صفقة "سينومي" و"الفطيم": بداية تحول في مستقبل الشركة والسوق

  • 2025-07-20
  • 12:52

صفقة "سينومي" و"الفطيم": بداية تحول في مستقبل الشركة والسوق

في لحظة مفصلية ضمن مسيرة قطاع التجزئة السعودي، أعلنت شركة "سينومي ريتيل" السعودية عن صفقة استراتيجية تم بموجبها بيع حصة تبلغ نحو 49.95 في المئة من أسهمها إلى شركة "الفطيم" الإماراتية، إحدى أبرز الشركات الإقليمية في قطاع التجزئة. الصفقة، التي بلغت قيمتها أكثر من 2.5 مليار ريال سعودي، لا تمثل مجرد تغيير في هيكل ملكية "سينومي"، بل تؤشر إلى تحوّل أعمق في مستقبل الشركة ومسار السوق بأكمله.

من ضغوط الديون... إلى إعادة الهيكلة

لم تأت هذه الصفقة من فراغ، بل جاءت تتويجاً لمرحلة طويلة من التحديات التي كانت تواجه "سينومي"، التي تُعد من بين الأسماء البارزة في سوق التجزئة السعودي. وانعكست هذه التحديات على الأداء المالي للشركة خلال الأعوام الماضية، حيث راكمت خسائر تجاوزت مليار ريال في عام واحد، ما ادى الى تآكل متواصل في حقوق المساهمين. هذا التراجع لم يكن نتيجة ظرف طارئ، بل انعكاس لتراكمات تشغيلية وتمويلية، من بينها ضعف الأداء لبعض العلامات التجارية، وتكاليف تشغيل مرتفعة، إلى جانب بنية دين ثقيلة حدت من قدرة الشركة على الاستفادة من التحولات الحاصلة في سوق التجزئة وفي الاقتصاد السعودي.

استجابة لهذه التطورات، أطلقت الإدارة التنفيذية لـ "سِينومي" في العامين الاخيرين خطة إنقاذ طموحة، استهدفت إعادة هيكلة شاملة تشمل خفض رأس المال لامتصاص الخسائر، وترشيد المحفظة التجارية عبر التخلي عن العديد من العلامات غير المجدية، وإعادة التفاوض على الالتزامات المصرفية لتحسين شروط التمويل. ورغم ما حققته هذه الإجراءات من نتائج أولية إيجابية، فإن الشركة كانت لا تزال بحاجة إلى رافعة استراتيجية تنقلها إلى ضفة الاستقرار، وهذا ما توفره الصفقة الأخيرة مع "الفطيم".

لماذا الفطيم؟

إن دخول "الفطيم" على خط الملكية لا يعني فقط تدفقاً نقدياً يسد فجوة السيولة، بل يمثل استقداماً لشريك بخبرة تشغيلية واسعة، يمتلك سجلاً حافلاً في إدارة العلامات التجارية وتوسيع انتشارها إقليمياً. والأهم، أن الصفقة تتضمن أيضاً تمويلاً مباشراً للشركة بقيمة تتجاوز 1.3 مليار ريال، ما يشير إلى التزام طويل الأجل بتعافي سينومي واستدامتها.

من نموذج إنقاذ... إلى خارطة طريق للقطاع

الانعكاسات المتوقعة لهذه الصفقة لن تقتصر على "سينومي" وحدها، بل قد تطال سوق التجزئة السعودي بأسره. من جهة، تُرسل الصفقة إشارات ثقة إلى المستثمرين بجاذبية السوق السعودية لرساميل استراتيجية. ومن جهة أخرى، تعزز الصفقة من تنافسية القطاع عبر استقطاب نماذج تشغيلية ناضجة ومجربة، وقد تفتح الباب أمام موجة من الشراكات والاستحواذات المشابهة.

أما على صعيد "الفطيم"، فتمثل الصفقة فرصة للتوسع العمودي في السوق السعودي، أحد أكبر أسواق التجزئة في المنطقة. وبفضل شبكتها الواسعة وعلاقاتها مع أبرز العلامات العالمية، قد تسهم الفطيم في تطوير نموذج أعمال سينومي، ورفع الكفاءة التشغيلية، وتحسين سلاسل الإمداد والتوزيع، وهي عناصر لطالما عانت منها الشركة في السابق.

آفاق المرحلة المقبلة

إذا ما كُتب لهذه الشراكة النجاح، فإن "سينومي" قد تجد نفسها على أعتاب مرحلة جديدة كلياً، تتحرر فيها من أعباء الماضي التي اعاقت تطورها في الاعوام الاخيرة وتعيد بناء صورتها كمشغل رائد في سوق تجزئة سعودي لا يزال يحمل فرصاً هائلة للنمو. وبالنظر إلى حجم الحصة المباعة، وحجم التزامات التمويل المصاحبة، فإن ما يحدث لا يمكن اعتباره استثماراً عابراً، بل بداية لعلاقة استراتيجية قد تعيد رسم ملامح قطاع التجزئة في المملكة.