الشراكة الصناعية بين مصر والامارات والأردن: هل تكون نواة لطريق حرير عربي؟

  • 2022-06-03
  • 06:00

الشراكة الصناعية بين مصر والامارات والأردن: هل تكون نواة لطريق حرير عربي؟

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

في خطوة من شأنها أن تكون نواةً لتحقيق تكامل اقتصادي عربي إقليمي، أعلنت كل من مصر والأردن والإمارات، عن مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية من خلال إطلاق الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، لمواصلة استكشاف الفرص والاستثمار في المجالات الحيوية ذات الاهتمام الاستراتيجي المشترك للدول الثلاث.

وبحسب ما جاء في الإعلان الخاص عن هذه الخطوة في مؤتمر عقد أواخر أيار/مايو في أبوظبي، تتركز الشراكة على الاستثمار في 5 قطاعات صناعية تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة والأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات، لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التكامل الصناعي وتكامل سلاسل القيمة بين الأردن والإمارات ومصر.

وتتعزز هذه الشراكة من خلال الإفادة من المزايا الصناعية في الدول الثلاث، وتطوير مجالاتها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة والتي تشمل النمو المستدام، وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، إلى جانب توفير سلاسل توريد مضمونة ومرنة وتعزيز نمو سلاسل القيمة والتجارة وتكاملها بين الدول الثلاث.

كما تعدّ هذه الشراكة منصة للتعاون المستقبلي وترتكز على تعزيز الانفتاح وتطوير الصناعة وتبادل المنافع الاقتصادية، وتبادل الخبرات، وتعد أساساً لإقامة المشاريع الصناعية الكبيرة المشتركة، مما يساهم في توفير فرص العمل وتعزيز نمو الناتج المحلي وتنويع الاقتصاد وتحقيق نمو قوي في الصادرات.

وتشكّل الدول الثلاث 26 في المئة من عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يزيد عدد سكانها على 122 مليون نسمة 49 في المئة منهم في مرحلة الشباب مما يعني وجود سوق كبيرة وأيد عاملة فتية، كما تتميّز هذه الدول بوجود بنية تحتية لوجيستية متطورة تشمل المطارات والموانئ وممرات النقل الاستراتيجية كما في شبكة النقل العالمية في دولة الإمارات، ومثل قناة السويس في مصر، وميناء العقبة في الأردن، بالإضافة إلى توفر حلول التمويل الذكي ووجود شركات وطنية ذات قدرات متميزة في مجالات التركيز الأساسية للشراكة. وتتميز مصر العربية بقوتها البشرية وتطور صناعتها، فيما يتميز الأردن بموقعه الجغرافي واستقراره الأمني والنقدي وكوادره المؤهلة تقنياً وفنياً، كما تتمتع الإمارات العربية المتحدة بانفتاحها نحو العالم وقدراتها المالية. وهذه المزايا مهمة في سدّ احتياجات أسواق الدول الثلاث عند تكاملها، وتصير هذه التكاملية حاجة ملحة في ظل الظروف الحالية التي تفرض مبدأ الانعزالية الحمائية التجارية، في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا، وأزمات سلاسل الإمدادات.

إقرأ:

شراكة صناعية تكاملية بين الإمارات ومصر والأردن

ولأن دولة الإمارات تعي أهمية توفير السيولة النقدية لكل من الأردن ومصر، اللتين تضررتا من التبعات المالية السلبية لجائحة كورونا، فكان الإعلان عن تخصيص 100 مليار دولار في القطاع الصناعي، ليمثل أهم خطة تعاف في البلدين.

ومن شأن المبادرة في حال نجاحها أن تكون نواة لاتحاد جمركي مستقبلي، في سوق مشتركة تركز على الميزات النسبية لاقتصاد كل دولة، كما من شأن نجاحها بناء نموذج اقتصادي ملهم لاقتصادات أخرى، قد تجد لها حيّزاً في هذه الشراكة، لبناء طريق حرير عربي ممتد، وقادر على تحقيق الازدهار الاقتصادي المشترك.

وتفتح الشراكة الصناعية الإماراتية المصرية الأردنية بوابة للتعاون الاقتصادي، على الصعيد الصناعي، نحو انطلاقة تنموية جديدة وآفاق مستقبلية في القطاع الصناعي المدعوم بالتكنولوجيا المتقدمة، حيث تشكل القدرة المجمعة للدول الثلاث نحو 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بنحو 765 مليار دولار حسب إحصاءات البنك الدولي في العام 2019، تمثل 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمثل 21 في المئة من القطاع الصناعي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما تحظى الكتلة التجارية للدول الثلاث بالمرتبة 14 من حيث قيمة الصادرات مع العالم، بقيمة 419 مليار دولار، والواردات بواقع 380 مليار دولار، وهو ما يحمل فرصاً كبيرة للصناعات التكاملية.

وتتسم كل دولة بمزايا فريدة مؤهلة للتكامل مع الدول الثانية، من خلال الصناعات الإنتاجية التحويلية، والصناعات الأولية التكاملية، على أساس توفر قائمة من الفرص على مستوى سلسلة القيمة المتكاملة، حيث تمتلك الإمارات مصادر طاقة ومنتجات منخفضة الكربون، وقدرات لوجيستية، وبنية تحتية متطورة، ولديها ايضاً مجمع متكامل للبتروكيماويات، وتعدّ ضمن أكبر خمسة مصدرين ومنتجين للألمنيوم على مستوى العالم، بالإضافة إلى كونها أبرز منتجي الكبريت في العالم.

أما مصر فلديها سوق محلي وقاعدة صناعية كبيرة، وتتسم بتوفر المعادن والمواد الخام، والعمالة الماهرة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي للتجارة، كما تعدّ مصر دولة منتجة للأسمدة النيتروجينيةـ وللأمونيا، والفوسفات.

أما الأردن فلديه صناعة أدوية متقدمة، وتتوفر فيه المعادن والمواد الخام، كما تتوفر العمالة الماهرة، ولديه اتفاقات التجارة الحرة مع الدول الغربية، وهي منتجة للبوتاس والفوسفات.

أهداف استراتيجية

وتقوم الشراكة الصناعية على 5 أهداف استراتيجية، وهي تأمين سلسلة التوريد، والاكتفاء الذاتي، وتوطين الصناعة وتكامل سلاسل القيمة، ودعم وتعزيز الصناعات المتكاملة ذات القيمة المضافة، ودعم التنمية الاقتصادية والتنويع الاقتصادي وخلق فرص عمل، والتنمية الاقتصادية المستدامة، من أجل تحقيق الغايات الاقتصادية لهذه الدول نهاية المطاف.

أرقام ودلالات

وتتسم الدول الثلاث بوجود إمكانات كبيرة جداً، بحسب أرقام وإحصاءات البنك الدولي، وقاعدة البيانات الإحصائية لتجارة السلع الأساسية بالأمم المتحدة، وأسواق الاستثمار الأجنبي المباشر، والمنتدى الاقتصادي العالمي، وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، حيث تبلغ قيمة مساهمة القطاع الصناعي 85 مليار دولار في الدول الثلاث، فيما يبلغ إجمالي الصادرات الصناعية 55 مليار دولار، ويبلغ إجمالي صادرات الدول الثلاث إلى دول العالم 419 مليار دولار، فيما تبلغ واردات الدول الثلاث من العالم 380 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في المشاريع الجديدة بين عامي 2016 و 2020 من باقي دول العالم في الإمارات ومصر والأردن 148 مليار دولار، ويبلغ إجمالي التجارة بين الدول الثلاث 6 مليارات دولار، كما تتميز بشبكة نقل متطورة جداً، حيث شبكة الموانئ الإماراتية البحرية والبرية والجوية، ومنها على سبيل المثال ميناء جبل علي الأول عالمياً من حيث الحجم وتدفق التجارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسعة مكافئة لـ19.3 مليون حاوية. وعلى مستوى الأردن، هناك محطة حاويات العقبة التي تتمركز في موقع استراتيجي على مفترق طرق 3 قارات و5 دول، وعلى مستوى مصر يشار إلى قناة السويس التي يتدفق عبرها 13 في المئة من التجارة العالمية.

التكامل في مجالات الزراعة والغذاء والأسمدة

وضمن قائمة الفرص على مستوى سلسلة القيمة المتكاملة، تمتلك الدول الثلاث مزايا مهمة في مجال الزراعة والغذاء والأسمدة، حيث يمكن الاستفادة من الأراضي الزراعية المتاحة، والمواد الخام الأولية، والزراعية والمواد الأساسية للأسمدة ومصانع تصنيع الأغذية، بالإضافة إلى الحلول المبتكرة للتوسع في إنتاج المنتجات الزراعية والأغذية المصنعةـ على صعيد إنتاج الحبوب، الإنتاج حيواني، إنتاج الأغذية المصنعة، إنتاج الأسمدة، تغليف الأطعمة، والتطبيقات الزراعية (الأغشية الأرضية، والأغشية الزراعية)، كما إن قائمة الفرص المتاحة على مستوى سلسلة القيمة المتكاملة، تشمل الصخور المعدنية، والكبريت، والأمونيا والبوتاس والفوسفات، والتوسع في إنتاج الأسمدة، والتوسع في انتاج الحبوب، والتوسع في الانتاج الحيواني وتربية الأحياء المائية، والتوسع في أنشطة تصنيع الأغذية من خلال الاستفادة من المواد الأولية المحلية، وتعبئة الأغذية وتغليف التوسع في أنشطة تغليف الأغذية بالاستفادة من المواد الأولية للبلاستيك.

التكامل في قطاع الأدوية

ووفقاً للشراكة بين هذه الدول وقائمة الفرص على مستوى سلسلة القيمة المتكاملة، فإنه يمكن الاستفادة من المدخلات الكيماوية والقدرات التصنيعية والخدمات اللوجيستية الحديثة والعمالة الماهرة وإمكانية الوصول الى السوق العالمية لتوسيع نطاق إنتاج الأدوية البديلة والمكونات الفعالة - مواد الحشو والمستلزمات الطبية، على صعيد انتاج الأدوية البديلة، تغليف المستلزمات الطبية، تصنيع المكونات الفعالة للأدوية API-مواد الحشو، والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى تعبئة المواد الطبية وتغليفها، والاستفادة من المواد الأولية للبلاستيك في تعبئة المواد الطبية، والاستفادة من البولي إيثيلين والبوليبروبيلين والخبرات في مجال الصناعات الدوائية مع أهمية التوسع في تصنيع الادوية البديلة في مصر والاردن والامارات، والتوسع في أنشطة تعبئة وتغليف المواد الطبية من خلال الاستفادة من المواد البلاستيكية. وتبلغ قيمة المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي (2019) 5 مليارات دولار، ويبلغ إجمالي مبيعات المنتجات الدوائية 9.6 مليارات دولار نحو 30 في المئة للأدوية العامة (2021)، ويبلغ إجمالي المراكز المتخصصة في الصناعات الدوائية 200 مركز ومصنع وشركة وفقاً لأرقام 2022.

التكامل في قطاع الكيماويات

ويعدّ قطاع الكيماويات أحد مجالات التكامل، من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المنخفضة الكربون ومجمعات البتروكيماويات ومشتقاتها لتنمية قطاعات التحويل، التركيب وتوفير المواد الخام الأولية في القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والأسمدة والمنسوجات والأدوية، والاستثمار المواد الأولية الكيماوية (البوليبروبيلين، البولي إيثيلين، والبولييورثان، وإنتاج رماد الصودا، وإعادة التدوير الميكانيكي، وتركيب البلاستيك، وصناعة الألياف البصرية، وإنتاج بطاريات الفاناديوم والليثيوم، وإنتاج الاطارات).

التكامل في قطاع المعادن

كما يعدّ قطاع المعادن أحد مجالات التكامل، للإستفادة من المعادن والموارد المعدنية والطاقة التنافسية المستدامة والتكنولوجيات الرائدة، لتعزيز المنتجات النهائية ذات القيمة المضافة، وذلك من خلال إنتاج السيليكا للزجاج، وإنتاج الألمنيوم، وإنتاج السيليكا للألواح الكهروضوئية والرقائق الدقيقة، والتعامل مع خردة الحديد، والتنقيب عن الذهب وإنتاج المجوهرات، وقطع غيار المركبات.