ما هي التغيرات التي تشهدها صناعة ادارة الثروات في المنطقة والعالم؟ وما هي العوامل التي تقف وراء هذه التحولات؟ وكيف يمكن ان تلعب المصارف الخليجية دوراً أكبر في سوق الثروات؟ هذه الاسئلة وغيرها تمت مناقشتها مع نبيل سعد الله، العضو المنتدب والشريك في شركة "بوسطن كونسلتنغ غروب" الاستشارية والتي تصدر تقريراً سنوياً عن صناعة ادارة الثروات، في الحديث التالي:
ادارة الثروات تتحول الى اولوية استراتيجية للمصارف
ما هي الدّينامية الّتي تحرّك صناعة إدارة الثّروات في الخليج في ظل التّحولات الاقتصادية والتّكنولوجية وتسارع وتيرة انتقال الثروات بين الاجيال؟
هناك تشابه بين ما يحصل عالمياً وخليجياً في هذا المجال كما هناك اختلاف. على الصعيد العالمي، يتسم الوضع الاقتصادي بنوع من الضبابية وهناك بعض الشح في السيولة. ولا تزال المصارف خلال الخمس سنوات الأخيرة تعتمد على صافي دخل الفائدة كمصدر أساسي للدخل، وهذا ليس بجديدن وهي في بحث دائم عن مصادر جديدة للدخل ولاسيما من العمولات. ومن هنا، فإن تحول نشاط إدارة الثّروات إلى أولوية استراتيجية للمصارف حصل قبل حلول جائحة كورونا. لذا، خصصت المصارف استثمارات كبيرة لتطوير اعمالها في هذا القطاع الذي يمكن تقسيمه إلى ثلاث شرائح اساسية:
الأولى: تشمل الأفراد ذوات الثروات الكبيرة (HNWIs) بما في ذلك مكاتب إدارة الثروات العائلية، وهي عادةً الفئة الأكثر ربحية من حيث الأصول المدارة (AUM)، وقد ركزت بعض المؤسسات، مثل مديري الثروات والبنوك الخاصة في سويسرا وآسيا، بشكل حصري على خدمة هذه الشريحة.
الثانية: هي شريحة الأفراد الأثرياء، وهي فئة تشهد نمواً سريعاً، ولاسيما في الأسواق الناشئة، وبشكل خاص في آسيا. ويمكن خدمتها بفعالية من خلال منصات متعددة القنوات تتيح وصولاً أسهل إلى حلول الاستثمار.
الشريحة الثالثة: تضم العملاء من الفئة المتوسطة والعالية ضمن الشريحة المتوسطة، بما في ذلك عملاء التجزئة، الذين يمتلكون عادةً أصولاً أقل، ويُفضل خدمتهم من خلال منتجات مبسطة وقنوات رقمية سهلة الاستخدام.
أليس هناك تمييز لدى المصارف بين الأفراد من أصحاب الثّروات الفائقة (UHNWIs) وأصحاب الثّروات الكبيرة (HNWWIs)؟
المقصود هنا العملاء الذين يتجاوز حجم اموالهم المدارة من مصرف ما عتبة الـ 5 ملايين دولار. تتراوح أصول الأفراد ذوي الثروات العالية (HNL) المُدارة ما بين 5 و10 ملايين دولار أميركي. أما الأفراد ذوو الثروات العالية جداً (UHNL) فتتراوح أصولهم عادةً ما بين 20 و50 مليون دولار أميركي، وذلك حسب البنوك. وبطبيعة الحال، يتطلب اصحاب الثروات الفائقة منهم الى مقاربة مصممة لهم خصيصاً وفق تطلعات وحاجة كل عميل على حدة.

لكن ما هي المعايير المعتمدة في تصنيف هؤلاء؟ هل هو في حجم الأصول المالية والأصول الحقيقية والحسابات المدينة؟
يمكن تصنيف العملاء ارتكازاً على حجم ثرواتهم الصافية أو إلى حجم الأصول الّتي يتم منحها للبنك لإدارتها (AUMs). فكل بنك يختار التصنيف الّذي يناسبه لقياس النمو مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات الاجمالية لكل عميل.
صعود التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الاستثمارية
ماذا عن الدور الّذي تلعبه التّكنولوجيا في صناعة إدارة الثّروات؟
إن التّكنولوجيا الحديثة هي أحد العوامل الرئيسية وراء التحولات التي تشهدها صناعة ادارة الثروات. لا يقتصر استخدام التّكنولوجيا على خدمة الشّريحة الواسعة من العملاء، فخدمة شريحتي اصحاب الثّروات الفائقة والكبيرة تتم عبر استخدام مفهوم القناة المتكاملة (Omnichannel) الّتي يتم تصميمها خصيصاً لهاتين الشّريحتين اللّتين تتم عادة خدمتهما من خلال مدراء العلاقة إضافة إلى مجموعة من الخبراء الّذين يقدمون لهؤلاء العملاء النّصح والاستشارة على مستويات مختلفة ضمن منظومة خدمات واحدة، أي يكون هناك مدير العلاقة، واخصائي المنتجات والمستشار القانوني وغيرهم ممن يوفرون النصح للعميل. بالنسبة للقطاعات الأخرى، يمكن تطبيق النموذج الرقمي الكامل الذي يغطي كل من الاستشارات والخدمة، وبخاصة للعملاء الأصغر سناً.
بالنسبة لأصحاب الثّروات الكبيرة الفائقة الحجم، تلعب العلاقة الشّخصية دوراً أساسياً عبر المدراء المتخصصين. هل ترون اي تغيير في هذا النموذج مع تسارع التحول الرّقمي؟ ماذا تقدم التّكنولوجيا لمدراء العلاقة؟ وهل اصبح لها دور يذكر في عملية توزيع وإدارة الأصول؟
تعمل منصات وأدوات التكنولوجيا على تعزيز إنتاجية إدارة العلاقات والموظفين، فضلاً عن تحسين جودة الاستشارات المقدمة للعملاء.
إن استخدام الذكاء الاصطناعي يتزايد في الخالات التالية:
في وظائف الإدارة الوسطى لدعم فرق الاستثمار، ومساعدتهم في تخصيص محافظ أصول أفضل وأكثر ذكاءً وكفاءً في عملية تخصيص الأصول.
في وظائف الإدارة الوسطى، يُطلب من مديري العلاقات تصميم عروض استشارية واستثمارية أفضل تلبي احتياجات العملاء.
الإدارة المباشرةً إلى العملاء من خلال تقديم تقارير ورؤى تحليلية أفضل، غالباً خلال الوقت الفعلي المطلوب.
هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة أصبح فيها يؤثر على عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية، أم أنه لا يزال يدعم الوظائف بشكل أساسي؟
لا يزال الذكاء الاصطناعي في مراحله الأولى في ما يتعلق بالتأثير على قرارات الاستثمار الأساسية، على الرغم من إمكاناته الكبيرة. ومع تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي، سيتمكن مديرو الثروات من استخلاص قيمة أكبر من بيانات السوق وتعزيز عملية صنع القرار. عادةً، تعتمد البنوك التقنيات الجديدة داخلياً أولاً قبل توسيع نطاقها لتشمل الخدمات التي تُقدم للعملاء مباشرةً.
في شريحة الأثرياء، لا تسهم الرقمنة في تحسين الكفاءة الداخلية فحسب، بل تُحسّن أيضاً تجربة العميل. يُفضل العملاء بشكل متزايد فتح الحسابات وإجراء المعاملات عبر الإنترنت، كما يُفضل الكثيرون التواصل عن بُعد مع موظفي المبيعات والاستشارات.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بتخطيط الثروات العائلية الأوسع والإرث، أو المحافظ والاستشارات الهيكلية الأكثر تعقيداً، يظل التفاعل البشري ضرورياً. وهنا يأتي دور استراتيجيات القنوات المتعددة - التي توفر الراحة الرقمية والخبرة البشرية في آنٍ واحد. نُطلق عليه في بوسطن كونسلتينغ جروب "التوزيع البيوني" (Bionic distribution)، وندعم عملاءنا حول العالم في هذه الرحلة.
لكن هذا ينطبق على الشّريحة الواسعة من العملاء أكثر منه على شريحة أصحاب الثّروات الفائقة أو الكبيرة الّتي لا يزال التّواصل الشّخصي أساسياً في التعامل معها؟
بالطبع، لكن أريد هنا التّطرق إلى عامل مهم وهو الكلفة الّتي تتزايد في مناطق العالم كافة مثل أوروبا وآسيا وغيرهما ولاسيما في ما يتعلق باجراءات الامتثال واعرف عميلك وغيرها من المعطيات. ونتيجة تزايد المتطلبات الرقابية، أصبح هناك حاجة لتغيير الإجراءات والعمليات والقيام بالمزيد من التّدقيق وهذا ما يتطلب المزيد من الموظفين واستخدام متزايد للتّكنولوجيا.
هل يضع ارتفاع الكلفة المزيد من الضغوط على هوامش ربح مقدمي خدمة ادارة الثروات؟ وهل التّكنولوجيا هي الجواب الأساسي لمواجهة هذه الزّيادة في الكلفة؟
بالطبع تساعد التّكنولوجيا على إدارة الكلفة بفعالية أكبر، كذلك يبحث اللاعبون عن وسائل جديدة للاستفادة من وفورات الحجم. وقد بدأنا نرى توجهًاً أكبر لعمليات تملك واندماج في قطاع إدارة الثّروات ولاسيما وان النمو يتطلب إما زيادة حجم الأعمال أو الاندماج مع مؤسسات أخرى لتحقيق المزيد من الكفاءة والتأثير.
الخليج يتحول الى مركز متزايد الاهمية للثروات
كيف تنطبق هذه التّحولات الّتي تشهدها صناعة إدارة الثّروات عالمياً على أسواق الخليج الّتي يعمل فيها معظم اللاعبين العالميين كما نرى؟
بدأ الخليج يتحول إلى مركز متزايد الأهمية للثروات بعد ان أخذت المنطقة تستقطب المزيد من الثّروات من أنحاء أخرى من العالم. تشير تقديراتنا الحالية إلى أن هناك ثروات خاصة في الخليج يمكن أن تنمو بنسبة 10 إلى 11 في المئة بعد 5 أو 6 سنوات.
هناك نمو في الثّروات الخليجية المستثمرة محلياً. وهناك الثّروات الخليجية المستثمرة في الخارج ، بالإضافة إلى تدفقات الثروات المعهودة، نلاحظ مؤخراً تزايداً في تدفّق الثروات العالمية إلى منطقة الخليج، ولا سيما من مراكز واقتصادات آسيوية، ويُعزى ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
تنامي جاذبية اقتصادات الخليج كمصدر بديل لتنويع الاستثمارات.
تزايد تنافسية البنية التحتية والإمكانات في دول الخليج، سواء من حيث المنتجات أو الخدمات أو الاستشارات أو الأطر التنظيمية.
تراجع جاذبية بعض مراكز الثروات التقليدية في آسيا نتيجة ارتفاع التكاليف التشغيلية وعوامل أخرى.
أحد الأمثلة على ذلك هو تنامي ممر الثروات بين الهند ودولة الإمارات، إذ نلاحظ تزايد انتقال الأفراد ذوي الثروات الكبيرة ومكاتب العائلات لإدارة أنشطتهم من هذه المنطقة.
هل هناك ثروات تنتقل إلى المنطقة من أماكن أخرى غير آسيا مثل أوروبا والأسواق النّاشئة بسبب الاستقرار وتغير المناخ الضريبي في بعض الدول؟
هناك مصادر متعددة للثروات التّي تنتقل إلى الخليج. تدفع العوامل الاقتصادية الكلية في أوروبا المستثمرين إلى البحث عن وجهات بديلة، من بينها منطقة الخليج.
هل يمكن القول إن المنطقة أصبحت أكثر جاذبية للثروات من السابق؟ وهل يمكن التّوقع باستمرار هذا الاتجاه في انتقال الثّروات إليها؟
جاذبية المنطقة كمقصد للثروات هي أقوى من السّابق. هناك نمو اقتصادي في المنطقة، وهذا ما يساعد على خلق فرص استثمارجديدة وعوائد وهذا ما يساعد على استقطاب الثّروات إلى الخليج للمشاركة في هذه الفرص. أيضاً، هناك تطورات في البيئة التّنظيمية المتوقع أن تشهد المزيد من التّحسن. أصبحت إجراءات إدراج الأسهم والاكتتابات العامة مثلاً أسهل من السّابق، وهناك أدوات جديدة في الأسواق مثل المشتقات المالية، كما طورت البورصات المحلية بناها التّحتية وأنظمة المقاصة والتّسويات لديها.
أصبح هناك معروض أكبر من الخدمات والمنتجات مما يساهم في تعزيز عمق الأسواق. وتجد المزيد من الصناديق الاستثمارية بأنواعها كافة ومنتجات الملكيات الخاصة (Private Equity) المتطورة وغيرها.
وأخيراً، أصبح هناك وفرة في الكفاءات والقدرات. بدأنا نرى المزيد من شركات إدارة الثّروات والأصول تتمركز في المنطقة وتجلب معها خبرات وطاقات جديدة لم تكن متوافرة من قبل. وقد بدأنا نرى مستشاري الاستثمار ومزودي الخدمات القانونية وغيرهم من اللاعبين يأتون إلى المنطقة التي تتحول تدريجياً إلى مركز عالمي لحجز الأصول (Booking Center).
هذا ما حدث مع سنغافورة قبل عقود، إنها رحلة وهناك حاجة لبناء القدرات وتطوير البيئة الرقابية والتنظيمية حيث لا يزال هناك بعض التفاوت بين الدّول. من المهم مثلاً تسهيل عملية تأسيس وتسجيل الصّناديق، كما يجب على المصارف المحلية التركيز على استقطاب أصحاب الكفاءات والاستثمار في التّكنولوجيا مما سيعزز من قدرتها على المنافسة مع المؤسسات العالمية في مجال إدارة الثّروات والأصول.
التحديات والفرص أمام المصارف الخليجية في إدارة الثروات
كيف يمكن للمصارف المحلية بناء قدراتها في إدارة الثّروات وتعزيز حصتها من هذه السوق الكبيرة، وبالتالي تنمية إيراداتها من العمولات؟
أولاً، يجب صياغة استراتيجيات واضحة في هذا المجال، وثانياً يجب تحديد القدرات الّتي تحتاجها المصارف للمنافسة وكذلك الشرائح الّتي سيتم التّركيز على خدمتها، ويجب بناء القدرات المطلوبة من خلال إحداث تحول داخل كل بنك لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
هل على المصارف المحلية خدمة الشّرائح كافة في قطاع إدارة الثّروات أو التّركيز فقط على شرائح محددة؟
من الأفضل تحديد الشّرائح المستهدفة في قطاع إدارة الثّروات، وليس من الضروري البدء بخدمة الشّريحة العريضة من العملاء. وبالطبع يعتمد ذلك على طبيعة السّوق في كل بلد وعلى تركيبة عملاء كل بنك والعلاقة معهم. إنها عملية تتم على مراحل، على كل مصرف أن يحدد العملاء الّذين يريد خدمته والقدرات المطلوبة لتقديم تلك الخدمات وكيفية استخدام التّكنولوجيا لتطوير المنتجات والخدمات والمنصات المستخدمة.
هل تعمل هذه المصارف وفق مفهوم المنصات المفتوحة (Open Architecture)؟
قد يكون من الأفضل للمصارف العمل وفق مفهوم المنصات المفتوحة والربط مع مدراء أصول متعددين وبالتالي تنويع الفرص المقدمة للعملاء.
وفي رحلتها لبناء قدراتها، على المصارف الاختيار بين ما ستبنيه داخلياً وبين ما ستحصل عليه من السّوق، وهذا خيار استراتيجي يجب تحديده منذ البداية.
ما الّذي سيلعب لصالح المصارف المحلية في قطاع إدارة الثّروات خلال السّنوات المقبلة؟
تتمتع المصارف الخليجية برؤية شاملة عن عملائها. فهي تحصل على الودائع من عملائها وتقرضهم وتقدم لهم خدمات متنوعة، وهي تتمتع بعلاقة مع الفرد والعائلة والشركة في الوقت نفسه. فهي اذن تملك رؤية 360 درجة عن العميل، وكما لاحظنا في مناطق أخرى، هذه ميزة مهمة في نشاط إدارة الثّروات وتقديم المشورة الاستثمارية، كما إن لدى هذه المصارف ميزة الحجم والقدرة على الوصول الى مصادر التمويل المحلية وهذا ما يمكن استغلاله في تطوير نشاط إدارة الثّروات. كان الوضع شبيهاً في سنغافورة من حيث هيمنة المصارف العالمية على سوق إدارة الثّروات لكن المصارف المحلية طورت قدراتها وأصبح بامكانها المنافسة والحصول على حصتها من السّوق.
الجيل الجديد يحاول المواءمة بين الاستثمار والقيم
تركز المصارف حالياً على ظاهرة انتقال الثّروات إلى جيل جديد في المنطقة. وتقدر الآن الثّروات المرشحة للانتقال بنحو تريليون دولار خلال السّنوات الخمس المقبلة، ماذا يعني هذا الانتقال بالنسبة للمصارف والمؤسسات النّاشطة في إدارة الثّروات في المنطقة؟ وهل ستختلف تطلعات الجيل الجديد الاستثمارية عن سابقه؟
أولًا، هناك تغير في مزيج المنتجات الّتي تعرضها المصارف على عملائها من أصحاب الثّروات. هناك اهتمام متزايد بأنواع جديدة من الأصول منها الاستثمارات البديلة والأسواق الخاصة (Private Markets). والمصارف تبني قدراتها على هذا الأساس. إن تقديم المشورة الاستثمارية للعملاء في مجال الأسواق الخاصة يتطلب قدرات محددة كما إن هناك اختلافاً في نوع المنصات المطلوبة لتقديم هذه المشورة وإدارة اداء المحافظ.
هناك تأقلم في منظومة ادارة الثروات لاستيعاب هذا التحول. ثانياً، هناك تغيير في طريقة وذهنية الاستثمار. تاريخياً، كانت استراتيجية الاستثمار تميل إلى التّركيز على الأفق المتوسطة والطويلة الأجل. أما الآن، أصبح من المهم إيجاد توازن بين الآجال القصيرة والمتوسطة والطويلة وتوفير محفظة متوازنة تجمع بين هذه الأصول المختلفة ومراقبة تقلباتها وأدائها. وثالثاً، هناك تحول في طريقة تقديم الخدمات لصالح الأقنية الرقمية. نجد أن المزيد من العملاء من أصحاب الثّروات لا يحتاجون الى الالتقاء بمدراء العلاقة كل أسبوعين أو ثلاثة مثلاً. وبالنسبة للمنطقة، نرى اهتماماً متزايداً من الجيل الجديد بالصيرفة الإسلامية لمحاولة المواءمة بين الاستثمار والقيم.
هل يمكن القول إن الجيل الجديد من أصحاب الثّروات في المنطقة لديه نظرة مختلفة إلى الاستثمار والمخاطر من خلال الاستثمار في أصول جديدة؟ وكيف يمكن للمصارف التّعامل مع هذا التّحول؟
هناك تغير مهم يتطلب تحولاً في الطريقة الّتي تتعامل فيها المصارف مع عملائها من أصحاب الثّروات وتقدم لهم المشورة الاستثمارية. هناك ضرورة لاعادة هيكلة العمليات والإجراءات الدّاخلية لتساعد على تلبية متطلبات الجيل الجديد.
ماذا عن دور المكاتب العائلية الّتي يشهد عددها تكاثراً في المنطقة؟
المكاتب العائلية هي عامل جيد في مجال الثّروات وانتقالها. إنها طريقة جيدة وفعالة للبنوك لتركيز جهودها في التّعامل مع أصحاب الثّروات. ونحن نرى زيادة كبيرة في عدد المكاتب العائلية في المنطقة ولاسيما في الإمارات العربية المتحدة. وعند تأسيس مكاتب عائلية في اي مركز ما يتطلع أصحاب الثّروات إلى عوامل عدة مثل نمط المعيشة والبنية التنظيمية والكلفة وتوافر أصحاب الكفاءات والخبرة.
هل يسهل تواجد المكاتب العائلية من مهمة المصارف في خدمة عملائها من أصحاب الثّروات؟
في تعاملها مع المكاتب العائلية تواجه المصارف أشخاصاً محترفين في عملهم، وهذا ما يحتّم عليها توفير أفضل الخبراء والمختصين في إدارة العلاقات وتقديم المشورة الاستثمارية وغيرها في المجالات الّتي تكون منظومة إدارة الثّروات مثل تخطيط انتقال الثّروات والإدارة والمشورة الضريبية وغيرها. هناك تفاوت بين المكاتب العائلية من حيث مستوى الخبرات والكفاءات كما إن بعضها يدير المهام المرتبطة بالاستثمار كافة ويحتاجون إلى التّعامل مع مدراء الأصول أكثر منه مع مدراء الثّروات.