بين شمس فيينا وغضب بايدن... برميل النفط الى أكثر من 100 دولار

  • 2022-10-06
  • 13:00

بين شمس فيينا وغضب بايدن... برميل النفط الى أكثر من 100 دولار

  • أحمد عياش

سارع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التعبير عن الغضب حيال قرار موافقة مجموعة "أوبك+" على المزيد من التشديد على إمدادات الخام العالمية باتفاق لخفض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يومياً، ووصفه بأنه قرار "قصير النظر"، فهل هو كذلك؟

من الناحية السياسية، يبدو غضب الرئيس الأميركي مفهوماً. فهو وضع نصب عينيّه هدف خفض سعر النفط الذي بلغ مستوى 120 دولاراً للبرميل، لأسباب ذات صلة بالانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الشهر المقبل، قبل أن يعود هذا السعر فيهوي إلى ما دون الـ90 دولاراً. لكن هذا الهبوط في سعر البرميل، وصل إلى نهايته على ما يبدو بعد قرار مجموعة منتجي النفط بعد اجتماعهم الأخير في فيينا حضورياً حيث وافق وزراء الطاقة في "أوبك بلس" على خفض الانتاج في اجتماع استمر 30 دقيقة.

لكن، وعلى الرغم من أن حذف مليونيّ برميل يومياً من الإنتاج، يمثل انخفاضاً كبيراً، فإن التأثير الفعلي على الإمدادات العالمية على الأرض، وفق قراءة "رويترز"، سيكون أقلّ لأن العديد من أعضاء المجموعة يضخّون بالفعل أقل بكثير من حصصهم الرسمية، لكن هذا قد لا يكون كافياً لتهدئة أسواق النفط في الأيام المقبلة.

وأول ردود فعل الأسواق على هذا التطور النفطي كان في آسيا. فغداة اجتماع فيينا، ارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" في التعاملات المبكرة 46 سنتاً أو 0.5 في المئة إلى 93.83 دولار للبرميل، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 45 أو 0.5 في المئة إلى 88.21 دولار للبرميل.

كيف ظهرت الصورة على ضفتيّ "أوبك بلس" وواشنطن؟

على الضفة الاولى قالت مجموعة "أوبك بلس"، إن التخفيضات - التي تعادل نحو 2 في المئة من المعروض العالمي - جاءت استجابة لارتفاع أسعار الفائدة في الغرب وضعف الاقتصاد العالمي.

أما على ضفة البيت الأبيض، فقال إنه سيتشاور مع الكونغرس في شأن مسارات إضافية للحدّ من سيطرة الكارتل على أسعار الطاقة في إشارة على ما يبدو إلى تشريع قد يعرض أعضاء المجموعة لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار.

بين هاتيّن الضفتيّن المتعارضتيّن، أطلّ موقف هادئ عبّر عنه الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، فقال إن أسعار النفط ارتفعت أقل بكثير من سلع الطاقة الأخرى مثل الغاز والفحم على مدار الفترة الماضية، مشيراً إلى هدف ورسالة "أوبك" التي تتطلع الى استقرار السوق ودفع الاقتصاد العالمي. وقال: "ما نقوم به ضروري لكل الدول المصدرة للنفط وحتى الدول التي خارج منظمة أوبك بلس... سنواصل الإيفاء بالتزاماتنا تجاه الأسواق"، مضيفاً أن "أوبك بلس تجاوزت الأحداث الكارثية في العالم".
ورد وزير الطاقة السعودي على سؤال صحافي حول ما إذا كانت المجموعة تستخدم الطاقة سلاحاً، عبر اتفاق خفض الإنتاج، فقال: "أرني أين العمل العدواني"؟
وأنتهى وزير الطاقة السعودي وهو يبتسم الى توجيه "نصيحة" الى الحشد الإعلامي الذي تقاطر الى العاصمة النمساوية لتغطية اجتماع المجموعة: "أنصحكم بالاستمتاع بالشمس... سيكون يوماً مشمساً وسيبقى كذلك".

ومن شمس فيينا إلى غيوم واشنطن حيث أعدّ تيموثي غاردنر تقريراً تحت عنوان" ما هو NOPEC، مشروع القانون الأميركي للضغط على مجموعة النفط أوبك بلس؟"، فقال :"برز تشريع أميركي قد يفتح أعضاء مجموعة أوبك+ المنتجة للنفط أمام دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار كأداة محتملة لمعالجة ارتفاع أسعار الوقود بعد أن قالت المنظمة إنها ستخفض الإنتاج على الرغم من ضغوط إدارة بايدن. ويهدف مشروع قانون عدم إنتاج وتصدير النفط (NOPEC)، الذي أقرته لجنة مجلس الشيوخ 17-4 في 5 أيار/مايو الماضي، إلى حماية المستهلكين والشركات الأميركية من طفرات النفط الهندسية.

لكن بعض المحللين يحذرون من أن تنفيذه قد يكون له أيضاً بعض العواقب الخطيرة. وقال هؤلاء "إن (نوبك) قد تؤدي إلى ردّ فعل سلبي غير مقصود، بما في ذلك احتمال أن تتخذ دول أخرى إجراءات مماثلة بشأن الولايات المتحدة لحجبها الإنتاج الزراعي لدعم الزراعة المحلية، على سبيل المثال. وقال مارك فينلي، وهو زميل في الطاقة والنفط العالمي في معهد "بيكر" في جامعة رايس ومحلل سابق ومدير في وكالة الاستخبارات المركزية، في أيار/مايو عندما جرى تقديم مشروع القانون:" إنها دائماً فكرة سيئة أن تضع سياسة عندما تكون غاضبا".

في المقابل، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي: "قرار أوبك بلس تقني وليس سياسي". بدوره، أعرب وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، عن أمل بلاده في أن يسهم قرار "أوبك+" بخفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يومياً في تحقيق "استقرار الأسواق العالمية ودعم أسعار النفط الخام".

ويرفض المحللون السعوديون توصيف البيت الابيض لقرار "أوبك بلس"، مرددين تصريحات مسؤولين من دول المجموعة بأن التخفيضات تمت لأسباب فنية بحتة. وقال علي الشهابي، المحلل السعودي: "إنه بالتأكيد ليس عملاً عدائياً معادياً لبايدن". وأضاف: "لا علاقة له ببايدن. إنه الحفاظ على السعر في نطاق مقبول". وقال الشهابي إن النفط أساسي جداً للاقتصاد السعودي ولخطط وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان لدرجة أن ضمان بقاء السلعة مربحة يفوق المخاوف الأخرى. وقال "إنهم يحاولون فقط الحفاظ على شريان حياتهم الاقتصادي"، هذا هو شريان الحياة في المملكة، وكل شيء يعتمد عليه في المملكة".

بعيداً عن الجدل، يرى شريف سند الرئيس التنفيذي لمجموعة "CPT" للخدمات المالية، أن "قرار أوبك بلس بخفض الإنتاج يعتمد على مجموعة من المعطيات المالية والاقتصادية العالمية، وحتى الآن وقبل كل شيء هي معطيات جيوسياسية!".
وعن مستوى الأسعار المتوقع خلال الفترة المقبلة، أوضح سند أنه "في حين أن المؤسسات المالية الكبرى تتوقع أن يكون سعر النفط عند مستوى 75 - 80 دولاراً للبرميل، فإن قرار أوبك قد يدفع الأسعار للأعلى إلى مستوى 90 - 110 دولارات للبرميل، خصوصاً مع أزمة الطاقة الحالية".

وتوقعت "فيتول" لتجارة الطاقة أن يقترب برنت من 100 دولار في نهاية العام. وقال كريس بيك، عضو اللجنة التنفيذية لشركة فيتول ورئيس مجلس إدارة (في تي تي آي)، أمس، إنه يتوقع أن يقترب سعر خام برنت من 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام، وأضاف أن القيمة السوقية لخام برنت تتراوح ما بين 80 و100 دولار للبرميل.

على قاعدة "روما من فوق وروما من تحت"، أوردت "وول ستريت جورنال نيوز" تقريراً حصرياً أفاد ان إدارة بايدن تتجه لخفض العقوبات المفروضة على نظام الرئيس نيكولاس مادورو والسماح لشركة شيفرون الاميركية باستئناف ضخ النفط هناك.

وعلى الرغم من ذلك، قالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إنه إذا تم تمرير الصفقة وسمح لشركة شيفرون، إلى جانب شركات الخدمات النفطية الأميركية، بالعمل في فنزويلا مرة أخرى، فإنها لن تضع سوى كمية محدودة من النفط الجديد في السوق العالمية على المدى القصير، وكانت فنزويلا ذات يوم منتجاً رئيسياً للنفط، حيث ضخت أكثر من 3.2 ملايين برميل يومياً خلال تسعينات القرن الماضي.

هل بدأ العالم ينزل من على شجرة السياسة فيتعاطى اقتصادياً عندما يكون الامر اقتصادياً، كما هو النفط اليوم؟

ما جرى في فيينا أخيراً، يشير الى مثل هذا النزول، والذي سيكون أوضح في المرحلة القريبة المقبلة.