في المغرب تشاؤم وتفاؤل من أداء الاقتصاد ... ارتفاع التضخم وتحسن في القطاع الصناعي

  • 2023-06-16
  • 19:36

في المغرب تشاؤم وتفاؤل من أداء الاقتصاد ... ارتفاع التضخم وتحسن في القطاع الصناعي

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

 

معدل تضخم مرتفع وجفاف حاد. صناعة سيارات ديناميكية وقطاع سياحة واعد. الثنائيات هذه تفسر وضعية المغرب في منتصف السنة، البعض يركز على ثنائية الجفاف والتضخم ليؤكد ان الأوضاع في المغرب خطيرة اقتصادياً واجتماعياً ومن الضروري اتخاذ سلسلة من الإجراءات العاجلة، وبعض آخر يركّز على ديناميكية قطاعي السيارات والسياحة للتأكيد على أن افاق الاقتصاد المغربي واعدة، أي أننا فعلاً في مأزق تفسير حقيقة الكأس هل هو نصف فارغ  أم نصف ممتلئ.

تحليل منحى الثنائيات السابقة يوضح المسار المستقبلي للاقتصاد المغربي في السنوات المقبلة، والتحليل يؤكد استمرارية عمل الثنائيات السابقة على اعتبار أنها تهيكل الاقتصاد المغربي منذ سنوات عدة.

ضغوط التضخم ضربت الاقتصاد المغربي بقوة في العامين الأخيرين حيث قاربت 10 في المئة، ويعتقد المتعاملون الاقتصاديون في المغرب من القطاع الخاص والعام أن مشكلة ارتفاع معدل التضخم تعدّ أكبر تحد يواجه المغرب نظراً إلى الانعكاسات الناجمة عن ارتفاع الأسعار على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

وبالنسبة إلى ارتفاع الأسعار في المغرب فإنه مسّ بالدرجة الأولى أسعار الطاقة والمواد الغذائية ما أثر على الفئات الاجتماعية الدنيا. فقد زادت أسعار المواد الغذائية بطريقة غير مسبوقة، وصلت الى 20 في المئة للمرة الأولى منذ سنوات عدة، وتعود هذه الزيادة التي تركزت في أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، في الأساس الى عوامل خارجية على اعتبار أن 40 في المئة من المواد الغذائية المستهلكة محلياً مصدرها الاستيراد. وما زاد من حدة مشكلة ارتفاع الأسعار موجة الجفاف التي ضربت المنطقة المغاربية، وهي موجة لم تشهدها المنطقة منذ أكثر من ثلاثين سنة. فقد نجم عن موجة الجفاف وشح المياه في المغرب، تراجع القيمة المضافة الزراعية بنحو 15,3 في المئة في سنة واحدة مع انخفاض أداء القطاع الزراعي، بنحو 2 في المئة، علماً أن القطاع الزراعي يمثل 16,5 في المئة من الناتج الداخلي الخام في المغرب.

هذه الوضعية اثرت حتماً على أداء الاقتصاد المغربي بصورة عامة. ويظهر ذلك من خلال التراجع المستمر لاحتياطات الصرف والتي هبطت من 35 مليار دولار الى 31 مليار دولار مع اتجاه المديونية الخارجية إلى الارتفاع والتي تمثل 50,4 في المئة من الناتج الداخلي الخام.

ولكن على الرغم من التضخم والجفاف، فإن الاقتصاد المغربي يعرف إشارات خضراء كبيرة تمنح السلطات المغربية فرصة كبيرة للتفاؤل بأداء الاقتصاد في السنوات القليلة المقبلة. ويتعلق الأمر هنا بأداء قطاع صناعة السيارات وقطاع السياحة، واللذين يعرفان ديناميكية نمو واضحة مرشحة للاستمرار بقوة، فعلى سبيل المثال، عرف قطاع السياحة في المغرب نمواً سريعاً في اقل من سنة منذ نهاية الأزمة الصحية (أزمة كورونا). ويقدر هذا النمو بـ 150 في المئة ما ساهم بصورة كبيرة في تحسين وضعية ميزان المدفوعات التي سجلت اهتزازات من جراء ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار المواد الغذائية.

في الجهة المقابلة، سجل أداء القطاع الصناعي، خصوصاً قطاع صناعة السيارات، نقلة نوعية في المغرب في السنوات الأخيرة الى درجة أن المغرب أصبح طرفاً فاعلاً في صناعة السيارات في العالم.

ويعدّ تصدير السيارات البند الثاني في الميزان التجاري المغربي بقيمة اجمالية تبلغ 9.5 مليارات دولار، ويهدف المغرب للوصول الى تصدير ما يقارب مليوني سيارة في الأفق المنظور بحسب وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، علماً أن تحقيق المغرب لهدف مليوني سيارة يدخل المملكة المغربية في مصاف الدول الرائدة في مجال صناعة السيارات في العالم.

وخلاصة القول، إن التضخم والجفاف يعدّان من العوامل التي تثقل كاهل الاقتصاد المغربي وتجعله باهتاً، ولكن النظر الى أداء الاقتصاد المغربي من هذه الزاوية يخفي حقيقة الديناميكية العامة لقطاعي السياحة وصناعة السيارات، والتي تقلل في المحصلة من آثار الجفاف والتضخم.