125 دولاراً لبرميل النفط في العام 2022 فليستعد العالم!

  • 2022-01-13
  • 19:02

125 دولاراً لبرميل النفط في العام 2022 فليستعد العالم!

  • أحمد عياش

 

في وقت كان البنك الدولي، يحذّر في أحدث تقاريره من تباطؤ النمو في الاقتصاد الدولي في بداية العام 2022، بسبب استمرار وباء أوميكرون، كانت معطيات الاسواق وتقارير المختصين، تشير الى ان قطاع الطاقة التقليدي، ولاسيما النفط، سيكون اول القطاعات الاقتصادية التي قد خرجت سالمة من فترة الاختبار التي بدأت مع تصاعد الوباء وتأثيره على مجمل النشاط على المستوى الدولي.

هل هناك لغز وراء هذا التطور المفاجئ المرتقب في اسعار النفط، بعدما كانت الاشهر الاخيرة من العام الماضي، قد مهدت الحديث عن سعر 100 دولار للبرميل؟

في اعتقاد محللين لوكالة "رويترز"، فإن أسعار النفط ستواصل ارتفاعها بعد أن قفزت 50 في المئة في 2021، قائلين إن نقص الطاقة الإنتاجية ومحدودية الاستثمار في القطاع، قد يرفعان سعر الخام ليتجاوز 100 دولار للبرميل. وعلى الرغم من أن المتحور أوميكرون من فيروس كورونا، دفع أعداد الإصابات إلى مستويات أعلى بكثير مما وصلت إليه في العام الماضي، إلا ان المحللين يرون أن أسعار النفط ستظل مدعومة بإحجام العديد من الحكومات عن اللجوء إلى إعادة فرض الإجراءات الصارمة التي عطلت الاقتصاد العالمي عندما تفشى الفيروس في 2020.

وفي هذا السياق، يقول جيفري هالي كبير محللي الأسواق في أواندا: "على افتراض أن الصين لن تشهد تباطؤاً حاداً، عندئذ يكون أوميكرون فعلياً قد انتهى. ومع قدرة أوبك بلس على زيادة الإنتاج التي من الواضح أنها محدودة، لا أرى ما يمنع ارتفاع خام برنت صوب 100 دولار للبرميل، ربما في وقت أقرب".

بدوره، قال بنك جيه بي مورجان إنه يتوقع انخفاض القدرة الاحتياطية لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حتى العام 2022، ما يدفع إلى ارتفاع أسعار النفط، وقد توقع ان يصل ارتفاع أسعار النفط إلى 125 دولاراً للبرميل هذا العام، و150 دولاراً للبرميل في العام 2023. وقال البنك " اننا نرى اعترافاً متزايداً بالسوق لنقص الاستثمار العالمي في العرض".

ما يسقط فرضية اللغز، هو وصول أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في شهرين منتصف هذا الاسبوع بسبب تراجع المعروض من هذه السلعة مع انخفاض مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك في العالم، إلى أدنى مستوياتها منذ العام 2018.

ويبتعد التحليل عند جيفري كوري، الرئيس العالمي لأبحاث السلع الأساسية في جولدمان ساكس، عندما كرر دعوته السابقة قائلاً: "إننا في الجولات الأولى من دورة السلع الخارقة Super Sycle  التي تمتد عقداً من الزمان".

في المقابل، قال البنك الدولي يوم الثلاثاء الماضي، إنه من المتوقع أن تتباطأ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي في العام 2022، مع اصطدام موجات جديدة من الوباء بارتفاع الأسعار وتشابك سلاسل التوريد، مما يحدّ من زخم الانتعاش في العام الماضي.

ويؤكد هذا التوقع، الطبيعة العنيدة لأزمة الصحة العامة، التي تؤدي إلى اتساع نطاق عدم المساواة في جميع أنحاء العالم. ويلحق الوباء خسائر فادحة بالبلدان النامية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ضعف البنية التحتية للرعاية الصحية وانخفاض معدلات التطعيم. وكتب ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي في مقدمة التقرير ان "ازمة كوفيد-19 قضت على سنوات من التقدم في الحد من الفقر"، "ومع تقلص الحيز المالي للحكومة، عانت أسر كثيرة في البلدان النامية من خسائر فادحة في العمالة والكسب - وكانت النساء والعمال غير المهرة وغير النظاميين الأكثر تضررا".

ومن المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي إلى 4.1 في المئة هذا العام، من 5.5 في المئة في العام 2021، وفقاً للبنك الدولي، ومن المتوقع أن يكون الناتج أضعف، ومن المرجح أن يكون التضخم أكثر سخونة مما كان يعتقد من قبل.

وقال البنك الدولي إن معدلات النمو في معظم الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية خارج شرق آسيا والمحيط الهادئ ستعود إلى مستوياتها السابقة للإصابة، ولا تزال أقل مما هو مطلوب لتعويض الخسائر خلال العامين الأولين من الوباء، وسيكون التباطؤ في هذه المناطق أكثر فجائية مما ستعاني منه الاقتصادات المتقدمة، في حين انه من المتوقع أن يكون النمو في أكبر اقتصادين في العالم، وهما الولايات المتحدة والصين، معتدلاً إلى حد كبير.

كيف يقرأ منتجو النفط هذه التحولات؟ يقول وزير الطاقة السعودي، إن الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة أمر معقد ويحتاج العالم إلى أن يكون مرناً لتجنب التضحية بأمن الطاقة، وأعلن الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود في مؤتمر للتعدين في المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، إن المملكة تعتزم استخدام مواردها الهائلة من اليورانيوم لتطوير برنامج للطاقة النووية، واوضح الوزير أنه لا يزال قلقاً بشأن انتقال الطاقة وأنه يجب التفكير فيه بعناية.

موقف مماثل، لما اعلنه وزير الطاقة السعودي، أدلت به  إيزابيل شنابل العضو المؤثر في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، وهذا الموقف يطرح منظوراً مختلفاً للتحول إلى الاقتصاد الأخضر باعتباره أمراً مطلوباً؛ لكن من المحتمل أن يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم.

وبحسب خبيرة الاقتصاد الألمانية شنابل، فإن "التضخم الأخضر" الناتج عن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، واقع ملموس ومستمر وليس مؤقتاً، وقد يصبح الأمر أسوأ، مضيفة خلال مشاركتها في اجتماع عبر الإنترنت للبنك المركزي الأوروبي أن البنك سيكون مطالباً بالتعامل مع هذا التضخم.

ويقول المحلل الاقتصادي خافيير بلاس، المتخصص في متابعة أسواق الطاقة والمواد الخام، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ، إن تصريحات شنابل تشير إلى إعادة تفكير صنّاع السياسات النقدية في العالم بشأن الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وهذا التحول في التغيير بدأ يظهر في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنه لم يصل حتى الآن إلى أوروبا.

ماذا يستفاد مما سلف؟ إن أفضل مقاربة لهذه التحولات المثيرة في أسعار برميل النفط، هو العودة الى المثل المعروف" روما من فوق ليست كروما من تحت". بمعنى، ان النظرة المرتجاة الى الحصول على ما يجري وصفه بـ "الطاقة النظيفة"، هي حالياً تمثل الشطر الاول من المثل، أي "روما من فوق"،  لكن الشطر التالي، أي "روما من تحت" ، فيقودنا الى العالم الحقيقي، حيث ازدياد الطلب على النفط بما يتجاوز المعروض من هذا السلعة.

مرة أخرى يبتسم "الحظ" إذا جاز التعبير، لمنتجي النفط. وهل من "حظ" أهم من سعر 125 دولاراً للبرميل هذه السنة، ليصبح 150 دولاراً سعر البرميل في السنة المقبلة، كما يقول بنك جيه بي مورجان، وأن يكون عقد العشرينات من هذا القرن Super Sycle للسلع الأساسية وفق جولدمان ساكس؟