens) وهو مفهوم جديد سيعتمد، إذ يستأجر مجموعة من المطاعم وتحديداً أصحاب العلامات التجارية المعروفة والقوية مساحات في مطبخ مركزي لتلبية الطلب حول أنواع محددة من المأكولات للعملاء الذي يطلبون الطعام عبر المنصات الإلكترونية.  ويضيف حسن: "هذا النموذج سيساهم في خفض النفقات على أصحاب المطاعم وتكلفة إنشاء فروع كبيرة باستثمارات ضخمة في المناطق".

 

ترسيخ التعليم عن بعد

ستغير الأزمة أيضاً معالم قطاع التعليم والتدريب، نظراً لضرورة تطبيق التباعد الاجتماعي في المدارس، إذ أنه لم يعد بالإمكان جمع 40 طالباً في صف واحد. وهذا بحسب حسن، سيتطلب من المدارس مساحات إضافية، او اعتماد مبدأ التعليم عن بعد والتواجد يومين في الأسبوع في المدارس، لا سيما للطلاب الصغار كي يعيشوا التجربة وتبادل الأدوار بين الكوادر التعليمية.

 

التعايش مع الفيروس عنوان المرحلة المقبلة

يشير حمادة من Capstone Consulting إلى أن فكرة التعايش مع الفيروس بدأت تتجلى بوتيرة متزايدة، إذ يتبين أن سياسة العزل والحجر الصحي لن تكون ناجعة، فعلى الرغم من سياسات الإغلاق والتعبئة التي اعتمدت لا تزال أرقام الإصابات مرتفعة في الكثير من الدولة. ويؤكد حمادة ضرورة تعايش الشركات وتأقلمها مع الواقع الجديد، والعمل على ابتكار طرق ووسائل جديدة تسمح باستمرار عملهم وفي الوقت ذاته المحافظة على صحة وسلامة الزبائن والموظفين. ويضيف: "إن التحدي في المرحلة المقبلة هو البقاء والتعايش مع المشكلة، وخلق طرق جديدة تحفز فريق العمل وتدير الأمور والوقت بطريقة فعالة". وبهدف التعايش مع الفيروس، ينبغي أن تكثف الحكومات استثماراتها في القطاع الصحي. ويشير حسن إلى أن سيتم استثمار الكثير من الأموال بهدف اكتشاف لقاح لفيروس كورونا المستجد، وستشهد المزيد من الاستثمارات في المستلزمات الطبية التي بدأت تتجلى منذ بدء الجائحة.

 

استحواذ ودمج

قد تشهد السوق بشكل عام بعد الأزمة عمليات اندماج واستحواذ أكبر بين الشركات. ويلفت حسن إلى أن الشركات القوية التي أثبتت قدرتها على الاستمرارية في ظل هذه الأزمة ستصمد وقد تعمد إلى زيادة رأسمالها، أما الشركات الصغيرة والمتهالكة ستخرج من السوق أو ستندمج مع شركات أخرى أو سيتم الاستحواذ عليها من قبل شركات أكثر استقراراً واستدامة، انطلاقاً من مبدأ "اقتناص الفرص الاستثمارية في ظل الأزمات".