العالم يفكر كيف يواجه 150 دولاراً لبرميل النفط قريباً

  • 2022-03-26
  • 09:37

العالم يفكر كيف يواجه 150 دولاراً لبرميل النفط قريباً

  • أحمد عياش

بات سعر برميل النفط هذه الأيام بمثابة بارومتر لقياس حرارة الأحوال، ليس الاقتصادية، وإنما أيضاً الأحوال السياسية والأمنية على المستوى العالمي. ففيما لا تزال أسعار النفط تتأرجح، وسط آمال التوصل إلى اتفاق مع إيران ومشاكل الإمدادات لا تزال قائمة، برزت أحدث التوقعات بصعود الخام إلى 150 دولاراً للبرميل في صيف هذا العام. وفي الوقت نفسه، ما زالت الحرب في اوكرانيا التي دخلت شهرها الثاني، محرّكاً رئيسياً للتوترات في الأسواق على مختلف الصعد.

في آخر تطورات أسعار الخام، كتب موحي نارايان من نيودلهي لـ "رويترز"، إن أسعار الخام مرّت بتعاملات متقلبة يوم الخميس في 24 آذار/ مارس، مع تقييم المستثمرين لاحتمال وجود إمدادات جديدة في الأسواق الضيقة.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 15 سنتاً، أو 0.12 في المئة، إلى 121.45 دولار للبرميل، بعد انخفاضها بأكثر من دولار واحد في وقت سابق من الجلسة، وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 75 سنتاً أو 0.65 في المئة إلى 114.18 دولار للبرميل، بعد أن فقدت أكثر من دولارين في وقت سابق.

وكانت أسواق النفط قد قفزت بأكثر من 5 في المئة يوم الأربعاء في 23 آذار/ مارس بعد تقارير تفيد بأن صادرات النفط الخام من محطة كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين في كازاخستان (CPC) قد توقفت تماماً بعد أضرار العاصفة، وقالت موسكو إن إمدادات النفط قد تتوقف لمدة شهرين.

ويعدّ كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين واحداً من أكبر خطوط أنابيب شحن النفط الخام في العالم، ويصل كازاخستان بالأسواق العالمية.

وفي الوقت نفسه، انخفضت المخزونات في الولايات المتحدة بمقدار 2.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، في حين انخفضت مخزونات الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي بمقدار 4.2 ملايين برميل، وفقاً لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، لكن إنتاج النفط الأميركي ظلّ ثابتاً عند 11.6 مليون برميل يومياً، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة.

في موازاة ذلك، قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن الولايات المتحدة وحلفاءها أحرزوا تقدماً في المحادثات النووية الإيرانية لكن القضايا التي تعيق الاتفاق لا تزال قائمة، بينما قالت شركة جيه بي سي إنرجي الاستشارية في مذكرة إن "رفع قيود التصدير الإيرانية سيساعد في تخفيف الضيق الهائل السائد في أسواق الخام في الوقت الحالي"، وأضافت المذكرة أن إيران تستعد بالفعل لزيادة الصادرات، وأفادت تقارير بأن شركة التكرير الحكومية "نيوك" (الايرانية) بدأت في التواصل مع العملاء الرئيسيين السابقين في الهند وكوريا الجنوبية.

لكن هل يمكن للبدائل الجاري التفتيش عنها الآن، ان تحل مكان امدادات الطاقة من روسيا التي يعاقبها الغرب جراء غزوها أوكرانيا؟

يجيب على هذا السؤال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، فيحذر من أن أسواق النفط والغاز الطبيعي العالمية قد تنهار في حالة فرض عقوبات على الطاقة الروسية، وقال إن زيادة أسعار الطاقة لن تكون متوقعة. وفي حديثه أمام مجلس النواب الروسي قال نوفاك أيضاً إن فرض حظر على مشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي تقوده روسيا ويصل إلى ألمانيا يعكس "حماقة وعدم تقدير لتوازنات الطاقة، وسيؤجج التضخم". ولفت نوفاك الانتباه، الى أن مخزونات النفط العالمية تتراجع، في حين من المتوقع أن يشهد الطلب العالمي على الخام زيادة قدرها 4 ملايين برميل يومياً هذا العام، مضيفاً أن مجموعة أوبك بلس تعمل وفق الجدول الزمني المقرر. وقال إن النفط الروسي الذي حظرته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة جرى تحويله إلى أسواق أخرى.

بدوره، قال المستشار أولاف شولتس، إن مقاطعة النفط والغاز الروسيين ستكون لها عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة في ألمانيا وبقية أوروبا. واعترف شولتس بأن ألمانيا أصبحت تعتمد على روسيا في الحصول على طاقتها، وتعهد بإنهاء اعتمادها عليها في أسرع وقت ممكن، لكنه قال: "إن القيام بذلك من يوم إلى آخر يعني إغراق بلدنا وكل أوروبا في الركود"، وأضاف: "مئات الآلاف من الوظائف ستكون في خطر". وكان شولتس يتحدث أمام قاعة البوندستاغ، الهيئة التشريعية الألمانية.

في المقابل، وتحت عنوان" لماذا لا تزال أوروبا تشتري النفط من بوتين؟" كتب أوليغ أوستنكو المستشار الاقتصادي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في النيويورك تايمز يقول: "إن أفضل طريقة لوقف آلة بوتين الحربية تتلخص في قطع تدفقاته اليومية من العملة الصعبة. وأفضل طريقة للقيام بذلك هي أن تتوقف أوروبا عن تسليم الأموال النقدية للنفط والغاز الروسيين".

وفي سياق متصل، وتحت عنوان "لا أحد يعرف حقاً ما هو التالي للنفط الروسي"، كتب أليكس كيماني في موقع "أويل برايس" الالكتروني: "لقد مرّ شهر واحد بالضبط منذ غزو روسيا لأوكرانيا، ولا تزال أسواق النفط متقلبة كما كانت دائماً مع القليل من الوضوح حول كيفية تأثير العقوبات المباشرة والذاتية على إنتاج الخام الروسي وكذلك الطلب العالمي على النفط". وأضاف: "لا يبدو أن خبراء السوق يتفقون على مسار أسعار النفط، حيث تكشف وكالات الطاقة الرئيسية عن اختلافات كبيرة في وجهات النظر حول إنتاج النفط الروسي".

وقال: "بينما تعدّ أوبك+ وإدارة معلومات الطاقة الأميركية الأكثر تفاؤلاً بشأن توقعات الخام الروسي، تبدو وكالة الطاقة الدولية وستاندرد تشارترد أقل تفاؤلاً. فقد أتت أحدث التوقعات من هيئة مراقبة الطاقة في الوكالة، والتي تتخذ من باريس مقراً لها، لتحذّر من صدمة محتملة في إمدادات النفط العالمية، حيث من المرجح أن يتم إغلاق نحو 3 ملايين برميل يومياً من إنتاج النفط الروسي الشهر المقبل".

وسط هذه المؤشرات المتعاكسة، توقع الرئيس المشارك لتداولات النفط في مؤسسة ترافيغورا العالمية لتجارة السلع، صعود الخام إلى 150 دولاراً للبرميل في صيف هذا العام، وأن الخسارة الإجمالية في النفط الروسي ستصبح أكثر وضوحاً في نيسان ابريل المقبل. وأبلغ بن لوكوك قمة فايننشال تايمز العالمية للسلع الأولية، كما أوردت صحيفة الشرق الأوسط، قائلاً: "أظن أنكم سترون 150 دولاراً للبرميل هذا الصيف".

قد يبدو رقم الـ 150 دولاراً لبرميل النفط، سعراً مفزعاً في الوقت الحاضر، ومن البديهي ان هذا الصعود غير المسبوق في سعر هذه السلعة سيؤدي الى نتائج تطال الكثير من السلع، ما سيؤثر على الاقتصادات العالمية من دون تمييز، مع الاخذ في الاعتبار، اقتصادات الدول الفقيرة في قارات أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وعليه، لا بدّ لمن بيدهم القرار على المستوى الدولي إيجاد ظروف تعيد التوازن في الاسواق بما فيها الطاقة، لكن، تبقى "اليد على القلب"، كما يقال، من استمرار رياح الازمات بالهبوب بما لا تشتهي سفن الاسعار، بما فيها سعر برميل البترول.