رؤية استراتيجية لوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في السودان

  • 2024-01-04
  • 15:18

رؤية استراتيجية لوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في السودان

كتب المدير التنفيذي لمركز مأمون بحيري في الخرطوم البروفيسور مكي مدني الشبلي تقريراً تحت عنوان "رؤية استراتيجية لوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في السودان"، حدّد فيه إطاراً عملياً حول كيفية معالجة الصراع ووقف الاقتتال العسكري الدائر بين الجيش السوداني من جهة وقوات الدعم السريع والميليشيات العسكرية من جهة أخرى.

ويشير الشبلي في تقريره إلى أن الحرب المدمرة التي اندلعت في الخرطوم في نيسان/أبريل 2023 أدّت إلى كارثة وطنية انداحت آثارها الاقتصادية والاجتماعية لبقية الولايات السودانية ودول الجوار الإفريقي والعربي، لافتاً النظر إلى أن الاقتتال الطاحن ألقى بظلام قاتم على الفترة الانتقالية المتعثرة التي كابدها السودان بعد نجاح ثورة كانون الأول/ديسمبر في إسقاط حكم الإنقاذ الشمولي في نيسان/أبريل 2019، منوّها بأن الحرب الكارثية التي استعرت منتصف نيسان/أبريل 2023 أتت لتضيف أعباء واستحقاقات متراكمة على الفترة الانتقالية السابقة وذلك في ظل فشل هذه الفترة في تحقيق استحقاقات السلام والانتعاش الاقتصادي وتهيئة البيئة المؤدية لانتخابات حرة ونزيهة.

وسلّط الضوء على خطة متقدمة لوقف إطلاق النار ووضع حدّ لتراكم الآثار الوخيمة للصراعات الهدّامة التي لازمت السودان طيلة الخمسين سنة الماضية، والمضي قدماً في مسيرة إعادة إعمار البلاد ووضع أسس للسلام بين المتصارعين وتحقيق الأهداف السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة انتقالية محددة، بالتزامن مع بسط الأمن بمساندة إقليمية ودولية، وذلك بهدف مساعدة الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين على تصور وتنظيم وتحديد أولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة انتقالية رصينة محددة الوقت والمهام المسندة والاختصاصات.

وأشار إلى أن هذا الإطار الواقعي يرمي إلى المساعدة في تحديد أوجه القصور والثغرات التي شابت فترة الانتقال السابقة، لافتاً الانتباه إلى أنه يمهّد الطريق لانتقال حقيقي يراعي التسلسل والتدرّج في تنفيذ المهام المؤدية للحكم المدني والتحول الديمقراطي المستدام بعيداً عن الاشتهاء الجامع والتشاؤم المستكين. ويرى أنه تحقيقاً لهذه الغايات المأمولة، ينطوي إطار وقف إطلاق النار والإعمار على عملية تخطيط استراتيجي واقعي يحدد أولويات الانتقال ويقسّم المهام المسندة بشكل منسّق بين الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية بما يضمن تفادي الانتكاسات والإخفاقات التي لازمت فترة الانتقال السابقة.

ويوضح الشبلي أن إطار وقف إطلاق النار وإعمار السودان ينطوي على 3 مراحل تشمل التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن، وترسيخ التحوّل والانتقال، وتمكين القدرات المحلية لتحقيق الاستدامة، مشيراً إلى أن كل مرحلة تستند الى 4 ركائز تتمثل ببسط الأمن، العدالة الانتقالية والوئام الاجتماعي، الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي، والحوكمة والتشاركية.

وحدّد الشلبي الفترة الانتقالية ضمن إطار العمل لوقف إطلاق النار والإعمار بالسودان بخمس سنوات، مشدداً على أنه يجب الأخذ في الحسبان بأن تكون هذه الفترة كافية للإيفاء بعقد اجتماعي بين الدولة والشعب يكسبها الشرعية المطلوبة بالترابط المتبادل المنطوي على توفير الحكومة الانتقالية للأمن والعدالة والفرص الاقتصادية، مقابل دعم الشعب لسلطة الدولة بما يمكّنها من فرض هيبتها وتعزيز فعاليتها.

ويرى الشبلي أن العقد الاجتماعي يشمل الالتزام بمبادئ الحرية والسلام والعدالة لثورة كانون الأول/ديسمبر 2018، تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو 1989 وفقاً للقانون، وقف العدائيات المصاحبة للصراع، مراجعة اتفاقية جوبا للسلام، التسريح ونزع السلاح وإعادة الإدماج، إدماج الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة في الجيش السوداني، تحقيق العدالة الانتقالية، عودة اللاجئين والنازحين، إرساء أسس الدولة المدنية الفاعلة، تحقيق الاندماج المجتمعي وإدارة العلاقات المجتمعية، توفير الوظائف للشباب، الإيفاء بحقوق المرأة، ترسيخ علاقات إقليمية ودولية ترتكز على تحقيق المكاسب المشتركة، الشروع في تحقيق الانتعاش الاقتصادي بالإضافة إلى تهيئة البيئة الصالحة لقيام انتخابات حرّة ونزيهة عقب سنوات الانتقال الخمس.

ويشدد على ضرورة قيام الحكومة الانتقالية بإيفاء العقد الاجتماعي مع الشعب وتنفيذ مهام واختصاصات محددة تستدعي تخطيطاً استراتيجياً واقعياً يحدد مراحل وأولويات الانتقال ويقسّم المهام المسندة بشكل متماسك ومنسّق مع الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية بما يضمن تفادي الانتكاسات وتجدد الصراع.

للاطلاع على التقرير:

تحميل الملف